Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 25 نيسان 2024   الساعة 10:36:56
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
سورية...وثمن الإستقرار في الأردن .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | سورية...وثمن الإستقرار في الأردن .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
لا تبدو المنطقة في صراع محموم  بين التسويات الموضوعية والإنفجار الكبير الذي يهدّد الدول والأنظمة برمّتها في ظل تطورات متسارعة وتحولات غير متكافئة يلعب فيها كل فريق أوراقه المستورة والمكشوفة في مشهد يؤكد على جملة معطيات بدأت مع الإختلاف حول التأييد للإنضمام الأردني للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وبين رفض الإنضمام، وأسباب الرفض جاءت معظمها حول نقطة إن هذه الحرب ليست حرب الأردن، وبند آخر يتحدث عن سيناريو تمثيلية داعش برعاية أمريكية، بينما وافق آخرون على الإنضمام ومحاربة داعش حماية لمصالح الأردن.
الأردن اليوم هي الأكثر الدول قلقاً ورعباً من ظاهرة "الدولة الإسلامية" وتقدمها العسكري السريع، وحالة الإعجاب التي تحظى بها في أوساط بعض الشباب الأردني المحبط، فلم يكن من قبيل الصدفة مشاركة الملك الأردني في قمة الناتو التي عقدت في ويلز البريطانية، وان يعلن حالة الطوارئ القصوى في صفوف قواته، وتعزيز من هو موجود منها على الحدود مع العراق للتصدي لهذا الخطر، وبالتالي أنه لا يختلف محللان على أن الخطر على الأردن مرتبط بمستقبل المعركة مع التنظيم على أرض سورية والعراق، فإن تم دحر التنظيم هناك، سيكون الأردن بأمان، وسيختفي التعاطف مع التنظيم وتنحسر أي إمتدادات محتملة فيه، والعكس صحيح، أي أن المعركة لإستئصال "الدولة" هي معركة الجميع، وهي بالطبع معركتنا قبل الغرب والولايات المتحدة.
في إطار ذلك يجب أن لا ننسى إن "داعش" هو إختراع أمريكي لم تتعرض له أمريكا أبداً، ولكنهم عندما خرجوا عن الخط المرسوم لهم قررت أمريكا التخلص منهم، فنحن نتكلم عن تنظيم واضح الملامح، ويبدو أن الحملة الأمريكيـة هي في سياق إستكمال هدف تقسيم العراق، بالإضافة إلى تقسيم سورية الذي قد يكون حلاً وسطاً بعد فشل كل المحاولات للقضـاء على النظام السوري، ومع تسارع الخطوات الدولية للحرب المزمعة على "داعش"، ووضع اللمسات الأخيرة على دور الأطراف في هذه الحرب، وخاصة دول جوار سورية والعراق، ودورهم الأساسي لوجستياً  وإستخبارياً على إعتبار الموقع الجغرافي، يبرز السؤال عن ماهية الدور الذي سيلعبه الأردن في الحرب المزمعة، وخاصة مع رفض عمان الكشف عن ماهية المباحثات التي أجراها الملك الأردني على هامش مشاركته في قمة دول الناتو، والتي أعلن في سياقها إنشاء التحالف الدولي لمحاربة هذا التنظيم؟
فبالرغم من تقديم عمان خطة عسكرية لضرب "الدولة" خلال مشاركة الملك في قمة الناتو، إلا أن التصريحات الحكومية جاءت متباينة في طبيعتها، فرئيس الوزراء هناك قال في تصريحات صحافية إن بلاده ليست عضواً في التحالف الدولي، مؤكداً أن الأردن "لا يخوض حروباً نيابة عن أحد"، وبعد فترة وجيزة، إختلف حديث الناطق باسم الحكومة، عن رئيسه، حيث أكد، أن تنظيم "الدولة" يستهدف الأردن بموجوداته ومقدراته وسكانه، وأن بلاده تعمل على تحصين نفسها من منظومة الإرهاب داخلياً وخارجياً، وتقوم بالتنسيق والتواصل الدائم والمستمر مع الدول الشقيقة والصديقة لمواجهة الإرهاب، وسيتم إعلان ذلك في الوقت المناسب.
وفي سياق متصل هناك مكاسب عديدة للمشاركة في التحالف الدولي، إذ تعتبر فرصة ذهبية نادرة يرسم الأردن من خلالها دوراً قيادياً جديداً كمتصدي للفكر المتطرف الذي يدمّر وسطية الدين، بالإضافة الى إنه يصبح منطقة عازلة أو آداة تأمين بين ما تبقى مما تسمى "قوى الإعتدال" مقابل التطرف والراديكالية، وقد توقف هذه المشاركة تراجع دور الأردن الإقليمي لأكثر من عقد بسبب إنشغاله بمسرحية "سراب حل الدولتين"، كما أن الإنخراط في هكذا حملة يجب أن يجلب معه دعما مالياً "سخياً وكبيراً" مستداماً، يساعد على إنقاذ الوضع الإقتصادي الكارثي، والإستثمار في مشاريع تخلق فرص عمل، فعلى سبيل المثال قررت السعودية صرف مليار دولار إضافي للمملكة، نصفه لدعم الموازنة العامة، والنصف الآخر لتمويل أنشطة متعلقة بتدعيم الحملة على "داعش"، وبالمقابل هناك محاذير من الإنضمام الى هذا الحلف، فإنخراط المملكة قد يفتح الباب أمام تسلل عناصر "داعش" ومن يحمل فكره في الداخل، بمن فيهم "خلايا نائمة" أو متأهبون للدفاع عما قد يرونه حرباً أميركية على الإسلام، وقد يعرّضون الأردن لمخاطر إرهابية شبيهة بالتفجيرات الثلاثية ردا على دعم الأردن للحملة ضد "القاعدة" فضلاً عن إنه سيكون الشرارة لتقسيم المجتمع وإضعافه من الداخل، ومن هذا المنطلق تعمل الأجهزة الأمنية ضمن إستراتيجية إستباقية لمراقبة جيوب التمدد الداعشي في الأردن، والحواضن الإجتماعية لهذا الفكر المتحجر، وبالمقابل  وضع الأردن إستراتيجية للتعامل مع الفكر التكفيري من خلال المدارس والمساجد، ومحاورة الجهاديين داخل السجون، لمحاربة الفكر بالفكر.
في إطار ما سبق يمكن القول إن العالم العربي يواجه إنتكاسة في الحريات السياسية، وتشويها في التعليم والثقافة، جميع تلك العوامل تحفز التطرف والإرهاب والتكفير التي باتت أكبر خطر يهددنا، كما تؤجج النزاعات والهوس الديني، وتمزق الهوية الثقافية الوطنية في غالبية أقطارنا، وتوقظ أطراً بدائية للإنتماء كالقبيلة والمذهب، لذلك تحتاج هذه المنطقة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق إصلاحات متعددة  سياسية وحكومية وإقتصادية وثقافية وتعليمية يصلح ما أفسدته عصور الإستبداد، ويفكك التكلسات الفكرية المحفزة لفكر "القاعدة" وأيديولوجيا "داعش" ، لذلك فإن العالم العربي اليوم أمام مفترق طرق، إما التقوقع في أجواء العصور الوسطى، أو الإنتقال الى مستقبل أفضل بخطى ثابتة، من خلال رفع راية التعددية.
بإعتقادي إن الحلف الذي انشأ بقيادة أمريكية، لن يكون سوى إحياء للحرب الباردة، فأمريكا إذا أرادت القضاء على داعش فإنها يجب أن تأخذ قرارات مهمة وليس من خلال الحلف الذي انشأ، فعلى أمريكا أن تضع يدها بيد الدولة السورية، وتطلب من تركيا أن تغلق حدودها سواء بإدخال المسلحين أو إخراج البترول وبيعه والعائدات المادية لداعش، ومنع الخليجيين من تقديم الأموال لداعش، وأخيراً في الوقت الذي لا تلوح في الأفق إمكانية إنتهاء الحرب في سورية، ستستمر الأعداد المتزايدة للجهاديين السلفيين الأردنيين وحركتهم العابرة للحدود، ناهيك عن حركة سائر المقاتلين الأجانب الآخرين في المنطقة، الذين يشكلون تهديداً للمملكة بشكل مستمر ومتزايد.
Khaym1979@yahoo.com
 

الوسوم (Tags)
اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz