Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
علاقات تنتظر مفاجآت...مصر وتركيا...الحرب المؤجلة .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | علاقات تنتظر مفاجآت...مصر وتركيا...الحرب المؤجلة .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
توتر العلاقات المصرية التركية ليس وليدة اللحظة، وإنما يعود لفترة سابقة، وتحديداً بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، ووصف أنقرة ما حدث بأنه إنقلاب عسكري على أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، وجاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة ليعيد التوتر بين البلدين، واليوم إزداد الخلاف حدة بينهما بعد أن هاجم أردوغان الرئيس السيسي هجوماً حاداً على منصة الأمم المتحدة، وإدعى أن حكومته غير شرعية، فرد المصريون أن أردوغان يدعم الإرهاب ويصنع الفوضى في الشرق الأوسط، ومن هنا تحوّل التوتر بين مصر وتركيا إلى توتر معلن لأول مرة، رغم أن التوتر كان تحت السطح، ومن هنا يمكننا أن ندرك أن سلسلة الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط قد غيّرت الخارطة الجيو سياسية للمنطقة، وخلقت واقعاً جديداً، فمصر وتركيا هما دولتان تتنافسان فيما بينهما على السيطرة في الشرق الأوسط بل وعلى قيادة العالم الإسلامي.
ليس خافياً على أحد أن لمصر وتركيا دوائرهما ومصالحهما وحساباتهما التي تتباعد أكثر مما تتقارب فهناك عوائق تاريخية ودينية وسياسية لعبت بإستمرار دوراً في عدم الوصول إلى التقارب التركي المصري الحقيقي، كما أن هناك قضايا ولاعبين إقليميين ودوليين إستفادوا من تراجع العلاقات بين البلدين وساهموا في تأجيلها عبر صب الزيت فوق نار التوتر بينهما، وليس جديداً أن نقول إن هناك أصوات في مصر ما زالت تردد أن تركيا خطر على مصر، وأصوات في أنقرة تقول إن مصر هي التي حاولت أن تلعب ورقة شرق المتوسط في موضوع التنقيب عن النفط والغاز هناك ضد تركيا عبر التحرك باتجاه اليونان وقبرص اليونانية بعدما كانت القيادات التركية المصرية السبّاقة في الدعوة الى  التوجه المشترك على طريق تعزيز التنسيق والتعاون الإقليمي الى بناء شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل وإزالة حالة الشحن والتوتر التي تعيشها المنطقة.
إن الحديث عن حوار حقيقي بين مصر وتركيا مستبعد ما دامت تركيا لا تعترف بالسلطة القائمة في مصر، والقاهرة تقول إنها تنتظر إعتذاراً وتتحدث عن محاولات تركية جادة لإلهاب الشارع المصري والمشاركة في مخططات تفجير الوضع الداخلي في مصر، ومن هذا المنطلق ربما تلجا الدولة المصرية إلى تحضير ملف "مذابح الأرمن"، وتجديد الفضيحة التركية أمام العالم أجمع بعد المحاولات المتكررة من جانب أردوغان لإحراج القاهرة، وآخرها إساءة أردوغان للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمام الإجتماع العام لهيئة الأمم المتحدة في دورتها 69، فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو، ما الذي سيحدث لو فتحت مصر هذا الملف مجدداً ؟ إن إستخدام مثل هذه الورقة إلى جانب تحركات أكثر قوة وتأثيراً يمكن أن تلجأ لها مصر للرد على تجاوزات الرئيس التركي أردوغان ستحرج مصر إقليمياً ودولياً،  فهناك جهوداً دبلوماسية بدأت مصر في إنجازها بالتعاون مع قبرص واليونان لتجميد حركة  تركيا والرد على تجاوزاتها، إلا أن دبلوماسية البلاد الثلاث تدير الأمر بهدوء شديد، وقد تحتل "مذابح الأرمن" جانباً مهما من هذه الجهود لتجديد فضائح تركيا ضد الأرمن.
فهذا الملف يعد أبسط الملفات التي يمكن أن تستخدم ضد تركيا ليشكل لها "مضايقة" على مستوى المضايقات التي تسببها لمصر في كل فرصة، وقد يجد هذا الملف تجاوباً دولياً كبيراً، وحينها سيكون من حق دولة الأرمن اللجوء لمجلس الأمن وطلب تعويضات، وهو ما يمكن أن يفرضه المجلس بالفعل على تركيا،  وإذا  تم فرض عقوبات مالية على تركيا جراء فتح هذا الملف، وهذا سيشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل تركيا وإقتصادها، وبالتالي إن فتح هذا الملف يسبب شرخاً كبيراً في علاقات مصر وتركيا قد لا يتم علاجه حتى بعد رحيل رجب طيب أردوغان عن الحكم.
إن المرحلة القادمة ستشهد جهوداً دبلوماسية عملية ونشطة لوقف نشاط التحرك التركي في المنطقة العربية وتجاه دول الجوار، كون مصر قد تعلن عن عدد من المبادرات لإحتواء الأوضاع في كل من العراق وليبيا وسورية، وهذا قد  يصاحبه تبادل للأدوار فيتراجع الموقف التركي الداعم لسياسة إستمرار الفوضى في الشرق الأوسط، في مقابل تقدم الدور المصري بشكل ملحوظ على المستوى الإقليمي والدولي.
في إطار ذلك يمكنني القول أنه لا فرصة لقيام أي تكتل إقليمي يستبعد القاهرة ودمشق وأنقرة وصعوبة بناء أي إستقرار أمني وسياسي إقليمي خارج التنسيق والتعاون المصري والسوري التركي، والثابت أيضاً هو الكم الهائل من القدرات الإستراتيجية والأوراق المهمة التي يملكونها بسبب تمددهما التاريخي والحضاري وشبكة العلاقات الواسعة التي يقيمانها على المستويين الإقليمي والدولي لقيادة المشروع المحوري في بناء سلام وإستقرار المنطقة .
في الختام أرى إن التوتر في العلاقات المصرية مع تركيا مرشح للتصاعد والتأزم على نحو أوضح وأكبر خلال الفترة المقبلة، فالعلاقة باتت طردية بين إستقرار مصر وتوتر العلاقات المشتركة مع تركيا، كما أن العلاقات بين الطرفين ستشهد في المرحلة المقبلة تجييش مؤسسات المجتمع المدني، وخطوة تجميد العلاقات الدبلوماسية لن تكفي بعد هذا التوتر وإن القناعة لدى القيادتين المصرية  التركية اليوم هي أبعد من نقاش الرغبة عندهما في الإنفتاح بل إقحام الشعبين التركي والمصري في هذه المواجهة، ستكون أول إرتداداتها وإنعكاساتها من خلال المواجهة الدبلوماسية طالما أن القاهرة أيضاً قررت على ما يبدو الترشّح لعضوية المقعد غير الدائم في مجلس الأمن الدولي مثل تركيا، وفي النهاية يمكنني القول لقدآن الأوان أن تستعيد مصر مكانتها ودورها البارز على المستويين الإقليمي والدولي، وتؤكد على أنها لن تسمح لأي طرف بالتدخل في شؤونها الداخلية.
Khaym1979@yahoo.com

 

الوسوم (Tags)

تركيا   ,   مصر   ,   الحرب   ,   السيسي   ,   الرئيس المصري   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz