Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
قلب على وطن...المصالحة الوطنية السورية .. بقلم: الدكتور خيام الزعبي
دام برس : دام برس | قلب على وطن...المصالحة الوطنية السورية .. بقلم: الدكتور خيام الزعبي

دام برس:

أبدأ مقالي هذا اليوم في نقل تساؤل طالما أقلق معظم أبناء هذا الوطن في الداخل والخارج وهو:  هل ينجح الحوار الوطني في سورية في الخروج بالبلاد من أزمتها المستمرة منذ عدة سنوات؟‏,‏ سؤال مهم‏..‏ لكن الإجابة عليه تحتاج إلى بعض الوقت حتى تتضح الصورة وتكتمل عناصرها‏، حتى الآن لا يمكن إستشراق نتائج ما يحدث في سوريا من أزمات ومناورات وتدهور في الخدمات الأساسية وحروب متقطعة وعراقيل ممن أدمنوا عليها بغرض الحفاظ على مصالحهم الضيقة والشخصية، بل يفتح الإحتمالات على إتجاهين إما الإنفراج والخروج بنجاح كامل لسوريا من الأزمات الحالية، أو أن تستمر الأوضاع في التدهور وتشتعل النزاعات والفتن حتى تقضي على الأخضر واليابسالتي توصل البلاد الى الخراب والدمار، بالرغم من ذلك لا يزال الشعب السوري ينتظر نتائج إيجابية تمثل المتغير الأساس نحو المستقبل المشرق المأمول.
اليوم ندرك نحن السوريون أننا الخاسر الأكبر إذا ما خرجت تداعيات الأزمة التي تعصف ببلادنا عن السيطرة وإتجهت نحو الإنسداد، فطي صفحة الماضي والتقدم نحو مصالحة وطنية شاملة تعمل على ترميم الصدع الحاصل في وحدة البلاد ونسيجها الإجتماعي بعدما أصبحت الأوضاع تسير في اتجاه الإنفلات الذي قد يجرف الجميع الى هاوية الفوضى ليست جديدة فقد سبق وإن طرحت بصياغات متعددة خلال الثلاث سنوات الماضية إلا إنها كانت تصطدم دائما بالأدوات والروافع المؤهلة لنجاحها غير إن طرحها هذه المرة من الدوائر العليا لصنع القرار في الدولة يحمل مؤشراً واضحاً على آن الرئيس الأسد يرى أن المصالحة الوطنية ضرورة تقتضيها مصلحة الوطن العليا وخطوة لابد منها لطي صفحة الماضي وبدء صفحة جديدة لبناء سوريا الحديثة، هذه المصالحة لن تحقق أهدافها إلا بمشاركة الجميع بكل صدق وإخلاص وان تكون نتاج قناعة حقيقية تتجسد فيها روح الإخوة والشراكة والتعايش السلمي والقبول بالآخر ونبذ كل أشكال وصور الأحقاد والكراهية والتحريض والعنف، والإيمان المطلق بأن سوريا تتسع للجميع دون إنتقاص أو تهميش أو إلغاء لأي مكون من المكونات.
مما لا شك فيه حمل خطاب رئيس الجمهورية رسالة طمأنة واضحة للشعب السوري في داخل الوطن وخارجه مفادها أن الدولة قادرة على فرض الأمن والإستقرار وبسط نفوذها بعيداً عن رغبات المجموعات المسلحة وهمجيتها في إستخدام القوة وإزهاق الأرواح، كما إحتوت في مضامينها دلالات تؤكد حرصه الكبير على إتخاذ المعالجات السريعة والتدابير اللازمة لإزالة آثار ما خلفته المواجهات المؤسفة من خراب ودمار وإعادة الحياة في مرافق المحافظات ومنشآتها الخدمية إلى سابق عهدها.
ومن المؤكد أنه بات من الضروري على جميع القوى الإستفادة من كل الدروس الأليمة التي أكدت بوضوح أن خيار اللجوء إلى القوة وإستخدام السلاح لا يمكن أن يثمر سوى الخراب وإراقة الدماء وتحميل البلاد مزيداً من الأعباء الكارثية التي هي في غنى عنها، وهو ما يجعل الجميع أمام خيار واحد ووحيد هو الإلتزام بصوت العقل والجنوح إلى السلم وتغليب مصلحة سوريا تحت سقف الإجماع الوطني المتمثل في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، لذلك أثبتت الأحداث العنيفة التي شهدتها سوريا أنه لابديل عن وجود الدولة القوية القادرة على فرض الأمن والإستقرار عبر سلطاتها التي ترعى مصالح المواطنين وتلبي آمالهم دون وصاية من أي قوى أو جماعات وبمنأى عن أي تهاون أو تقصير يسمح بإشعال فتائل الفتنة وتمزيق النسيج الإجتماعي وتفتيته تحت الرايات الفئوية والمذهبية.
في إطار ذلك يمكنني القول بأنه لا بد من التأكيد على ضرورة وجود إصطفاف وطني شامل لا يستثني أحداً من أجل توحيد كلمة السوريين بشتى منطلقاتهم وتوجهاتهم وبما يؤدي إلى تنحية كل خلافاتهم لتكون جزءاً من الماضي وبما يكفل إحتكامهم إلى لغة الحوار ومنطق التوافق الوطني من أجل إرساء دعائم الدولة الوطنية التي ستشكل معالم سوريا الحديثة وتحدد هويتها المنتمية إلى روح المستقبل، وهذا يتطلب أن نواجه التحدي صفاً واحداً, خاصة وقد إمتلكنا عقداً إجتماعياً إتفقنا على أنه المخرج الوحيد من أجل إنقاذ الوطن و بناء الدولة السورية المنشودة، وأقصد هنا المصالحة الوطنية التي تعتبر البند الرابع من البنود التي طرحت في مفاوضات "جنيف2"والذي يسعى الى التوافق الوطني الذي يهدف إلى تقريب وجهات النظر المختلفة، وسد الفجوات بين الأطراف المتخاصمة، وتصحيح ما ترتب عنها من أخطاء وإيجاد حلول مقبولة لها، بمنهجية المسالمة لا العنف.
وأخيراً ربما أستطيع القول نحن بحاجة إلى أن ندوس على أحقادنا وآلامنا في آن واحد, وننظر للمستقبل ونواجه التحدي الذي يكاد أن يعصف بأحلامنا ومستقبل وطننا وأطفالنا، فمصلحة الوطن تقتضي إدراك الجميع أن المصالحة الوطنية الشاملة والدائمة أصبحت ضرورة حتمية تفرضها المرحلة وتستدعيها مجمل التحديات التي تواجه البلاد، لذلك لا بد لنا من العمل على تحقيق تلك المصالحة منطلقين من برنامج عملي يتفق عليه الجميع، وإلا فأننا سنبقى ندور ضمن دوامة العنف والتخلف والإنقسام.
وخلاصة القول إن كل القوى المتحاورة اليوم مدعوة للحذر واليقظة من مخاطر التقسيم... وكذلك مدعوة للحذر من التعاون مع الخارج في تفكيك البلد.. .فسوريا الآن تمر بمخاض خطير وتتكالب عليها قوى خارجية وداخلية بشكل مفضوح، اليوم قرار المصالحة وليس غداً لأنّنا اليوم أحوج إلى تجاوز الوضع المعقد.
Khaym1979@yahoo.com
 

الوسوم (Tags)

سورية   ,   المصالحة   ,   الحوار الوطني   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz