دام برس:

نعم .. النسب المئوية مهمة جدا ، ولكن إذا لم تُدعم هذه النسب بالأرقام الفعلية فإنها سرعان ماتتحول إلى "هراء بهراء"!

يكاد المراقب الخارجي يجزم وهو يقرأ تصريحات بعض الجهات المسؤولة عن الدعم بالنسب المئوية بأن الأسرة السورية تشتري المازوت بسعر بخس مقارنة بدخلها!

احدى هذه الجهات حرصت على التأكيد مرارا وتكرارا بأن دعم المازوت مستمر ويتزايد ، وانه بعد أن كان بحدود 20 % ارتفع إلى 200 % في السنوات الأخيرة ، وانه على الرغم من رفع سعر المازوت من 60 ل س إلى 80 ل س فهو لايزال مدعوما بنسبة 100 % !

نظريا وحسب تصريح الجهة المسؤولة فإن نسبة الدعم انخفضت 100 % ، ولكن لندع هذا "الهراء " جانبا ونجيب على السؤال الذي يُحرج الجهات الحريصة على الإستشهاد بالنسب المئوية : ماسعر كميات المازوت المدعومة  التي تحصل عليها الأسرة السورية ؟

هذا العام قررت الحكومة منح 400 ليتر مازوت مدعوم سعرها 32 الف ل س!

هذه الكمية بالكاد تكفي 30 يوما للتدفئة وتسخين المياه في ايام الشتاء القارسة ، بدليل ان الحكومة على مدى العقود الماضية وتحديدا حتى عام 2007 كانت تقدر احتياجات الأسرة السورية بأكثر من 1240 ليتر مازوت سنويا ـ وبالتالي فإن مبلغ 32 ألف ليرة كان يؤمن لها "ايام زمان" كمية 4000 ليتر مازوت سنويا !

لقد بدأ تخفيض مخصصات المازوت المدعوم منذ عام 2008 أي قبل الحرب التي تعصف بسورية بثلاث سنوات ، حيث رفعت الحكومة سعر ليتر المازت من 8.25 ل س إلى 20 ل س ، فانخفض الدعم إلى الف ليتر مازوت بسعر 8.25 ل س لشتاء 2009، ومنحت الحكومة في العام التالي 2010 شيكات بقيمة 10000 ل س لكل اسرة  تشتري 500 ليتر مازوت ، أي ان حجم الدعم انخفض خلال عامين أكثر من 60 % من حيث القدرة الشرائية !

بدأ بعدها رفع أسعار المازوت "المدعوم" تدريجيا في الأعوام التالية ليصل مؤخرا إلى 80 ل س لليتر الواحد وخفض الكميات للأسرة الواحدة إلى 400 ليتر فقط !

الجهات المسؤولة تصف ماحصل بانه "عقلنة الدعم" ، فتصوروا هذه "العقلنة" التي تخفض القدرة الشرائية للأسرة السورية من 1240 ليتر مازوت في عام 2007 إلى 400 ليتر فقط في عام 2014  لايستطيع رب الأسرة شراءها بالسعر المدعوم إلا إذا حصل على قرض من المصارف العامة ؟

ندعو هذه الجهات إلى "عقلنة" تصريحاتها بالتوازي مع ترويجها لفوائد عقلنة الدعم لأن ماصدر عنها من تصريحات حتى الآن ليست أكثر من هراء .. بهراء!