دام برس:
منذ أكثر من أربع سنوات ومواقف الأطراف الإقليمية والدولية واضحة، ولكن البعض لم يكن يريد رؤيتها أو أنه لم يكن يناسبه ذلك. كان من الواضح أن الحرب على سورية ليست بدافع الحريات وحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية.. وما شابه من هذه الشعارات التي تُطلق عادة للتعمية على أهداف الحروب الحقيقية.. وإلاّ كان على الولايات المتحدة أن تبدأ حرباً شعواء مباشرة وعنيفة على النظام السعودي القمعي لوقف ممارساته وانتهاكاته لأبسط حقوق الإنسان والقيم الإنسانية والأخلاقية؛ فهذا النظام ورغم كل ممارساته ما زال يحظى بحماية المظلة الغربية والأمريكية تحديداً وذلك خدمة للمصالح الغربية والأمريكية وليس لأي سبب آخر.

وبالعودة إلى الحديث عن الحرب على سورية، فإنه من الواضح لأي مواطن عادي أن استمرار هذه الحرب لا يخدم المصالح السورية؛ للشعب والجيش والقيادة السورية، وربما لهذا السبب تجهد بعض الأطراف الإقليمية والدولية لاستمرارها.. ولا تخفي إسرائيل والسعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا.. وغيرها، فرحتها باستمرار النزيف السوري البشري والمعرفي والمجتمعي والثقافي والفكري والاقتصادي والبنيوي.. بعدما كانت سورية ـ على سبيل المثال ـ من الدول الأُولى عالمياً في تحقيق الأمن الغذائي والأمن والأمان والاستقرار والبناء.

لم يفهم بعض السوريين إلى الآن حقيقة أهداف الحرب الطاحنة على بلادهم، وما زالت الغشاوة أو المصالح الضيفة تسيّرهم وتتحكم بقرارهم.. وإلى أن يفهم ويعي هؤلاء خطأهم وحجم الكارثة التي يتسببون بها لبلادهم وأهلهم، فسوف يستمر الاستثمار الخارجي للنزف السوري وللجرح السوري وللمعاناة والمأساة السورية.. إذا لم يع السوريون أنه بغير وحدتهم ووقوفهم إلى جانب دولتهم وجيشهم، لن تنتهي محنتهم، فإن هذه المحنة ستطول كثيراً.

هل يتذكر السوريون ماذا قدمت الرياض والدوحة وواشنطن وباريس لهم قبل الأزمة والحرب على بلادهم؟ هل يتذكر السوريون أحوالهم وأوضاعهم قبل الحرب على بلادهم ودولتهم وكيف كان الجميع يتحدث عن الرفاه والاستقرار والأمن والأمان الذي ينعم به السوريون؟! منذ متى كانت تلك العواصم جمعيات خيرية ليتم الوثوق بها؟! منذ متى كان السوريون يهتمون ويحتاجون للمساعدات والدعم الذي تدعي هذه الدول توفيره؟ لقد فتح السوريون بيوتهم لملايين العراقيين واللبنانيين ولم يشيدوا خيمة واحدة للنازحين من هذه البلدان، فلماذا يتركون أنفسهم عرضة للمذلة والإهانة وهم سادة العالم ومنهم ولدت أقدم حضارة وأقدم أبجدية وفكر وفلسفة؟!

لن تنتهي الأزمة السورية إذا لم يع السوريون أنهم ضحايا جهلهم بالخطط المرسومة لتدمير بلادهم وحضارتهم ومجتمعهم وجميع مقدّراتهم.. وإذا لم يقفوا جميعهم خلف دولتهم وجيشهم لطرد الغزاة الإرهابيين والتكفيريين الأجانب أياً تكن صفتهم أو شعاراتهم ومذاهبهم وأياً يكن غرض مرسليهم؛ وحدة السوريين كانت دائماً سبب قوتهم ومنعتهم ولذا كان استهدافها منذ البداية وتسليط الحرب عليها، وآن الأوان لنا بعد كل الدمار والقتل الذي تعرضنا له أن ندرك خطأنا ونتعلم منه، وأن نوقف دفع فاتورة حساب مصالح الآخرين من جيبونا ومصالحنا ومستقبلنا ومستقبل أجيالنا وبلادنا.

الكاتب: بديع عفيف

مصدر الخبر: SNS