Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
قَتْلُ البعوض والعبثُ في الفراغ .. بقلم طاهر محي الدين

دام برس :

هذه النظرية التي أطلقها " علي عزت بيغوفيتش"وهو أول رئيس جمهوري لجمهورية البوسنة والهرسك بعد انتهاء حرب البوسنة والهرسك، وهو ناشط سياسي بوسني وفيلسوف إسلامي، مؤلف لعدة كتب أهمها الإسلام بين الشرق والغرب ، ولد في مدينة بوسانا كروبا البوسنية لأسرة بوسنية عريقة في الإسلام ، ثم أصبح عضواً في مجلس الرئاسة البوسني من عام 1996 إلى عام 2000، يعد علي عزت بيغوفيتش من الموقعين في عام 1995 على اتفاقات دايتون للسلام التي أنهت الحرب ووضعت أسس تشكيل رئاسة حكومية ثلاثية الأطراف تضم المسلمين والصرب والكروات في البوسنة والهرسك تحت مسمى مجلس الرئاسة البوسني.

وهذا ما ينطبق تماماً وبشكل كامل على الإرهابيين من جهة وعلى مستنقع الفكر الإرهابي التكفيري المجرم من جهة أخرى ، فالإرهابي هو تلك البعوضة التي تنقل المرض وتحملهمن المستنقعات التي تتربى  تنشأ وتعيش فيها وتلسع وتمتص الدماء لتعيش ، وتبث سمها في الجسد المستهدف ، وهذا هو شأن وحال الإرهابيين تماماً لأنهم ليسوا أكثر من بعوض صغير تافه ووسيلة لنقل المرض ونشره مثل الطاعون ، فهم ليسوا مكمن الخطورة الأساس ، ولكنما هي تلك الأفكار الملوثة المنبع التي ينقلونها وينشروها أينما وجدوا ، وبالتالي فإن قتل البعوض نفسه لا يحل المشكلة جذرياً مادام منبع المرض وهو " المستنقع التفكيري الإرهابي " الذي ينهل منه موجوداً و يحتضن الكثير من بيوض تلك البعوضات الواهية التي ستفرخ وتعمل وتتزاوج وتخرج أجيالاً ربما تكون أكثر تطوراً وراثياً وأكثر دموية وعنفاً وتشدداً.

لا يعني هذا الكلام أعلاه أن محاربة الإرهابيين هو عمل غير مجدي ، ولكن المقصود هو محاربة الإرهاب بعينه ، فالرصاصة تقتل الإرهابي " البعوضة " ولكن من يقتل الإرهاب " المستنقع " ؟؟!!

فقتل البعوضة لا يخرج السم من جسمك ، ولكنه قد يحميك من لسعات أخرى منها ، بينما تطهير المنزل من أوساخه وأدرناه التي يتربى فيها البعوض هي الحل الجزئي أيضاً لأنه يجب أن يتم تجفيف المستنقع الأساسي الذي يفرخ فيه البعوض الإرهابي ، والقضاء على من يعمل على تغذية هذا المستنقع بأوساخه وإلقاء المزيد من أوساخ فكره ، وإمداده أيضاً بكل قنوات الصرف الملوثة من أموال وإعلام وقنوات فضائية ومواقع تواصل اجتماعي ، وتسليحه وتدريبه ، وعندها فقط يدرك ذلك الإرهابي عندما يعدم وسائل الحياة والمستنقع الحاضن له أنه مقتول لامحالة.

وكل من لا يجفف تلك المستنقعات في أرضه هو مجنون وواهم وخاسر بلا شك لأن هذا البعوض سيقاتل من أجل الحياة ، وسيعود لتلك الأرض عله يجد مستنقعاً آخراً ، ليعاود الحياة وربما بشكل أشرس من ذي قبل كتنظيم " خراسان " على سبيل المثال.

وهذا هو ما ستؤول إليه حال تلك الدول الحاضنة للإرهاب وداعميها من السعودية وقطر وأمريكا وتركيا وأوروبا ، وغيرها من تلك البلدان التي رعت هذا الكائن وكبرته ، وقد بدأت مظاهره تعصف في ساحات كبرى من العالم في أمريكا وأوروبا ودول الخليج العربي ومصر وعلى رأسهم تركيا ، ولكن الخطر والتهديد الأكبر سيضرب السعودية بشكل مدمر لأنها هي من تولت حماية هذه المستنقعات بشكل كبير وأسست لها البنى التحتية الهائلة ، وأصبح مجتمعها هو أكبر بيئة حاضنة للإرهاب في العالم.

وكذلك هو شأن باقي الدول التي فهمت من قبل قول الرئيس بشار الأسد بأن الطريقة الوحيدة لمحاربة هذا الإرهاب والقضاء عليه هي في تجفيف منابع دعمه بكل الأشكال لأنه سينقلب على من أنشأه ورعاه وكبره ، ولكن الحقد الأعمى والعزة بالإثم منعتهم من فعل هذا حتى لا يعلنوا صوابية رأيه ، بالرغم من كل محاولاتهم من فوق الطاولة وتحتها ليحصلوا عن تعاون مع أجهزة الأمن والاستخبارات في الدولة السورية ، وأن تقوم الدولة السورية بتزويدهم بالمعلومات والملفات عن تلك الشخصيات و الجماعات الإرهابية ، وهم بنفس الوقت يغذوها ويجمعوها ويغطوها إعلامياً ومادياً ولوجستياً وتسليحياً ، وهم يعلمون أيضاً أنهم في آخر المطاف سيعلنون صاغرين أنهم عاجزين عن دحر الإرهاب إلا بالتعاون مع الرئيس الأسد وعلى طريقة الجيش العربي السوري ورجال المقاومة في حزب الله ، ولأنهم يعلمون أيضاً أن ما يقومون به من ضربات جوية خلبية لا تستطيع إحراز أي نصر بدون العمل على الأرض وبدون محاربة وتجفيف كل المستنقعات في العالم من هذا الفكر الوهابي الإرهابي ، ويدركون أنه عبثٌ في الفراغ مالم تحارب كل تلك الهيئات " الإسلاموية " والجمعيات الدعوية الوهمية والحسابات المالية الإرهابية ووسائل الإعلام الوهابية التي أنشؤوها لإسقاط الأنظمة التي تعاديهم ، ولكنهم أدركوا أن السحر انقلب على الساحر وبأن هذه الأدوات التي استخدموها لتجنيد الإرهابيين للقتل في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من المناطق ، استخدِمت وستستخدم لتجنيد إرهابيي العالم لقتال " أنظمتهم الكافرة " عندما تفرغ من الحرب في منطقتنا.

في الخاتمة نقول أن قتل البعوض وحده بدون تجفيف المستنقعات هو عبثٌ في الفراغ.

 

 

 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz