دام برس:
من الواقعية الحديث عن أن الإحباط في واقع الأمة قد يصل بالبعض إلى درجة التنكر و هجاء الماضي و التنكر لتاريخنا المشرق ولأهلنا و أجدادنا و آبائنا و أمهاتنا ، بكل شفافية في رؤيتنا أن المشكلة ليست بالعرب و لا بغير العرب ، تاريخ أمتنا بكافة مكوناتها حافل بالانجازات و النجاحات ، يجب أن نقرأ الواقع المعاصر بأمانه و نبحث عن حريتنا و كرامتنا و ثقافتنا و تاريخنا المعاصر ، لقد أعيدت كتابة تاريخنا المعاصر أكثر من مرة و زورت حقائقه و طوعت لتخدم مصالح القوى المعادية لأهل المنطقة ، و فرض على أجيالالشباب أن يتيهوا و يضيعوا في فهم معادلات سميت بالثورية علمتهم اختزال الوطن في مفاهيم ضيقة ، لقد تعلمنا من آبائنا و أمهاتنا الذين انتفضوا و ثاروا و قدموا الشهداء ضد الاستعمار الفرنسي أن حب الوطن من الإيمان ، فهل نتنكر لهم ، نحنُ في كفى كفى نواكب تطوراً إيجابياً في مفاهيمنا القومية التي يجب أن تصب في مصلحة سورية بكلِ مكوناتها ، و السؤال لكلِ مواطن يعيش في هذا الوطن و يشرب من مائه و يتمتع بسمائه و يستنشق هوائه ، هل تريد وطناً عزيزاً قوياً .
لا بد من قراءة تجارب الشعوب إذا كنا نأمل في قيام دولتنا القوية العزيزة المرهوبة الجانبو التي يكون لها دورها الهام و المحوري و تكون لها كلمة الفصل في هذه الرقعة من العالم ، و هنا نطرح التساؤل التالي لماذا تُعتبر الولايات المتحدة دولة عظمى ، و لماذا تُصرالقيادة الروسية على التمسك بجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق الاسلامية ، و لماذا أصبحت الصين دولةً عظمى ، و لماذا تُـجـد الهند الخطى لبناء دولتها الكبيرة و العظيمة ، و لماذا تسعى البرازيل لنفس النهج ، نريد القول باختصار في هذه المرحلة من التاريخ المعاصر لا بد من تطوير المفاهيم القومية العربية التي تربينا في رحابها في شبابنا و دافعنا عنها و دفعنا أثماناً باهظة من حريتنا و اختلفنا فيها مع الآخرين من أصحاب الرؤى و النظريات التي لم نكن نلتقي معهم في مضامينها وكائناً ما كانت مقومات القومية العربية التي اعتنقناها نحن أو غيرنا من الذين اعتنقوا مفاهيم قومية أخرى قد لا تصل إلى شمولية و امتداد الرقعة الجغرافية التي تغطيها المفاهيم القومية العربية ، لم تعد تلك القناعات كافيةً لتكون العامل الأساس في بناء الدولة القوية ،
في عصر الكبار و في العصر الذي تتكاتف فيها القوى الإقليمية للعمل على تدمير سورية بكافة مقوماتها و بيد أبنائها ، من الطبيعي بل من الضروري أن نغير البوصلة و التوجه و في القرن الواحد و العشرين و في هذه المنطقة الجغرافية من العالم ، لا بد من تطوير مفاهيمنا للوصول إلى الدولة القوية و للوصول إلى هذه الرؤية لا بد من العمل على اتساع الرقعة الجغرافية لدولتنا المنشودة التي تمتد من المحيط الأطلسي إلى الخليج الإسلامي ( نحن نسميه العربي و جيراننا الفرس يسمونه الفارسي ) كُثر يعتقدون أن طرح مثل هذه الأفكار ضربٌ من الخيال و أفلاطونيةٌ بالتوجه ، و نحن لا نلتقي إطلاقاً مع التوجه الذييحاول البعض تسويقه في واقعنا الحالي من خلال الترويج لقيام الدويلات الممسوخة والإمارات التافهة على حدٍ سواء التي تروج لها و تعمل على إنفاذها إسرائيل و القوى العظمى في هذا الزمن .
إن مجرد القبول بمناقشة فكر إقامة الدولة القوية و التفكير في مضامينها بشفافية سيلغي جميع الأفكار التي بدت تطفوا على السطح في سورية العزيزة و في غيرها من الدول العربية التي طبعت بطابع الربيع العربي و التي انغمست شعوبها في صراعات دموية بينها و بين أنظمتها الحاكمة ، و في سورية لا بد أن نقول وبعد انحراف الحراك المدني السوري الذي انطلق في الأشهر الأولى من عام 2011 و دفعبعض القوى المعارضة باتجاه السقوط في مستنقع العسكرة و تحول بعضها إلى الإرهاب الذي بدأ يسيطر على الموقف و دعم بعض الفرقاء للإرهاب و لدخول الغرباء لتخريب سورية و المواقف المخربة للقوى الإقليمية و الدولية التي ساعدت على إبقاء فتيل الأزمة مشتعلاً ، فإن المستفيد من الأزمة السورية و استمراريتها هي فقط القوى المعادية و التي لا تقبل لسورية بأن تستعيد كرامتها و عزتها و موقعها القيادي و الريادي في هذه المنطقة من العالم .
إن إعلان يهودية الدولة العبرية يدق ناقوس الخطر لدى الشعوب و الأنظمة الحاكمة في المنطقة و يأتي في وقت تسعى فيه إسرائيل لتقديم المبرر للعالم بأن هذه المنطقة مكونةٌ من مجموعات متقاتلة لكلٍ منها دويلتها أو إمارتها ، و إن إسرائيل الدولة الدينية الأقوى في هذه المنطقة .
العالم لا يحترم الضعفاء ، و نحن في كفى كفى التي تقف على مسافة واحدة من الموالاة والمعارضة و الفئات الصامتة مع الحل السياسي المنطلق من الغيرة على سورية و الولاءلاستقلالها و وحدتها الجغرافية التي ينبغي أن تكون النواة الحقيقية لإقامة الدولة الكبيرة والقوية المترامية الأطراف و نعتبر أن إسرائيل عدونا الحقيقي ، إن تغيير هذه العقيدة لن يخدم أياً من القوى المشتملة في خارطة الخراب السوري .
الدكتور عاصم قبطان