دام برس:

لقد أكدت الابحاث والدلائل الاثرية المختلفة تاريخ سورية الحضاري الممتد منذ مليون عام و حتى الآن. فقد اكدت الآثار المكتشفة  في مواقع عديدة من سورية وخاصة في ست مرخوعلى العاصي وموقع الكوم شمال شرق تدمر,أن عمر الآثار يعود إلى أكثر من مليون سنة واكتشف هناك هيكل عظمي يعود عمره لأكثر من نصف مليون سنة . كما أن الآثار المكتشفة في موقع اللطامنة وعين خطاب على نهر العاصي يعود عمرها لأكثر من نصف مليون سنة وكذلك الآثار المكتشفة على ضفاف الفرات .

أي أن الإنسان يعيش في سورية منذ أكثر من مليون عام. و منذ ذلك التاريخ تطور الإنسان السوري و استمر دون انقطاع حتى الآن. من إنسان هومو إركتوس( مئة ألف سنة وماقبل ) إلى إنسان نياندرتال ( مئة ألف – أربعين ألف سنة قبل الميلاد ) إلى الإنسان العاقل الذي ظهر قبل أربعين ألف سنة  والذي يعتبر السلف المباشر لإنساننا الحالي و تعاقبت الحضارات من الآشولية إلى اليبرودية والهملية ثم اللفلوازية-الميستيرية التي اتصف بها انسان نياندرتال  إلى الكبارية و النطوفية إلى الاستيطان الزراعي و تدجين الحيوانات قبل ثمانية آلاف عام , التي اتصف بها الانسان العاقل .( لقد شرحت ذلك بوضوح في بحثي بعنوان الرباعي والإنسان القديم في سورية ، الذي نشر في مجلة الحوليات السورية عام ٢٠٠٣ ) .
لقد استمر التطور بلا انقطاع و تراكمت حضارات أخرى عديدة التي أخذت تتضح معالمها أكثر مع ظهور الكتابة المقطعية المسمارية في بداية العصور التاريخية (٣٢٠٠ق.م) التي بدأت تؤرخ أحداث المنطقة و أخبارها و ظهرت الحضارة الأكادية و السومرية و تأسست أول امبراطورية في الشرق في عهد شاروكين و ظهرت ممالك الأموريين (ممالك إيبلا، ماري،أغاريت،آشور،بابل) و أبدع حمورابي أول تشريع قانوني في التاريخ القديم . تلاهم الحثيون والآشوريون والآراميون و الكنعانيون و الأخمينيون والأنباط و الفينيقيون وظهرت أول أبجدية في التاريخ في أوغاريت على الساحل السوري في اللاذقية و استمر التتابع الحضاري حتى الحضارة الإسلامية و الوصول إلى الصين شرقا و الأندلس غربا.

لقد قال عالم الآثار الفرنسي الشهير أندريه بارو: "لكل إنسان متحضر في هذا العالم وطنان؛ وطنه الأم وسورية ".
هذه هي سورية وهذا هو الانسان السوري مؤسس الحضارات  ومبدع القيم  لذلك تكالبت عليه قوى الشر العالمية التي يصعب عليها أن ترى حضارات الآخرين لأنه لاحضارة لها ولا تاريخ سوى قهر الشعوب وتدمير الأوطان , ونهب الثروات . إن إنساننا السوري لن ينهزم مهما تكالبت عليه قوى الشر العاتية وسيبقى مصدر القيم ومنبع الحضارات .