دام برس – قصي المحمد:
منذ ما يقارب العامين ومطار كويرس العسكري واقعاً تحت الحصار من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة "داعش"، وخلال هذه المدّة تعرض المطار لعدّة هجمات شرسة التي قام بها مسلحو داعش وحاولوا وقتها إيقاع هُ تحت أيديهم وذلك من خلال الدعم الذي تلقوه من الدول المجاورة كتركيا والأردن وبالإضافة إلى دور السعودية الواضح، ولكن حامية المطار أبطال الكلية الجوية رفضوا الوقوع تحت رحمة من لا رحمة لهم وأصرّوا على البقاء، وهم اليوم من رسم أسطورة الصمود، وعندما نتحدث عن صمود مطار كويرس ليس بالأمر السهل ، حيث يقع المطار في الريف الشرقي لمدينة حلب بمنطقة دير حافر وهو كتلة بشرية عسكرية محاطة من الجهات الأربعة بمجموعات تابعة لتنظيم داعش الإرهابي بأسلحتها وعتادها، حيث بقي هذا المطار شوكة عالقة بأعناقها بعد سيطرتها على المنطقة وحاولوا كثيراً إزالتها ولكن فشلوا .
إذا أردنا الحديث عن أسباب هذا الصمود الكبير يمكن أن ندلّل على ذلك من خلال عدّة أمور هامة وإستراتيجية تعود إلى:
- طبيعة المنطقة الجغرافية التي يقع فيها المطار حيث تعتبر الأراضي في تلك المنطقة من مناطق المستصلحة حيث توجد فيها قنوات مياه كبيرة جداً تحيط بأغلب جهات المطار شكلت حاجزاً طبيعياً ردّ داعش أكثر من مرة عنه.
- طبيعة الأراضي الزراعية التي توجد في تلك المنطقة، لا يوجد فيها غابات أو أشجار كثيفة هي فقط محاصيل موسمية لا تتجاوز القمح والشعير والخضروات، حيث تصبح عملية الاستكشاف والاستطلاع سهلة جداً فمن خلال العين المجردة يمكن رؤية مسافات واضحة.
- الأبنية في تلك المنطقة (القرى المحيطة بالمطار) هي من الطين الخفيف أو الاسمنت البدائي وأغلبها طوابق أرضية فقط وقليلة جداً ذات الطابقين، فلا يمكن أن تكون قلاع لصمود وتحصن قوات داعش.
مصادر محلية أكّدت أنّ التنظيم كان يخطط ويجهز لهجمة جديدة على المطار في بداية فصل الشتاء لهذا العام مستقلاً الظروف الجوية التي يمكن أن تعرقل سير طائرات الميغ والسوخوي السورية، ولكن نمور وأسود الجيش العربي السوري لم يتركوا مجالاً لهم فكان اقتحام القرى المحيطة السريع مؤشراً كبير لفك الحصار الذي تحدث عنه كثيرون سابقاً، واليوم تحقق ذلك وأصبح المطار تحت أقدام القوات المقتحمة لتتصل بالحامية في داخله، وبقيت مخططات داعش وأذنابها تتطاير في السماء كأوراق الخريف، والآن رسم العبد رسم عبود كويرس نقاط هامة لينطلق منها الجيش إلى باقي الريف الشرقي .
تساؤلات واحتمالات ما بعد المطار ...؟؟؟
إنً وصول القوات السورية إلى "كويرس" وفكّ الحصار عن المطار يعتبر نقطة تحول كبيرة في معركة الشمال، حيث يصبح المطار قاعدة عسكرية تحدد مسير الاتجاه من جديد ... ولكن هنا يمكن لمن  يقرأ في المنطقة أن يتساءل ؟؟ هل سيكون توجه قوات الجيش العربي السوري نحو الشمال بعد التمهيد بطائرات السوخوي إلى مدينة الباب من أجل بناء قوساً عسكرياً يقسم الريف الشرقي للعودة والالتفاف على قوات داعش المتمركزة اليوم في المحطة الحرارية التي تقع شرق مدينة حلب بما يقارب الخمسة عشر كم وغرب مدينة "كويرس" ما يقارب الأربعين كيلو متر، لتصبح المنطقة الواصلة بين  كويرس والمحطة الحرارية  المتصلة بالطريق العام الذي يربط حلب – بالرقة تحت السيطرة الكاملة، ويمكن أن نقول أنه إذا إعادة الجيش السوري السيطرة على المحطة الحرارية يكون قد سهل الكثير حيث يمكن إعادة تفعيل هذه المحطة بشكل سريع وتزويد مدينة حلب بالكهرباء المطلوبة، بالإضافة إلى تزويد كل المناطق التي بسط عليها الجيش سيطرته من الريف الشرقي والجنوبي من حلب، فتصبح المنطقة الواصلة بين "كويرس" والمحطة الحرارية درعاً مرتكزاً للاتجاه واستكمال معركة الشمال والشرق، ولكن هنا يكون الجيش قد ترك جبهة الشرق مفتوحة ليعيد التنظيم تلقي دعمه وقد يعود ليشن هجمات على المطار والقرى المحيطة به كما حدث في أثريا وخناصر منذ أيام ... فالاتجاه نحو الشرق إلى مدينة دير حافر هام وضروري اليوم في هذه المرحلة .
مدينة دير حافر ... !!
مدينة دير حافر من المدن الهامة جداً التي يسيطر عليها التنظيم اليوم، حيث تقع هذه المدينة على مسافة لا تتجاوز الخمسة كيلو مترات من شرق المطار، وتعتبر هذه المدينة من المدن الهامة في المنطقة حيث يعمل أهلها بشكل عام في الزراعة، وهي المصدر الأساسي لهم وسكان المدينة جميعهم يملكون منازل في القرى المحيطة وقد أخلا أغلبهم المدينة بعد سيطرة التنظيم عليها ومنذ أسبوع لم يبقى أحداً فيها وفقاً لمصدر محلي، ومن جانب آخر تشتهر هذه المنطقة بزراعة الخضروات والحبوب فقط  وبعيدة جداً عن تواجد الغابات الأشجار الكثيفة، فلعد السيطرة على المدينة ، يمكن للجيش أن يفتح طرق دعم جديدة له من خلال الطرق التي تمتد شرق المدينة وتتصل بخط سفيرة – خناصر - أثريا، حيث يوجد طريق هام جداً واستراتيجي يقع شرق المدينة مباشرة يتصل بطريق الموازي لسكة القطار وهذا الطريق محاذي لنهر ترابي يتجه جنوباً ويستخدم هذا النهر لتصريف مياه الري في المنطقة ويتراوح عمق من 5 – 7 أمتار وبعرض 15 متراً تقريباً وهو مليء بالأعشاب والقصب، كل هذه العوامل تمهد للجيش لأن يتجه شرقاً بعد كويرس نحو دير حافر
وإن المدينة لا يوجد فيها تحصينات تحيط بها كما ذكرنا سابقاً ، بسبب لطبيعة المنطقة جغرافياً، والعامل المهم الذي يمكن أن يساعد ويسرع تقدم الجيش هو الفترة الحالية التي تكون فيها أراضي المنطقة جرداء لا يوجد فيها محاصيل تعرقل سير قوات الجيش العربي السوري بالتقدم كمحاصيل الذرة ودوار الشمس الذين تشتهر بزراعتهما المنطقة بموسم الصيف، فلا يوجد اليوم غير القمح والشعير وهو ما زال تحت الأرض.
إذاً سهولة التحرك وسهولة الاستكشاف عامل مهم في المرحلة الحالية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، بعد ذلك تصبح المرتكز الأساسي للتوجه شرقاً إلى المهدوم ومسكنه والخفسه وصولاً إلى منبج لتكون منطقة غربي الفرات كلها تحت سيطرة الجيش العربي السوري .

ما بعد دير حافر ...!!
بعد السيطرة المباشرة على مدينة دير حافر يجب الأخذ بعين الاعتبار في المنطقة أولوية التقدم المستمر للجيش على محور آخر ومهم جداً هو:
المحور  الشرقي والصحراوي الذي يكون مترافق بالامتداد بشكل موازي للأوتستراد الرئيسي حلب الرقة الذي يمر من منتصف دير حافر  نحو الشرق بالترافق مع سكة القطار التي تمر جنوب دير حافر بما يقارب 8 كم ويتجه شرقاً إلى محطة القطار (القايد) وهي نقطة هامة تعتبر مفرق طرق رباعية تربط الطريقين الرئيسيين حلب - الرقة و حمص - اثريا - الرقة ببعضهما البعض، ويجدر الإشارة إلى أنّ هذا الطريق الذي نتحدث عنه الذي يربط بين الأتوسترادين الرئيسين (حلب - الرقة و حمص - اثريا - الرقة ) يعتبر من الطرق الإستراتيجية وهو يمر من الصحراء و الذي استخدم في الآونة الأخيرة كطريق رئيسي للاتصال الريف الحلبي بحمص وتدمر نحو دمشق والذي يسيطر عليه التنظيم داعش اليوم والقرى التي توجد بالتوازي مع هذا الطريق هي قرى طينية لا يمكن أن تشكل ملجأ أو مخبأ للجماعات المسلحة.
أنّ هذا التحرك هام جداً من أجل تأمين منطقة يتراوح عرضها بداية من المدينة الى 10 كم وتمتد شرقاً إلى نقطة الارتكاز لمحطة القطار الرئيسة في منطقة القايد لتصل إلى ما يقارب 22 كم .
إن بسط الجيش سيطرته على دير حافر والقرى المحيطة بها وصولاً إلى المهدوم سيربك قوات التنظيم الإرهابي لتصبح مشتتة نوعاً ما وغير قادرة على جمع قواها بسبب فتح أكثر من باب وبشكل خاص إذا ترافق التوجه شرقاً مع قوات أخرى تتجه شمالاً إلى الباب ذلك سيكون التشتت لداعش واضح وكبير وستتوضح نتائجه في الأيام القليلة القادمة.