دام برس:
يقال: إن المرء يمكن أن يرى في مرآةٍ معاني مهمة لصورته، وربما يكتشف الإنسان بعض حقيقته في عداء من يتربص به. لذلك فإن في ملاحقة أصل ما يجري في سورية معاني عميقة علينا التوقف عندها. 
الحرب الإرهابية التي تشن على سورية، هي جزء من عملية صهيونية غربية استخدمت طاقة بعض الشعب، وجرى التحضير لها منذ عقود، وحسب الوثائق فإن الكونغرس الأمريكي اعتمد خطة قدمها بريجنسكي وبرنارد لويس في الثمانينيات، تعتمد على إثارة الفتنة الطائفية (السنية – الشيعية) كسلاح لإسقاط الدول العربية.
هذه الخطة عاد وزاد عليها ونقّحها برنارد لويس وضمّنها في مقالة بعنوان (إعادة التفكير في الشرق الأوسط) نشرها في مجلة (فورين أفيرز) العام 1992 وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي وغزو العراق وحرب تموز، وحرب غزة، جاء الحلف الأطلسي في العام 2009 وشكل (لجنة حكماء) برئاسة مادلين أولبرايت لدراسة كيفية إعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الأطلسية، وأعطيت هذه اللجنة مدة سنة لتقدم نتائج عملها، وخلال هذه السنة قابلت اللجنة خبراء وسياسيين وضباط مخابرات ومخططين و.. و..الخ. وكان من أهم الخبراء الذين اعتمدتهم اللجنة الصهيوني برنارد لويس الذي أكد للجنة أن الظرف بات مناسباً لتفكيك الدول العربية عبر إشعال الفتنة الطائفية ودفع الكل لمقاتلة الكل، وأكد برنارد لويس لهذه اللجنة الأطلسية: ان غزو العراق وحرب تموز وحرب غزة أكدت انتهاء التضامن العربي حيث جرت الحرب ضد العراق ولبنان وغزة والعرب لم يتحركوا بشكل فعلي..، كما أكد لويس أن اندفاع معظم الحكام العرب وراء السياسة الغربية (أنهى الحلم العربي) كما بات واضحاً (انتهاء استخدام النفط) كسلاح للدفاع عن حقوق العرب، وهذه المعطيات حسب برنارد لويس تفتح الطريق عريضاً أمام الغرب ليفتت الدول العربية وينشر الفوضى فيها ويسقطها. إن انتهاء التضامن العربي، وانتهاء حلم العروبة، وانتهاء استخدام النفط كسلاح وكلها معطيات نتجت عن محاربة الصهيونية والغرب للقومية العربية بوساطة الحكام العرب الأتباع، وكل ذلك جعل الخطة الغربية الصهيونية ممكنة النجاح حسب برنارد لويس، وهذا يكشف مدى أهمية حلم العروبة في القوة العربية، ومدى تأثير إسقاط (حلم العروبة) على قوة العرب ووجودهم. وإذا تابعنا النظر في مرآة الآخر، لابد من أن نرى أن الغرب في العشرينيات وجد أن الأمة العربية بثرواتها وموقعها وإنسانها يمكن أن تنهض لتكون أمة عظيمة ولاسيما أن روح قوتها مستمدة من هويتها الناتجة عن مزيج حضاري بين إسلام الرحمة، وعروبة التفاعل الإنساني، وهذا ما جعل الغرب يخشى من صعود الأمة وتوحدها، لذلك عمل على تشويه الإسلام وتحويله إلى طمع بالسلطة عبر الانغلاق والتعصب بوساطة الإخوان والوهابية، وفي المقابل نصب حكاماً انكفؤوا في مشيخاتهم وأقطارهم. وكأن هدف الغرب إلغاء شحنة الإسلام الموحدة للأمة على الرحمة والخير والتعاون... وإلغاء العروبة كحلم إنساني ينفتح على الآخر ويتفاعل معه.. وما الإرهاب الذي يحاربنا إلا إحدى صور السلاح الصهيوني الغربي الذي اعتمد تشويه الإسلام، وإنهاء حلم العروبة في محاولة لإسقاط الأمة.
إن برنارد لويس أبرز صناع هذه الخطة العدوة، مختص بتاريخ الصراع التركي الإيراني القديم، ومن هذا الصراع استنتج فكرة (الفتنة الطائفية) والصراع ( السني الشيعي) كما أن لويس هو مصدر فكرة (صراع الحضارات) وورد في مقالة له العام 1990 مخصصة للهجوم على الإسلام، وكان لويس مستشاراً لنتنياهو أثناء عمله سفيراً في الأمم المتحدة، وبعد 11 أيلول أصبح لويس الأب الروحي للمحافظين الجدد، وكان مرشد جورج بوش الأب في الشؤون الإسلامية العربية... وهو الآن أحد صناع الخراب الذي يصيب العالم العربي تحت اسم النظام العالمي الجديد أو الربيع العربي.
هكذا تتضح الأمور، الخطة تفتيت الدول العربية، وتحويل الإسلام إلى تعصب وتكفير وإرهاب، وإنهاء حلم العروبة الجامعة.وتجاه كل ذلك فإن صمود سورية وانتصارها لن ينتج دولة أقوى وأعظم فقط، بل سيعيد للإسلام معناه كرحمة للعالمين، وسيعيد للعروبة شحنتها للتفاعل مع الآخر الإنساني، ولأن سورية ستُسقط بانتصارها خطة إسقاط العروبة والإسلام الرحيم، فهي بحق نور الرحمة وقلب العروبة النابض، وهنا الكلام ليس شعاراً، بل حقيقة تاريخية حية... هل ترى صورتنا الآن بشكل أوضح؟! هذا متوقف على مدى رؤيتنا لحقيقة ما يخطط الأعداء ضدنا.