Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
مربع التفجير الأمريكي في فينّا والزومبيات الأمريكية تفجّر باريس .. بقلم: المحامي محمد احمد الروسان
دام برس : دام برس | مربع التفجير الأمريكي في فينّا والزومبيات الأمريكية تفجّر باريس .. بقلم: المحامي محمد احمد الروسان

دام برس:

منهجية التحليل السياسي تقضي بضرورة تفكيك المركب وتركيب المفكك، لا بل تفكيك المشهد الدولي والإقليمي والمحلي إلى أجزاء، ودراسة كل جزء لوحده على حدا،  لغايات فهمه بالعمق المطلوب، قبل إعادة تركيب الصورة من جديد، بناءً على ما تعطيه الأجزاء من ارتباطات وتقاطعات وتباينات اتجاه المشهد العام.

فبين الواجب الأوروبي الأخلاقي وواقع السلوك السياسي والأمني الأوروبي هوّة وبون شاسع لا يعرف أحد كيف يمكن ردمها حتّى اللحظة في العالم، ويبقى السؤال الكبير والضخم أمام منظومات الأمن الأوروبية ومجتمعات استخبارات القارة العجوز: هل هناك استراتيجية أوروبية في الشرق الأوسط؟ هل لدى أوروبا قناعة أن أمريكا تسعى الى تفجيرها لأعادى صياغتها من جديد؟.

مثلاً قد تكون الهجمات الإرهابية الحديثة في فرنسا، والتي قبلها في شارل أيبدو وغيرها تشكّل، مرحلة تحوّل مفصلية على صعيد العلاقات الدولية، لم تنته تداعياتها بعد، ومآلاتها وعقابيلها وقد طبعتها الخطابات الهوياتيّة، ولا يمكن نفي واقع أن من أول تداعيات الهجوم في باريس إثباته صحة المخاوف من وصول تهديد(الجهاديين)إلى قلب أوروبا، بعد فترة من الحراك الغربي المبهم إزاء انتشارهم في الشرق الأوسط. لكن، في المقابل، فإن الاعتداء على(مسرح باتكلان والأستاد الرياضي وقبلهما في شارل ايبدو وغيرها)لا ينفي أنه يستبطن إشكاليات فرنسية داخلية من المفترض ألا تغيب، اذاً نحن بصدد أوّل نموذج حي لعودة الإرهاب المدخل إلى الداخل السوري إلى موطنه الأصلي حيث يضرب بالنار، انّها الهجرة المعاكسة الآن، وعلى فرنسا أن تنحو نحو معالجات أمنية وسياسية جديّة، وهذا يعني تغيراً جذريّاً في موقفها من مجمل الأزمات في المنطقة أو الاندفاع هروباً نحو الأمام بعيداً عن مصالحها، وهاهي باريس مع كل أسف تدفع ثمناً باهظاً لسياساتها إزاء الشرق الأوسط، إن لجهة ليبيا، وان لجهة سورية، وان لجهة إيران، وان لجهة لبنان، ماذا سيقول أولاند وفابيوس الآن؟.

المحور الأمريكي في المنطقة والعالم، مصر بشكل هيستيري على تشكيل مجموعات عسكرية، قد تطيل من أمد الصراع مع الأرهاب المدخل والمصنّع والمدعوم في سورية والعراق وليبيا وفي الداخل السيناوي المصري(صحراء سيناء)وفي المنطقة ككل، بدلاً من تقصيره ومحاربته واحتوائه، حيث الأهداف تتموضع لأستنزاف الدولة الوطنية السورية وحلفائها، تمهيداً لأنهيار النظام واسقاط الرئيس بشّار الأسد، واستنزاف وارهاق الروسي في الداخل السوري، وتغيير الهندسة الأجتماعية للشرق الأوسط.

لذلك نلحظ أنّه ثمة ولادات قيصرية من الخاصرة لمجموعات ميليشياوية عسكرية جديدة، وتحت عنوان محاربة الأرهاب ومقاتلة يأجوج ومأجوج العصر، نازيوا القرن الحادي والعشرين، دواعش البلدربيرغ الأمريكي، ان في سورية، وان في العراق، وان في ليبيا، وان في صحراء سيناء، وان في أي ساحة أخرى، سواء كانت ضعيفة أو قوية في المنطقة، بعد أن يصار الى التمهيد والتهيئة عبر استراتيجيات الذئاب المنفردة لغايات التسخين، والبحث عن سلّة أدوات، وان لم توجد يصار الى خلقها أو تخليقها.

وأحسب أنّ النفق السوري صار معتماً أكثر من أي مرحلة ووقت مضت ومضى، فبعد قوات سورية الديمقراطية والتي تحدثت عنها بالتفصيل في تحليلي السابق(الكرد آخر الأوراق الأمريكية في الداخل السوري، وثمة ضلوع أمريكي في حادثة الطائرة الروسية)قبل أيام مضت، الى جيش سورية الجديد، الى انشاء مجلس عسكري في تركيا لكل الميليشيات العسكرية الأرهابية العاملة في الداخل السوري كمدخلات، واطلاق يد تركيا في الداخل السوري كما تقول المعلومات. خاصةً وأنّ جيش سورية الجديد هو نتاجات جماعة الأخوان المسلمين في الداخل السوري والداخل التركي ومن بعض الساحات، وهو محاولة أخرى لأعادة انتاج ما يسمّى بالجيش الحر بمسمّى جديد في الجنوب السوري لمواكبة قوّات سورية الديمقراطية في الشمال السوري والشمال الشرقي ودائماً وأبداً تحت عنوان محاربة عصابة داعش وما تفرع ويتفرع وسيتفرع عنها. ولو ربطنا العبارة السابقة ذكرها قبل قليل، مع ما قاله الكولونيل ستيف وارن عن تغير سياسة بلاده ازاء قوات الحماية الكردية، بأنّه لا مساعدات عسكرية لحزب الأتحاد الديمقراطي، وأنّ هذه المساعدات العسكرية الأمريكية بعد الآن الى المعارضات العربية السورية، وليس لقوّات الحماية الكردية، فهل نحن بصدد عنوان جديد: الى الجنوب السوري در؟!

جيش سورية الجديد كمنتج مستحدث، هو مشروع قديم جديد، حديث حافظ عليه الأمريكان الى جانب برنامج البنتاغون الفاشل لتدريب المعارضة المعتدلة، والأخيرة بمثابة غطاء سياسي للأرهاب في الداخل السوري والمنطقة ككل، ليصار الى نقل عدواها(المعارضة المعتدلة كشيفرة) بالمعنى الأستراتيجي لاحقاً، لدول الجوار السوري والتي شاركت وتشارك وستشارك، كل بحسب طاقته وجهده ومدى تورطه، كي يتم تغير الهندسة الأجتماعية والديمغرافية لخلايا وعروق مجتمعاتنا العربية الأسلامية.

ويبدو أنّ المعطى السياسي الآن صار مواتياً لتصدير هذا المنتج(جيش سورية الجديد)أو تظهيره للعلن، ليصار الى صرفه مع زميله في الشمال السوري والشمال الشرقي(قوّات سورية الديمقراطية)في فينّا وعلى طاولة المفاوضات، في ظل تقارب تركي أمريكي تكتيكي لا استراتيجي في الداخل السوري لحين، ومن المحتمل أن يتحالف هذا المنتج الأخواني الجديد مع قوّات البيشمركة الكردية في سورية المدعومة من مسعود البرازاني أبو مصطفى صديق حليفه الرئيس طيب أردوغان، حيث هندسة هذا الأحتمال تجري على قدم وساق خاصةً بعد دخول الكرد سنجار في العراق وخروج عصابة داعش منها(أعتقد أنّه خروج متفق عليه مع الأمريكان ذاتهم بعيداً، عن البروبوغندا وهالتها).

آواخر عام 2013 م وبدايات عام 2014 م بحثنا في استراتيجية تركيا في دعمها لجبهة النصرة، فرع القاعدة السوري في شمال الوطن السوري للقضاء على جبهة(ثوّار سورية)، بزعامة الأرهابي جمال معروف رجل الرياض ورفيق العلّوش زهران الرجل الآخر، ثم توالدت الأحداث والتطورات، الى أن أعلنت جبهة الأصالة والتنمية وهي تنظيم اخواني سوري صدّرت البيان الأول معلنةً ولادة جيش سورية الجديد.

هنا نفهم ونستوعب أنّ قول جون كيري الأخير: أنّ العملية السياسية السورية في فينا ولاحقاً مربوطة بمدى ما يجري على الميدان السوري، بأنّه يأتي ويتماشى بسياقات قوات سورية الديمقراطية وجيش سورية الجديد، كاجراء اسعافي في الربع الساعة الأخيرة، ومرة أخرى هل نحن بصد العنونه لاحقاً في تحليل : الى الجنوب السوري در؟!.

بلا شك أنّ الأمريكان يستخدمون أردوغان وحزبه وحكومته ليلبي مصالح الولايات المتحدة في الصراع الأقليمي، كونهم يرونه المنافس القوي لمصر ومكانتها، والمقابل الموضوعي لأيران في معادلات الصراع الدولي والأقليمي، حيث أنّه وبعد الفعل العسكري الروسي في سورية ودخول المنطقة في دهاليز المجهول، عملت واشنطن دي سي على اعادة انتاج أردوغان وحزبه انتخابياً كمنافس لمصر ومقابل موضوعي لأيران، مع توجيه ضربة مزدوجة لمصر وروسيّا بأبعاد ثلاثية سياسية وأمنية واقتصادية، عبر اسقاط طائرة الركاب الروسية عبر ذئب داعشي منفرد من أبنائها في الداخل المصري، لأعادة ضبط وصياغة الموقف المصري من قضايا الأقليم، وتحديداً في الحرب على سورية وبعد انضمام القاهرة لمجموعة الأتصال الدولية.

ففي أي سياق يجيء تصريح الجنرال جون ألن منسق السلطات الأمريكية لمكافحة الأرهاب المزعوم مع التحالف الذي تقوده واشنطن عندما يقول: أنّ أخطر الأرهابيون هم الذين يقاتلون في صفوف داعش في سيناء وليبيا؟ أرى أنّه يجيء في سياق استراتيجيات بديلة لواشنطن، ولكن في سياق التسعير لدعم عروق الأرهاب في المنطقة وضخ دماء جديدة فيها، لمزيد من مصفوفات الزومبيات الأرهابية، ومزيد من ولادات قيصرية من الخاصرة، لميليشياوية مصفوفة ارهابية كاملة لتغيير الهندسة الأجتماعية للمنطقة، فهل تعوا ذلك يا قادة العرب ويا نخب عربية كما تزعم؟!.

اذاً تعمل واشنطن ليس فقط على عرقلة المسار السياسي في فينا، لا بل وعلى تفجير فينّا، انّه انقلاباً أسوداً على برنامج العمل المقرر وعبر مربع التفجير(الأمريكي القطري الفرنسي التركي)لمحاصرة الروسي سياسيّاً ودبلوماسيّاً، ومنع موسكو من فرض ايقاع وشروط الحل في سورية، بل عملت الواشنطن على استفزاز الفدرالية الروسية بدعوة بولندا وفلنندا، وجعلت اليابان تطلب الحضور، وهي دول لا تشكل أي جزئية من مجموعة الأتصال المتفق عليها حول سورية، حيث تسعى الى التوسع وعبر مدخل التقسيم للدول الى أساسي يقرر وفرعي يشارك دون ان يقرر، الى سلةّ تموضعات استراتيجية لتمييع المسار السياسي حول سورية وتشتيت قدرة الروس ودبلوماسيتهم السياسية الأستخباراتية التفاوضية لضبط المفاوضات، ومنع الصيصان التفاوضية البعض عربية من الأعاقات، في الوصول الى المشتركات الأممية لوضع سورية على سكة الحل السياسي.

فهل صعاليك جيش الفتح الذي تديره تركيا، وبلطجية جيش الأسلام بزعامة الأرهابي زهران علوش رجل السعودية العربية في سورية، ونازيو أحرار الشام طالبان سورية التي تديرها قطر، هم من سيجلسون على طاولة المفاوضات في فينا مقابلاً موضوعياً لوفد الدولة الوطنية السورية يا بعض بعض بعض عربنا؟ وهل ثمة روابط موضوعية بين تطورات الميدان السوري واستثمارات الجيش السوري وحلفائه في الميدان لعمليات الطيران الحربي الروسي من الجو، ثم تفجير برج البراجنه في الضاحية الجنوبية من بيروت، والخروج المتفق عليه لداعش من سنجار في العراق بحجة فعل البيشمركة العسكري المسند من الأمريكان جوّاً وعلاقات كل ذلك بفينا 3؟!.

ترى واشنطن أنّ الحل السياسي في سورية يكمن في التوصل إلى تفاهمات بشأن سلاح حزب الله في لبنان، تفاهمات حول الحشد الشعبي في العراق والمراد استبداله أمريكيّاً بالحرس الوطني كمقدمة لتقسيم العراق، وهيكلة الدور الإيراني في المنطقة، والتفاهم على حدود ونفوذ ومصالح روسيّا، وهذا ما تدركه الأخيرة، كما تدرك أيضاً أنّ أمريكا تريد الانتصار في سورية لمحاصرتها ومحاصرة صعود الصين، ونفوذ إيران المهدد بصورة وأخرى لوجود المسخ الكياني "إسرائيل".

ومن يقول أنّ الأمريكان يقلقون لتمدد الإرهاب هو ساذج، كون واشنطن هي من توظف الإرهاب وإنتاجه، لتحقيق استراتيجياتها المتوحشة، وخاصة استراتيجيه الاستدارة نحو أسيا( إيران وروسيّا والصين)، وكذلك في الشروع في البدء بتطبيق استراتيجية الثيران الهائجة التي طبقها بوش الأبن في العراق، ولكن بنسختها الأوروبية في الداخل الأوروبي، ومشروع الحروب الناعمة بالوكالة لن ينتهي حالياً، وأمام الجماعات الإرهابية مستقبل مشرق وواعد، كما تريد من خلال دعمها وانتاجها لزومبيات الأرهاب تفجير أوروبا من الداخل، وضرب هياكل الأمن القومي الأوروبي واطلاق رصاصة الرحمة على القارة العجوز، لأعادة صياغتها من جديد، وما تفجيرات باريس(الأستاد الرياضي ومسرح باتكلان)الاّ خطوة صغيرة أمام سلّة الأهداف الأمريكية الأستراتيجية لشطب أوروبا، بعد الفشل الأمريكي في ضرب أقوى الأقتصاديات الأوروبية عبر الأزمة الأوكرانية، وتوريط ألمانيا بعروقها لأستنزافها اقتصادياً لبرلين.

تحدثت وخلال خمس سنوات وما زلت، عن سلّة مشاريع استخباراتية أمريكية بلدربيرغيّة، فمن مشروع داربا الأستخباري، إلى مشروع أوميغا والفرقة سيلز في الداخل السوري، الى مشروع هارب الأستخباري سلاح الطقس.

حال البعض منّا ليس أسوأ من معظم علماء الأركولوجيا المنوطة بهم مهمة دراسة آثار المجتمعات الإنسانية الغابرة وتراثها الحضاري والثقافي، ولكن يبقى المغفّلون والسذّج منهم أقلّ ضرراً وخطراً من الأشقياء الدهاة المأجورين أو المتحيزين الذين يصنعون متاهات التاريخ والجغرافيا.

نعم العرب كثبان بشرية على غرار الكثبان الرملية تتقيأ المال مثلما تتقيأ الدم والطعام، وأمريكا صارت ضرورة شيطانية لبعض العرب، والغرب كان يعلم أنّ ذلك الوحش الأيديولوجي القاعدة وداعش يترعرع في دورتنا الدموية، وعملوا على برمجته إلى اللحظة المناسبة التي تدق فيها ساعة الانفجار، وعندما تبعثر السوريون الطبيعيون تبعثر العرب معهم، والأمريكان تسكنهم قعقعة المصالح بينما العرب تسكنهم قعقعة الغرائز، ولا أحد يستطيع أن يغسل تلك الخطيئة التي تدعى العرب، والخلاف بين العربان حول تقاسم الجثث والموتى فقط.

تدرك روسيّا أنّ من يسيطر على سورية، يسيطر على الممر الإستراتيجي لجلّ الشرق الأوسط، وبالتالي يتحكم ويسيطر على كلّ أوراسيا العظمى وأسيا الوسطى، حيث الصراع في سورية وعلى سورية، هو صراع على الشرق وما بعد الشرق كلّه وقلبه سورية بنسقها السياسي وموردها البشري وديكتاتورية جغرافيتها، والفدرالية الروسية وبكين بجانب طهران وجلّ دول البريكس تدرك ذلك جيداً.

إنّ لمفاعيل وتفاعلات الحدث السوري، إن لجهة العرضي منه، وان لجهة الرأسي منه، تداعيات عديدة عابرة ليس فقط لدول الجوار الإقليمي، بل للقارات التي تشكل المعمورة ككل، وبالرغم من عمق(سلال ومراوح)الأرهاب المدخل الى الداخل السوري، وما تتعرض له من غزو أجنبي، وان كان الأخير في جزء منه بلبوس محلي أو عربي، ومرور وقتاً طويلاً على اندلاع شراراتها، فانّ النسق السياسي السوري ما زال متماسك، إن لجهة التماسك المؤسساتي الدولاتي للجيش، وقوى المخابرات والأمن الداخلي، وان لجهة تماسك الكتلة البشرية في دمشق، وهذا وفّر له القدرة الأكثر والأكبر والأقدر والأفعل، لجهة الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة، ولجهة ضبط التفاعلات الداخلية وآثارها أيضا.

وأزيد من ذلك انّ الجيش العربي السوري بجانب دمشق يسيطر على حمص وحماه والساحل السوري والسويداء والحسكة والقامشلي وها هو يستعيد المزيد والمزيد من المناطق، ومطار كويرس العسكري ليس ولن يكون آخرها، وكما قلنا في التحليل السابق: فالميدان العسكري السوري يتشكل ضمن مسار تراكمي لمصلحة الجيش العربي السوري، فالعملية العسكرية عملية تراكمية، وتقريباً حوالي 78% من المواطنيين السوريين يعيشون في هذه المناطق والمواصلات متوفرة بين بعضها البعض، ويمكن لنا أن نسميها(بسورية المفيدة)على أهمية كل الجغرافيا السورية بالنسبة للجيش والدولة الوطنية السورية وقيادتها، بل كل حبة تراب وحبة حصى تعادل أرتال من التبر بالنسبة للنسق السياسي السوري.

وان كانت المناطق التي تسيطر عليها النصرة وداعش تزيد بمجموعها عن المساحة التي يسيطر عليها الجيش السوري، لكنها عبارة عن جزر متفرقة بفعل سياسات تقطيع الأوصال التي تنتهجها نواة الجيش العربي السوري العقائدي، لمنع هذه المجموعات الأرهابية المسلّحة من جمع ووصل مناطق سيطرتها. لكنّ المصفوفة الأرهابية(بزعامة داعش)المدخلة والمصنّعة بفعل الطرف الثالث(البعض العربي والبعض الغربي)بالحدث السوري وبشكل استثنائي، استطاعت مؤخراً بسبب الدعم الأمريكي لها والوكلاء من البعض العربي والغربي والإسناد التركي، من كسر هذه السياسات من خلال سيطرتها كانجاز ظرفي آني على(تدمر)سيدة الصحراء وأجمل النساء، وعلى مطار أبو الظهور العسكري، وكذلك على معبر(التنف)وربط مناطق سيطرتها وخاصة سيطرة داعش بين العراق وسورية من جهة، ومناطق سيطرته داخل سورية من جهة أخرى، في حين تنظيم جبهة النصرة الأرهابي مناطق سيطرته متباعدة، له جزيرة في الجنوب، وأخرى في الشمال، وجزيرتها في القلمون السوري فقد تآكلت مؤخراً بفعل المقاومة الأسلامية في لبنان، وفعل عمليات الجيش العربي السوري كاستثمارات للفعل العسكري الروسي.

اذاً باختصار: الجيش العربي السوري ينهج سياسات تقطيع الأوصال أو(تجزير)مناطق سيطرة الأرهاب المدخل الى الداخل السوري من دول جواره، ونواة الجيش السوري والمقاومة تدركان جيداً أن خوض جميع المعارك وضد جميع الأطراف في الوقت ذاته، هو بمثابة انتحار عسكري أو على الأقل تبديد المجهود الحربي.

معركة القلمون السوري الجارية ومنذ أشهر، من شأنها تغير موازين القوى الدولية والأقليمية، بعكس ادلب على أهمية الأخيرة، كونها شكّلت منصة لشن حرب نفسية ضخمة على السوريين في الساحل السوري وسهل الغاب، عبر ايهامهم بأنّ الهجوم على مدنهم بات قاب قوسين أو أدنى، فالقلمون هو الحدود البريّة الأخيرة مع دول الجوار السوري، وصلة وصل بين العاصمة دمشق وحمص وحماه وصولاً للساحل السوري، ومهم جداً للمقاومة في لبنان وعلاقاتها مع الجيش السوري، وما ينطوي عليه ذلك من أبعاد اقليمية كبيرة حيث السلاح يمر منه ومن مسارات أخرى.

كذلك معركة الزبداني الحالية، والتي بات الحسم العسكري فيها قاب قوسين أو ادني لصالح الجيش العربي السوري وحزب الله، تعد إضافة إستراتيجية منجزة كنصر ميداني، تمهّد للمعركة القادمة في درعا وريفها في مرمى أهداف الجيش السوري وحزب الله والمقاومات الشعبوية السورية، إنّها أمّ المعارك مع السفله الأرهابيين من نصرة ودواعش وبقايا جيش حر على الحدود الأردنية، يراد انتاجه كجيش حر معتدل من جديد بمسمّى ومعطى سياسي حديث، عبر جيش سورية الجديد ليجلس في فينا ويفاوض(لم ننسى أبو صقّار آكل الكبود عندما انتزع كبد الجندي السوري بعد قتله ومضغه).

إذاً الجيش السوري وحزب الله قرّروا دخول تلك المناطق التي يسيطروا عليها الإرهابيون حيث لهم خطوط امداد مفتوحة، حيث يرغب الجيش السوري خوضها بعمق الآن، وصحيح أنّه من شأن ذلك ادخال الجيش في معارك استنزاف طويلة المدى لكنها معركة الضرورة الآن، لتمهد لحالة ضغط متفاقم مع حسم هذه المعارك بموجب تسويات إقليمية ودولية تقضي بقطع خطوط الأمداد عن الفصائل المصنفة ارهابية دوليّاً، وهذه رسائل عسكرية أيضاً للإسرائيلي، أننا بصدد فتح جبهة الجولان السوري وقريباً، لذلك من هنا تأتي التهدئة الإسرائيلية لموضوعة تزويد روسيّا لسورية بأسلحة نوعية كاسرة للتوازن الداخلي السوري، وبعد التدخل العسكري الروسي والفعل والمفاعيل والتفاعلات، ومن شأنها تعطيل محاولات المنع الصهيونية بتزويد حزب الله بالسلاح عبر الجغرافيا السورية، فنلاحظ أنّ المستوى العسكري في الجيش الحربي الصهيوني يرفع تقاريره للمستوى السياسي ويطلب التريث والتهدئة، ويدعو على الأقل تعظيم الأستفاده الإسرائيلية من الدخول الروسي العسكري بعمق بجانب الجيش السوري لمحاربة الإرهاب كون معظم جنرالات الجيش الصهيوني من أصول روسية، وهناك خطوط ساخنة مفتوحة مع موسكو هنا، وفي هذه الجزئية بالذات الخيارات مفتوحة وبكافة الاتجاهات، بما فيها إفشال الطلبات الأسرائلية القادمة، عبر المكون العسكري الإسرائيلي ذو الأصول الروسية، حيث الإفشال سيكون روسيّاً وبامتياز.

ولا يبدو أنّه ثمة تسويات اقليمية ودولية لتغلق الحدود من الجانب الأردني رغم النصف الأستدارة الأردنية نحو دمشق بمساعدة الروسي، والتي ينقلب عليها الجميع الآن، في مشهد سريالي عميق نتائجه كارثية على الأردن، ان نجح الأنقلاب الأمريكي السعودي على نصف الأستدارة الأردنية، والتي صارت كما يبدو في مهب الريح، بعد الأعلان عن جيش سورية الجديد عبر جمعية التنمية والأصالة.

وكي لا يدخل الجيش السوري في معارك استنزاف في بعض المناطق من الجغرافيا السورية(193 الف كم تقريباً)يلجأ أحياناً الى محاولة الجيش لأستنزاف خصومه من خلال الأنسحاب من مناطق معينة لخلق خطوط تماس بينهم، ولا يعني هذا أنّ انسحاب الجيش هنا يكون بالضرورة الخيار الأفضل، لكنه الخيار الذي تفرضه التطورات الميدانية والذي لا يخلو أحياناً من فائدة ترتجى(مطار أبو الظهور مثالاً).

باعتقادي وظني وتقديري، أنّ الأثر الأممي(العدوى كنتيجة)للحدث السوري، سيقود في نهاية المطاف، إلى إعادة تشكل وتشكيل جل المشهد الدولي من جديد، والى عالم متعدد الأقطاب والنهج، في حين وبعد أن أخذت عدوى الحدث السوري، طابع إقليمي وعابر للحدود السياسية المصطنعة، ولحدود جغرافيا الطبيعة والتاريخ أيضاً، في تماثل محطاته وتساوقه، لجهة الماضي وعبر حاضرها، ومستقبلها، ونستولوجياها، فانّ الأمر كلّه بحاجة إلى عمليات استقرائية شاملة وناجعة وناجزة، توفر لصانع القرار السياسي والأمني، في ساحات دول الجوار الإقليمي السوري، لجهة الضعيفة منها ولجهة القويّة على حد سواء، توفير قاعدة بيانات ومعلومات في غاية الدقة والضرورة، من أجل أن تحسن التصرف والتعامل، مع جلّ المشهد.

لاشك أنّ القوام الجيو– سياسي السوري، يمارس ويتفاعل بقوّة على مجمل، مكونات الخارطة الجيو – سياسية الشرق الأوسطية، وكما تشير معطيات التاريخ والجغرافيا، إلى أنّ تأثير العامل السوري، كعامل إقليمي حيوي في هذه المنطقة، تتطابق آليات عمله وتأثيره، مع مفهوم العامل الجغرافي الحتمي، والذي تحدث عنه جميع خبراء علم الجيويولتيك، وعلم الجغرافيا الإستراتيجية، وعلم الجغرافيا الإقليمية، وحتّى علم الجغرافيا المناخية، حيث تؤكد معطيات العلم الأخير، بأنّ الطبيعة المناخية لدول الجوار الإقليمي السوري، لن تستطيع مطلقاً الإفلات من تأثيرات العامل المناخي الدمشقي، فهل استعدت عمّان ولبنان والعراق وتركيا لذلك جيداً؟

وبناءً وتأسيساً، على معطيات وثوابت الجغرافيا السياسية- الإقليمية ومحركاتها، فانّ استمرار ما يجري في سورية بالمعنى العرضي والرأسي، سوف تكون مخرجاته بالمزيد تلو المزيد من عمليات التعبئة السلبية الفاعلة، إن لجهة لبنان، وان لجهة الأردن، وان لجهة العراق، وان لجهة ليبيا وان لجهة أنقرا نفسها لاحقاً، أضف إلى ذلك الشمال الفلسطيني المحتل – الدولة العبرية حتّى اللحظة.

ولا يختلف اثنان عاقلان وبعد كان ما كان من نتائج وتداعيات حتّى اللحظة، وعبر الحدث السوري، وما نتج عنه من خسائر جمّة لجهة الشق الديمغرافي، الإنسان السوري ومقدرات الدولة السورية المختلفة وإضعافها، ليصار إلى الاحتفاظ بخصم إقليمي واهن وضعيف(من زاوية الطرف الخارجي الثالث المتدخل في الحدث السوري)على أنّ العنف والعنف المضاد في سورية والذي تمّ صيرورته كحياة إرهابية بتعبيراتها المختلفة، قد تم الإعداد له مسبقا من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية والأمريكية، ومجتمع المخابرات الصهيوني وأدواته في الداخل الغربي والأمريكي، وبعض دواخل بعض الساحات العربية، والتي لديها الاستعداد للقبول بتنفيذ مثل هكذا رؤى سياسية دموية، لعقد نفسية عديدة لموردها البشري المتحكم والحاكم وما يترافق مع مركبات نقص متعددة له.

وكلّ ذلك قبل انطلاق فعاليات ومفاعيل ما سمّي بالربيع العربي جدلاً، والذي قد يكون فاجأ(المطابخ)الضيقة والمحصورة جداً، بأشخاص محددين في تلك الأجهزة والمشكّلة بطريقة عنقودية عنكبوتية، في تشكيل الفرق التفكيرية الخاصة بتلك الهياكل الأستخبارية. هذا وقد ظهر وبان جليّاً زيف "التطلعات الديمقراطية وحقوق الإنسان" في مواجهة الذبح بدم بارد مأفون، وإسالة حمّامات من الدم الطائفي الأثني العرقي هناك، والتي كانت نتاجات تفكير تلك "المطابخ" الموجّهه.

يعتقد الكثير من المحللين أنه، في حال سقط النسق السياسي السوري أو لم يسقط، فإنّ إقامة معسكرات للمجموعات السلفية المتطرفة في سورية و أو على حدود دول جوارها، سيكون له تداعياته المباشرة على أمن الدول المجاورة هذه، حيث يواجه العراق حالياً عمليات إرهابية ولبنان دخل على الخط بمستويات محددة، فهل على الأردن أن ينتظر حدوث توتر طائفي ومذهبي سينتقل إليه عاجلاً أم أجلاً بفعل السياسات الأمريكية الفوضويّة؟!. وبحسب خبراء في شؤون تنظيم القاعدة، فإنه ليس هناك فرق في أي مكان بالنسبة لهؤلاء الإرهابيين لنشر إرهابهم، لأن وصولهم المباشر إلى "الجنّة" مرتبط فقط بمعيار قيامهم بهذه العمليات. ودون شك يعتبر الداعمين الرئيسيين للسلفيين ولعناصر القاعدة، واستناداً على الوثائق المنتشرة على المواقع الالكترونية المختلفة، هم أهم أعداء حزب الله وأكبر الداعمين لمنافسيه في لبنان.

فهل صحيح أنّ الاستخبارات التركية تسعى إلى تفكيك الجيش اللبناني وإقامة الأمارة؟ وهل صحيح أنّ فرانسوا أولاند الرئيس الفرنسي واردوغان الرئيس التركي يدعمان حرب أهلية في لبنان؟ الصحيح والثابت أنّ الاستخبارات التركية تعمل وتسعى على تسويق جبهة النصرة ومعها السعودية، على أنّها البديل "الحمل الوديع" أو البديل "البهي" عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية المعروف إعلامياً بداعش العصابة الإجرامية، وعن تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد المغرب العربي وأسميه: بدامس، والمطلوب والمعني الآن من تنظيم دامس: استهداف الجزائر بالدرجة الأولى وكدولة إقليمية ذات احتياطات غاز ضخمه جدّاً، ولفك ارتباطها الوثيق مع الفدرالية الروسية.

حيث هناك سايكس بيكو جديدة في المنطقة وعلى حساب الأمن الإستراتيجي لتركيا، ولبنان الآن يتحول مرةً ثانيةً، إلى ساحة خصبة بالبويضات لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وجاهزة للتلقيح الطبيعي، حيث عدد الخلايا النائمة في الداخل اللبناني وخاصةً في المخيمات الفلسطينية، مع وجود قرار أممي بعدم السماح للوصول إلى الحلول السياسية للمسألة اللبنانية، من شانه أن يقود إلى مزيد من تعقيد الأمور، والدفع باتجاه زاويا ضيقة يصعب الخروج منها إلاّ بقرارات دولية وإقليمية متصلة بمستقبل خطوط العلاقات الأمريكية الإيرانية من جهة، والعلاقات الروسية الأمريكية من جهة ثانية، وبمستقبل الوضع في سورية والعراق من جهة ثالثة.

حيث هناك غطاء دولي يرعى الخطوات التي تؤسس إلى استمرار الأزمة الإقليمية، إن لجهة دعم الإرهابيين، وان لجهة دعم الأنظمة، وحيث الطرف الخارجي في المسألة اللبنانية، لا يريد انتخابات نيابية من شأن نتائجها: أن تقلب الطاولة على رؤوس أصحاب المخططات الخارجية المتصلة بإعادة رسم خريطة نفوذ ومصالح جديدة، تستند إلى الصراعات الدولية وكل ما ينجم عنها من إرباكات وتقاطعات غير محسوبة النتائج.

الطرف الخارجي فيما يجري بالمنطقة، لا يريد حلول عسكرية في الدول والساحات العربية، بل حروب استنزاف بعيدة المدى، فلا حسم للأزمة السورية، والعمل على البقاء عليها ملتهبة، كساحة كباش إقليمية ودولية حادة، ولا مقاربات سياسية وعسكرية في الداخل اللبناني، ولا ضرب للإرهاب والتطرف، ولا دعم للجيش اللبناني أمريكياً بالمعنى الحقيقي والنوعي، الذي من شأنه أن يقضي على الإرهاب المصنّع في الداخل اللبناني والمدخل إليه من الخارج، مع العرقلة الأمريكية لأي مشروع متصل بدعم الجيش اللبناني من جانب إيران، حيث المطلوب توازنات دقيقة بميزان الذهب من غير المسموح المساس بثوابتها.

كما حذر بعض المحللين السياسيين(ونحن منهم)في الدول المجاورة كالعراق والأردن وتركيا ولبنان، من قضية إقامة مناطق عازلة ومستقلة من قبل المجموعات الإرهابية و أو دول الجوار السوري، الأمر الذي سيشكل خطراً وتهديداً على الأمن القومي وحتى على السيادة الوطنية الكاملة لدول المنطقة.

إنّ الصورة التي كان من المقرر أن يرسمها الشعب السوري لبلدهم تحت عنوان الحرية والكرامة، تحولت اليوم إلى صورة مليئة بالدم والفوضى، وأجزاء كبيرة منها تنقل العدوى بالتدريج إلى دول الجوار. وقد تحول القلق من التحولات الدموية الجارية في سورية، إلى تحديات كبيرة بالنسبة للمسؤولين العرب في دول الجوار، وهم يتابعون أخر التطورات وعمليات الكر والفر في هذه المنطقة المنكوبة من العالم، وإذا لم نقل: قد أضحى هذا القلق أكثر من قلق الرئيس بشار الأسد فإنه يساويه.

تلاقح المصالح بين مختلف الأطراف في المنطقة، صارت أكثر وضوحاً في تنفيذ خطّة البطّة العرجاء أوباما، لضرب ما أنتجته واشنطن من دواعش في الداخل العراقي والداخل السوري، حيث المعارضة السورية المسلّحة تراها فرصة لإعادة ترتيب أوراقها واستعادة المناطق الشاسعة التي قضمتها داعش وبالتالي التحرك لاحقاً ضد قوات النظام السوري، في حين ينظر إقليم كوردستان إلى داعش على أنّه الجدار الأخير الذي يعيق ضم بعض المدن قبل إعلان الاستقلال كدولة بشكل كامل، لتكون إسرائيل جديدة في الشمال العراقي بديلاً عن "إسرائيل" الحالية.

وخصوم الدولة الوطنية السورية ينتظروا أن يسرّع التحالف الدولي ضد داعش بإسقاط النسق السياسي السوري، في حين حلفاء الدولة الوطنية السورية ينتظروا أن يواجه التحالف واقعاً صعباً واقفاً أمام خيار الفشل والانكسار لواشنطن ومن يدور في فلكها في المنطقة والعالم بعد الدخول العسكري الروسي المشروع، أو الذهاب إلى التنسيق مع دمشق لتغيير مناخات المنطقة، حيث التحالف يحمل فيروسات إنهاء نفسه بنفسه منذ الإعلان عنه أمريكيّاً من قبل البطّة العرجاء أوباما

الفدرالية الروسية ليست عاجزة بسبب الملف الأوكراني أو غيره من ملفات الخلافات مع واشنطن، عندما تحذّر فقط من ضرب داعش وبنفس الوقت ضرب قوّات النظام السوري، فموسكو مدركة أنّ واشنطن وحلفائها مقبلون وبقوّة على فخ عميق ومتاهات جديدة لن تخرج منها بسهولة، فسوف تمارس روسيّا سياسة الانتظار والمراقبة إلى حين ليس ببعيد، مع الاستمرار بدعم الدولة الوطنية السورية ونظامها عسكرياً ومالياً وبكل شيء، وبتدخلها العسكري في سورية والذي لا يكلفها يومياً بأكثر من خمسة ملايين من $، في حين قوات التحالف يكلفها يومياً أكثر من تسعة ملايين من $، كون مصانع السلاح الروسية مملوكة للحكومة الفدرالية، والأسلحة والذخيرة مخزونة من السابق، في حين مصانع السلاح الأمريكي لشركات خاصة متعددة الجنسيات تابعه للمجمع الصناعي الحربي الأمريكي الذي يسيطر عليه القطاع الخاص، ثم أنّ ميزانية التدخل العسكري الروسي جزء من ميزانية الدفاع الروسيّة كملحق مالي، وبالتالي لا أثر على الأقتصاد الروسي وبنيته.

يعيد الناتو توجيه نفسه نحو الحرب غير المتساوقة، كما يتم التركيز الآن على العمليات الاستخباراتية، وقد انكبَ المخططون الإستراتيجيون في الناتو وبشكل متزايد، على دراسة الأكراد والعراق وحزب الله وسورية وإيران والفلسطينيين والنسيج الديمغرافي الخليط في الأردن. وفي سيناريو الحرب الشاملة، يحضّر الناتو نفسه لأدوار عسكرية سريّة في كل من سورية وإيران(رغم توقيع الاتفاق مع طهران)ثم في الصراع العربي الإسرائيلي، والذي تم اختصاره قصداً من بعض العرب بالمسار الفلسطيني – الإسرائيلي، ضمن ما تسمى بعملية السلام في المنطقة.

هذا ويتم العمل أيضاً على زعزعة العراق بشكل أكبر، فبينما تم اختبار حلفاء إيران في دمشق، لم يتم اختبار حلفائها في العراق بعد، فبعد سورية، سوف يتحول اهتمام مجموعة الدول التي تعمل ضد سورية إلى العراق، وقد شرعوا سلفاً في تحريك العراق على أساس خطوط التماس الطائفية والسياسية، وتلعب تركيا وقطر والسعودية أدواراً هامة في تحقيق هذا الهدف، والواضح الآن هو أنّ الفروق بين المسلمين الشيعة والمسلمين السنة التي عملت واشنطن على تعميقها منذ الغزو الآنغلو – أمريكي للعراق في سنة 2003م تتفاقم الآن عبر الطائفية الكردية.

يبدو أن الكثيرين في المؤسسة السياسية الإسرائيلية الصهيونية،  يعتقدون الآن أنهم نجحوا في تحطيم "كتلة المقاومة" ومحورها، وسواء كانوا على صواب أم لا، فهذا موضوع خاضع للنقاش والتحاور والتداول، لا تزال سورية واقفة على قدميها، و "حركة الجهاد الإسلامي" الفلسطينية(التي كانت المجموعة الفلسطينية الأكثر نشاطاً في محاربتها لإسرائيل من غزة في 2012م و 2014 م)، وفصائل فلسطينية أخرى سوف تقف مع إيران حتى لو تمكنت مصر من تقييد يدي "حماس"، وهناك أيضاً حلفاء إيران في العراق، كما أن سورية ليست خط الإمداد الوحيد لإيران لتسليح حليفها حزب الله، الواضح أيضاً أن الحصار والحرب الكونية على سورية هي واجهة في الحرب السرية متعددة الأبعاد ضد إيران. ومن شأن هذا وحده أن يدفعَ الناس إلى إعادة التفكير، في تصريحات المسؤولين الأمريكيين وحلفائهم حول قلقهم على الشعب السوري على أساس من الإنسانية والديمقراطية.

هناك مرحلة إستراتيجية في حرب البنتاغون السريّة ضد طهران وعليها، حتّى وقبل الانتهاء من الملف السوري ضمن الخيارات المحدودة والمحصورة عبر التسويات السياسية الراهنة، أو مآلات نتائج تشريع الاتفاق النووي في واشنطن وطهران، لتجاوز العتبة الزمنية، بعدها الإدارة الأمريكية بطّة عرجاء في اتخاذ أي قرار، حيث تستثمر الولايات المتحدة الأمريكية بإستراتيجية الوقت وانتظار تطورات الميدان واللعب في مكونات المحور الخصم لها في المنطقة والعالم، بما فيها مكونات ديمغرافية ومفاصل الدولة الفدرالية الروسية ومكونات ديمغرافية ومفاصل الدولة الصينية.

www.roussanlegal.0pi.com

mohd_ahamd2003@yahoo.com

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz