Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 21:35:50
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
إسقاط الأسد... حلقة أخرى في مسلسل فشل أردوغان المتواصل .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | إسقاط الأسد... حلقة أخرى في مسلسل فشل أردوغان المتواصل .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
خسارة تركيا للتصويت على المقعد غير الدائم في مجلس الأمن أثارت علامات إستفهام حول السياسة الخارجية لتركيا التي حولت بعض حلفاء الأمس إلى أعداء، والتي دفعت بوسائل إعلام تركية وغربية إلى إنتقادها، فدائرة العداوات التركية إلى توسع وتصاعد وإن أنكرتها الإدارة التركية، فالتصويت الأخير على المقعد في مجلس الأمن كان دليلاً كافياً لإثبات ذلك، فسورية وحليفتها إيران مستاءتان من الدعوات التركية إلى إسقاط الأسد، ودول غربية عدة قلقة من تقارير تناولت هجوم الأتراك على الأكراد الذين يحاربون التنظيمات المتطرفة في سورية، ويجزم المراقبون على أن المواقف التركية الجدلية فيما يخص التنظيمات المتطرفة ودعمها، هي العامل الأبرز في كمّ الخلافات والإحتكاكات المستمرة التي تواجهها تركيا مع جيرانها من دول المنطقة والعالم.
واليوم يناور الرئيس أردوغان باللعب على تناقضات المواقف الإقليمية والدولية، لإقامة منطقة عازلة على الحدود التركية السورية وفرض حظر جوي وتدريب في إطار خطة لتسليح قوات المعارضة السورية، في مقابل التدخُّل البري لمحاربة داعش، كما أن الحكومة التركية تحاول إستغلال مخاوف الغرب من تنظيم داعش، وعدم قدرة التحالف الدولي على إيقاف تقدُّم مقاتلي التنظيم لتحقيق أهدافها في إسقاط نظام الأسد أو على الأقل إضعافه، وإنطلاقاً من ذلك تدرك أنقرة مدى حاجة التحالف إليها، وتستثمرها بالشكل الذي يحقق مصالحها في تقوية جبهة المعارضة السورية، ومساعدتها في الوصول إلى دمشق، فموافقة البرلمان التركي على مشروع قانون يسمح بقيام الجيش بعمليات عسكرية في سورية والعراق، وحشد أنقرة لقوات كبيرة على الحدود مع سورية، جاء للضغط على الغرب والإدارة الأمريكية للحصول على موافقتهم على الشروط التركية للتدخل البري ضد داعش، وذلك لتحقيق هدفين أساسيين، الأول إنشاء منطقة عازلة على الحدود التركية وفرض حظر جوي، والثاني إيقاف تقدُّم قوات الدولة الإسلامية وإبعادها عن الحدود التركية، وفي إطار تخشى الحكومة التركية من ردة الفعل الدولية والإقليمية، وخاصةً الجارة إيران الحليف الرئيسي لنظام الأسد، والتي هددت أنقرة بأن نيران الحرب ستمتد إلى الأراضي التركية إذا أقدمت أنقرة على فعل أي حماقة من شأنها أن تشعل المنطقة، وبالمقابل فإن تركيا لا تريد القيام بأي عمل عسكري في سورية منفردة، حتى لا تدخل في مواجهة مباشرة مع إيران، مما قد يؤثر على تقدُّمها الاقتصادي، ويدخلها في حروب تستنفذ مواردها وطاقاتها، وبالتالي فإن قرار أنقرة بشأن التدخُّل البري في سورية، سيقلب المعادلة ويغيّر مجرى الصراع العسكري على الأرض، لذا تسعى أنقرة للحصول على الدعم الأمريكي ودعم الناتو قبل قيامها بأي عمل عسكري محتمل.
وفي سياق متصل إن التباين في وجهات النظر الإقليمية، خصوصاً في السعودية وإيران وتركيا، وتقاطع مصالح المحاور والقوى الفاعلة والمؤثرة حول سورية، تسببا بتعقيدات سياسية وأمنية أصبح من الصعب حلها داخلياً دون اللجوء إلى توافقات إقليمية، إذ شهدت الأيام القليلة الماضية سلسلة وقائع سياسية تعكس الى حد كبير الخلاف الأميركي- التركي حول مستقبل سورية، وخاصة ما صرّح به نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الذي ألقى على تركيا مسؤولية إبراز داعش، والعمل على إشاعة الفوضى في المنطقة، والثابت أن أردوغان استبعد صديقه عبدالله غل، واستعاض عنه بمستشاره أوغلو، والسبب أن غل رفض مبدأ تقسيم سورية خوفاً من انتقال العدوى الى بلاده، وأنه سعى الى منع تدهور العلاقات السياسية مع مصر، خصوصاً بعدما ادّعت أنقرة أن دفاعها عن الإسلام السنّي يفوق دفاع القاهرة، ومن أجل تأمين هذا النهج السياسي، قرر أردوغان القيام بخطوات تكتيكية من شأنها إضعاف جارتيه، سورية والعراق وعليه، فضَّل التعامل مع الإسلاميين المعتدلين في سورية، ومع التركمان والسنّة في شمال العراق، ومع مسعود بارزاني في كردستان، فضلاً عن تساهله  في موضوع مقاومة داعش ومحاصرة كوباني، كونه يتصور إن فرض منطقة عازلة تشبه المنطقة العازلة لأكراد العراق عام1991 سيقود تلقائياً الى تقسيم سورية، أو الى انهيار النظام لمصلحة المعارضة المعتدلة التي جعلت اسطنبول مركزاً لنشاطاتها.
وجدت أميركا نفسها في مأزق شديد، لاسيما في ظل توجه تنظيم داعش نحو الشمال، وبعد المسافة بين القواعد السعودية والأردنية عن الأهداف، لذلك كانت بحاجة شديدة إلى استخدام القواعد التركية ومشاركة الجيش التركي في تلك الحرب، لذلك عقدت صفقة مع تركيا تتمثل في تلبية المطلب التركي بإدراج اسقاط نظام بشار الأسد ضمن خطة الحرب، وهو ما وافقت عليه أميركا في مقابل دخول تركيا هذه الحرب، بمعنى إن كلاهما متفق على ضرورة اسقاط النظام السوري، لكن الخلاف في التوقيت والكيفية والوريث له، لاسيما أن كليهما يخشى من صعود الجماعات المتطرفة للحكم، بما يهدد أمن تركيا وإسرائيل، وبالمقابل فإن مشاركة تركيا في الحرب على داعش، بعد إتمام صفقة مع أميركا، أثار غضب إيران، لاسيما أنها تعتبر إسقاط نظام الأسد خطا أحمر، لذلك  لن تسمح بإسقاطه، وسوف تتصدى لهذا الأمر بكل قوة، بالإشتراك مع روسيا، والنتيجة طبعاً توترات شديدة في العلاقات بين تركيا وإيران.
في إطار ما سيق يمكنني القول لقد فشل الرهان التركي على الربيع العربي لإسقاط سورية بعد أن غامر الرئيس أردوغان بكل رصيده، سواء محاولته لإستغلال التحولات الكبرى، أو ضعف الدول العربية وشرذمتها، وخلافاتها التي وصلت إلى حدود التحالف مع القوى الغربية، أو من خلال  مساندته  ودعمه للدواعش أينما كانوا، خصوصاً في بغداد ودمشق، في إطار ذلك إختار أردوغان أن يكون جزءاً من التحالف لكن بشروط، منها أن تكون أنقرة مركز القرار، وأن تضطلع بمهمة تشكيل جيش سوري لإسقاط الأسد، والإشراف على بناء سورية الجديدة، أو تحقيق الحلم القديم في ضم حلب التي نُقلت كل مصانعها إلى أراضي الدولة التركية.
وأخيراُ أختم مقالتي بالقول إن الحرب على داعش أعادت تقسيم موازين القوى في المنطقة إلى ما قبل الحرب الباردة، أميركا وتركيا والسعودية ودول عربية أخرى في جانب، وروسيا وإيران والرئيس الأسد في جانب آخر، بإختصار شديد أن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لن يكتب لها النجاح، ولم يعد وارداً لدى دول العالم التغاضي عن أهمية دور الجيش العربي السوري بالتصدي لظاهرة الإرهاب، فسورية  دولة عصية على أي محاولات إجرامية لزعزعة إستقرارها أو إرهاب شعبها،  ومن المبكر التوقع إن كان بإمكان أميركا وتركيا إسقاط نظام بشار الأسد وتقويض الدولة السورية، والأيام وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.

Khaym1979@yahoo.com

الوسوم (Tags)

الأسد   ,   سورية   ,   تركيا   ,   المعارضة   ,   السورية   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz