Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 17:04:37
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
موسكو تسابق الزمن ... وتوقعات بإنفراج الأزمة في سورية .. بقلم: الدكتور خيام الزعبي
دام برس : دام برس | موسكو تسابق الزمن ... وتوقعات بإنفراج الأزمة في سورية .. بقلم: الدكتور خيام الزعبي

دام برس:

تزداد الأزمة السورية تعقيداً وذلك لعدة معطيات أهمها عدم قدرة طرفي النزاع في الوصول إلى حل أو تسوية تنهي الصراع في سورية، ولعل ظهور أزمات دولية جديدة، مثل السعي نحو التصدي للإرهاب والقضاء على داعش، والأوضاع المتردية في العراق واليمن وغيرها من الأزمات، جعلت القوى الدولية والمجتمع الدولي يلتفت بعيداً عن الأزمة في سورية، لتواجه بذلك مصيراً صعباً، لا يزيد عن كونه صراعاً بين عواصم وتيارات، لا يدفع ثمنها سوى الشعب السوري الذي بات أسير المنافي ومخيمات اللجوء، وطريداً على سفن وعبّارات متهالكة تسيّرها عصابات دولية ومافيات لا همّ لها سوى الحصول على أموال المهاجرين إلى المجهول، في إطار ذلك ما نعاني منه في سورية اليوم  هو إغتيال السياسة وإغتيال الحل السياسي من قبل المجموعات المتطرفة والحل الأمني العسكري، برغم كل ذلك ما زال النقاش حول النهاية الممكنه في الأزمة السورية ناشطاً وقائماً.

عشية إنعقاد جلسات حوارات موسكو، إنصب الإهتمام على من سيحضر من النظام السوري والمعارضة السورية في الداخل والخارج، وعلى أي مستوى، أما  الآن، وبعد إختتام هذه الجلسات، يمكن القول إن  أصداء اللقاء السوري بين الحكومة السورية  والمعارضة في موسكو كانت إيجابية، فالمشاورات السورية – السورية ساهمت في إرساء أساس للإنتقال إلى أطر أخرى للحوار بين أطراف الأزمة السورية، فالمعارضين السوريين الذين لم يتمكنوا من المشاركة في اللقاء التشاوري التمهيدي السوري - السوري قبل أيام  في موسكو أعربوا عن رغبتهم بالسفر إلى روسيا للمشاركة في اللقاء المقبل، خاصة بعد أن أكد الرئيس الأسد مشاركة النظام في مؤتمر موسكو المزمع عقدة نهاية الشهر الجاري مع شخصيات سورية معارضة إنطلاقاً من حرصه على تلبية تطلعات السوريين لإيجاد مخرج لهذه الأزمة مع تأكيده على إستمراره بمكافحة الإرهاب أينما كان، توازياً مع تحقيق المصالحات المحلية التي أكدت نجاحها في أكثر من منطقة، ومن هذا المنطلق عبرت سورية عن حرصها وإستعدادها للحوار مع من يؤمن بوحدة سورية أرضاً وشعباً وسيادتها وقرارها المستقل وبما يخدم إرادة الشعب السوري ويلبي تطلعاته في تحقيق الأمن والإستقرار وحقناً لدماء السوريين كافة.
إن طرح مبادرة محادثات موسكو تفتح بوابة جديدة لحل الأزمة السورية المعقّدة وتعطي أمالاً كبيرة لإنهاء الصراع الدموي الذي تسبب بمآسي إنسانية أرعبت الشعب السوري، كما تعد خطوة إيجابية لردم هوة الخلافات والإنقسامات الشاسعة بين أطراف النزاع المستمر منذ أكثر من أربع سنوات، إذ تأتي هذه المبادرة وسط إشارات بأن الولايات المتحدة وحلفائها ستعيد النظر في إستراتيجيتها بحيث تعطي الأولوية لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية الذي يزداد نشاطه داخل الأراضي السورية والعراقية، بدلاً من رحيل الأسد، وبالمقابل تستغل موسكو هذا اللقاء لتظهر للغرب إنها قادرة على التعامل مع النظام السوري ودعمه، التي تأمل بتحسين صورتها كوسيط دبلوماسي مع إنها لا تزال في مواجهة مع الغرب حول النزاع في أوكرانيا، كما  تؤكد روسيا على أن الأولوية  الآن هي مكافحة الإرهاب، لذلك دعت المعارضة لتوحيد صفوفها مع الأسد لأجل هذا الغرض وإنتقدت واشنطن لرفضها التعاون مع دمشق فيما يتصل بالغارات الجوية التي تقودها ضد مواقع تنظيم الدولة الإسلامية، بالمقابل هناك دوافع عديدة لتمسك روسيا بدعم سورية أهمها، حاجة روسيا لحليف في الشرق الأوسط بعد التمدد الغربي إذ تشكل سورية خط الدفاع الأمامي لروسيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط، كما تعد سورية اهم مشتري لصادرات الأسلحة الروسية، فضلا عن العلاقات الإقتصادية الضخمة، كما ترى روسيا في سورية حليفاً عسكرياً لها، لأنها تدرك بأن هنالك أجندة غربية تهدف الى ضرب مصالحها في المنطقة، لذلك توجد قناعة لدى الكرملين في موسكو ولدى البيت الأبيض في واشنطن بأن في بقاء الأسد مع إصلاح هذا النظام من خلال إدخال المعارضة الوطنية إلى داخله أفضل من صعود القوى المتطرفة، لأنه في مثل هكذا صعود يعني تدمير لأركان المنطقة بكاملها ولمصالح كل من روسيا وأمريكا وليس لسورية فقط.

وعليه تظهر التطورات الأخيرة في الأزمة السورية، تباينات متعددة المقاصد من بعض الدول الإقليمية والدولية المشاركة بشكل مباشر في هذه الأزمة، حيث سعت تلك الدول الى إيجاد حل سياسي لتسوية الأزمة في سورية بالظاهر، بينما شجعت الأزمة بالخفاء، مما وضع الصراع السوري داخل حلقة مفرغة تساعد على إستمرار الصراع الذي يغذي العنف وينشر الدمار في البلاد، وهذا ما جعل منها أزمة لها أبعاد إقليمية ودولية، ونظراً للمتغيرات السريعة في المنطقة التي صبت في مصلحة النظام في دمشق خاصة بعد أن وصل حريق الدولة الإسلامية الى دول مختلفة بدأت أغلب هذه الدول بتحفيز سياسية الحوار بدل سياسية السلاح في سورية وهذا ناتج عن قناعة تلك القيادات بأن خطوتها الدموية تجاه سورية قد فشلت وإن صناعتها للإرهاب قد كشفت، لذلك ليس أمامهم إلا الخضوع الى الإرادة السورية والمعارضة السلمية بأن تحديد مصيرها من خلال الحوار فقط،  وبالتالي فإن بعض الدول التي كانت سابقاً شريكاً أساسياً بالحرب على الدولة السورية بدأت بالإستدارة والتحول بمواقفها وقامت بمراجعة شاملة لرؤيتها المستقبلية لهذه الحرب المفروضة على الدولة السورية.

وأخيراً أختم بالقول، إن موسكو تسابق الزمن للدفع بتوافق سياسي بين المكونات السورية، ووضع الحوار السوري على بداية سياسة الحوار الوطني، الذي سيفتح الطريق أمام صفوف أخرى من المعارضة للمشاركة به وصولاً ليوم تجلس فيه كافة أصنافها مع النظام وجهاً لوجه في دمشق وبعيداً عن أية تخوفات، لذلك لا بد لنا أن نسارع مجتمعين إلى وضع حد لخلافاتنا وإنقساماتنا، ونبلور مواقف موحدة من الأزمة السورية، ونفهم بأن العالم يستغل غياب وحدتنا ويتلاعب بنا، ويقدم عروض لا تصلح إطلاقاً لتسوية صراعات أدت إلى حروب تزداد وحشية واتساعاً، وليس هناك حتى اليوم من يرغب جدياً في إيقافها، وبإختصار شديد إنني على يقين بأن الحوار السياسي أصبح اليوم هو المطلب الوحيد في الأزمة السورية، فروسيا تسعى الى جمع شمل الأقطاب السورية  من خلال عقد جلسات حوارية مع المعارضة والحكومة السورية، وبنفس الوقت هناك الحراك المصري تجاه القضية السورية، هذا  مما سيوسع من دائرة الحوار وربما سيغير المواقف الرافضة لهذا الحوار وهنا سيكون للحوار جبهتين روسية ومصرية فربما تلتف كل منها حول قضايا معنية حتى تلتقي في جبهة واحدة يخرج منها حل سياسي ينهي الصراع السوري وبنفس الوقت يوحد جميع الأطراف لمحاربة الإرهاب، لقطع أمل المخربين والمتآمرين فى تحقيق أهدافهم في سورية.
Khaym1979@yahoo.com

الوسوم (Tags)

سورية   ,   روسيا   ,   العراق   ,   اليمن   ,   الأزمة   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz