Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
إنها غزوة الأحزاب .. عادوا إليها واليمن خندقنا .. بقلم : الدكتور عمر ظاهر

دام برس:

مهما اشتد غضبنا، ونحن نرى أهلنا في اليمن يلحق بهم من الدمار والخراب والتقتيل مثلما لحق بنا في العراق، وسورية، وعلى أيدي نفس القتلة، أقول مهما اشتد الغضب إلا أن بسمة غريبة تجد طريقها إلى شفاهنا، ونشعر فجأة أننا نهز رؤوسنا عجبا، ونتمتم "سبحان الله". نعم "سبحان الله"، فلا توجد على وجه الأرض أمة تعيش تاريخها مثل هذه الأمة كل يوم، وكل سنة، وليس في تاريخ أمم الأرض كلها تاريخ يتكرر، وترى أحداثه حاضرة في كل حاضر، ويعيد نفسه بكل تفاصيله مثل تاريخ هذه الأمة. إنه قدر، ربما لا يكون من الحكمة أن نتمرد عليه، ونستنكره، ونغبط الأمم التي تترك التاريخ وراءها، وتعيش حاضرها.

إنه ليس تاريخا سيئا كما قد يظهر للبعض، أو إنه ليس على الأقل أسوأ من تاريخ الأمم الأخرى، على العكس تماما، فهذه الأمة ظهرت فيها رسالة سماوية، وقامت في تاريخها ثورات تستحق أن ننحني أمام مبادئها وأمام قادتها، وثوارها، وأمام المُثل العليا التي قاتلوا من أجلها وقتلوا، وأعطوا للأجيال اللاحقة مثلا أعلى يجدر بنا أن نقتدي به.

أي عربي لم يمر بحالة تكالبت عليه فيها قوى لا طاقة للبشر بها؟ العراقي، والسوري، والفلسطيني يعرفون ذلك ربما أكثر من غيرهم. خذ السوري، مثلا. إنه وجد نفسه فجأة أمام قوى لو تكالب بعض منها على أي شعب لاختفى من الوجود: الأمريكي، والفرنسي، والسعودي، والقطري، والإسرائيلي، وداعش، وعبدة الليرة من السوريين أنفسهم، وبقية الهلمّة! كيف صمد الإنسان السوري؟ وكيف صمدت سورية نفسها؟ بل، وكيف يصمد الإنسان العربي في داخل بلده إذ تتكالب عليه المخابرات، وأجهزة الأمن، وربما الأحزاب، والبطالة، والفقر، والمخبرون، وعديمو الأخلاق من الجيران، والأقارب، وغير ذلك؟ إنه ينهار إن لم يكن له مثل أعلى في تاريخه يقتدي به. لنا مثل أعلى في الرسول الأعظم في معركة الأحزاب، أو الخندق، حَيْثُ أَمَرَ النَّبِيُّ الأكرم بنصيحة من الصحابي الجليل سلمان الفارسي بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ: "عَرَضَتْ لَنَا صَخْرَةٌ ، فَأَخَذَ النبي الْمِعْوَلَ ، فَقَالَ : " بِسْمِ اللَّهِ ، فَكَسَرَ ثُلُثَهَا ، فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَنْظُرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ ، فَكَسَرَ ثُلُثَهَا الآخَرَ ، فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَنْظُرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الأَبْيَضَ ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ ، فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ ، فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَنْظُرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا ".

أي مثل يمكن أن يكون أعلى من مثل هذا الرسول ليقتدي الإنسان به؟ الأحزاب يزحفون إليه بعدّهم وعديدهم، وهو في طائفة صغيرة من المؤمنين الأنقياء يرى انتصارات المستقبل بكل ثقة واطمئنان ويرى المعركة القادمة محسومة، حتى وهو يحتمي وراء خندق .

واليوم تتكرر غزوة الأحزاب على شعب اليمن .. إنهم هم هم أنفسهم، قريش، وقينقاع، وبنو النضير، بل وجاءهم المدد من أقاصي الأرض فطرطور مثل جؤذر المغرب الذي تجثم اسبانيا على صدره في سبتة ومليلة وضعوا في جيبه بضع دراهم فامتشق سيفه الخشبي، وجاء مهرولا، وحتى صاحب ليبيا (بماذا نصفه بالله عليكم؟)، وحتى الفلسطيني أبو مازن - ولله في خلقه شؤون، بل وحتى عمر البشير الذي تنازل عن نصف السودان ولم تأخذه الحمية، أخذته اليوم النخوة فجاء يناصر تيوس السعودية. كيف لي أن أقول فيه ما أريد قوله وأنا في حضرة المثل الأعلى؟ كيف تستطيع أمة أنجبت الرسول محمد وأهل بيته تفريخ هذا الكم الهائل من الحثالات وتضعهم في مواقع الملك والرئاسة والزعامة؟ بالله عليكم هل يمكنكم أن تجدوا مسخا في العالم ليكون نظيرا لعمر البشير؟ كيف يستطيع الفلسطيني الذي لا يقاتل في فلسطين أن يقاتل في اليمن؟ ولكن لا غرابة، فقد فعل ذلك من قبل في سورية. وكيف يقاتل في اليمن من لا يستطيع ابعاد البسطار الاسباني عن رأسه في سبتة ومليلة؟ هل حقا يمكن أن تصل قلة الحياء إلى هذا الحد؟ نحن نعرف أن الأموال تشتري المرتزقة وشذاذ الآفاق، ولكن ماذا ينقص الحكام العرب حتى تشتريهم أموال السعودية وقطر، وهم يتحكمون بخزائن بلدانهم؟ نغضب، ولكن نبتسم مرة أخرى إذ نرى من هم الأحزاب. إنهم هم هم أحفاد ذي اللحية الصفراء بلاته، وهبله! ونبتسم عندما يتحدثون عن "دول" الخليج. يا لخيبة من أوجد مفهوم "الدولة". دول؟ أية دول؟ هل السعودية، والكويت، وقطر دول؟ هذه مزارع أمريكية لتربية التيوس، وتضريب النعاج، وتفريخ الإرهابيين، ومحميات طبيعية للحفاظ على الأجناس المختلفة من الأباعر. هؤلاء هم من سلالة التيوس والأباعر الذين جمعوا بالأمس لرسول الله وصحبه، واليوم يجمعون لحرب شعب اليمن. بئس جمعهم، وبئس من يجمعون. سبحان الله الذي وضع كل حثالات العرب في قارب واحد ينتظر الريح.

يا إخوتنا في اليمن، جاءكم الأحزاب، كما جاءوا من قبل إلى المدينة يريدون وأد ثورتها، ورأس قائدها، وسوف يهزم جمعهم اليوم كما هزم بالأمس. لا تبالوا لكثرتهم فهم لا ينطوون إلا على الخواء، والجبن، وغرورهم مثل نفطهم سيحترق ويصبح هباءً منثورا. خذوا العزم والمدد من الرسول الأكرم والقائد الأعظم .. أنتم الخندق الذي سيحمي كرامة العرب من حكام بلا كرامة، ونحن معكم في خندقكم، والبسمة على شفاهنا .. سيُهزم التيوس .. سيهزمون، وما أشبه اليوم بالبارحة!

الدكتور عمر ظاهر

أستاذ جامعي في الدنمرك

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz