دام برس:
تماشياً مع متطلبات العقيدة الصهيونية المتعطشة لسفك الدم وإزهاق أرواح الأبرياء من المدنيين العزل وإمعاناً في تنويع وتطوير الوسائل والأدوات الصهيونية لطرد الشعب الفلسطيني من أرضه ، مارست العصابات الإرهابية الصهيونية بحق هذا الشعب أبشع صور التعذيب والتنكيل، ودأبت تلك الزمر الإرهابية على إقتحام البلدات والقرى الفلسطينية والقيام بتدمير ونسف وإحراق المنازل والأسواق.
لم يعلم الفلسطينيون أو الشعوب العربية أن قضيتهم المركزية الأولى سيأتي عليها اليوم لتدخل طي النسيان، على الرغم من كل المؤامرات التي تحاك لفلسطين المحتلة، ولم تتحقق الأمنيات والأحلام التي داعبت وجدان الأمة العربية في تحرير الأرض التي اغتصبها الكيان الصهيوني، فقد تراجعت هذه القضية في جدول الإهتمامات، حيث أصبحت تحتل أخبار التطورات في سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها واجهة المشهد، وهو ما منح مساحة واسعة لقادة إسرائيل ومن خلفهم الراعي الأمريكي للتهرب من كل التعهدات، والذهاب بعيداً إلى فرض شروط لبدء عملية السلام من جديد بعد أن كان المطلب الإسرائيلي الأول هو بدء المفاوضات بلا شروط مسبقة.
وفي الوقت الذي تتصاعد وتيرة التوتر في المنطقة العربية بسبب تطورات الأوضاع بدول الربيع العربي، تمضي إسرائيل في تكثيف ممارساتها القمعية وتنفيذ مخططاتها الهادفة إلى تحويل دفة الصراع إلى جهة تكريس الدولة اليهودية، وذلك بفرض وقائع جديدة على الأرض لا يمكن التعامل معها بشكل دبلوماسي، خاصة في ظل مؤشرات عودة المفاوضات عديمة الجدوى برعاية أمريكية.
وفي سياق متصل تتعالى أصوات إسرائيلية تحذر من انتفاضة فلسطينية جديدة بعد فشل مسار التسوية والخشية من الدخول مرة أخرى في دوامة الصراع المباشر بين الفلسطينيين والإحتلال، التي تعتبر الخيار الوحيد للفلسطينيين، حين ينغلق أفقهم السياسي ويزداد الخطر الذي يهدد بتصفية قضيتهم، وتبديد تراكمات نضالاتهم وتضحياتهم، وحرمانهم حق التطلع للكرامة و تقرير المصير.
كما خاضوا خلال العقود الثمانية الماضية ثلاث انتفاضات كبرى، إلا أنها فشلت جميعاً في إيصالهم إلى أهدافهم، أو إدخال التعديلات المطلوبة على موازين القوى، وكان لها في بعض الأحيان ارتدادات عكسية، كانت التركيبة السياسية والاجتماعية الفلسطينية، وعجز النظام الرسمي العربي، وموازين القوى الدولية، حجر العثرة الذي أعاق الوصول إلى أهداف هذه الإنتفاضات، ومن هذا المنطلق لابد من رفع وتيرة التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية بكل الوسائل والطرق والاهتمام بالقوى والأحزاب في العالم، حتى نصل إلى الأهداف المرجوة، ولا بد من اشتعال الميدان الفلسطيني حتى نكسب التضامن الدولي مع قضيتنا الفلسطينية، وهذا الأمر يتطلب إلى أن نعود إلى انتفاضة جديدة كانتفاضة اـ 87 بطريقة لا ينقصها الدقة والمرونة والذكاء، وأن تكون وفق دراسة متأنية تأخذ بعين الاعتبار البعد والإقليمي والدولي، وهنا يمكنني القول إن الأسباب الكفيلة التي تدفع الفلسطينيين باتجاه انتفاضة رابعة كونها السبيل الوحيد للخروج من عنق الزجاجة الذي انحشرت فيه القضية الفلسطينية، مع تعثر عملية السلام، واستمرار الاستيطان .
نحن الآن أمام تحدي كبير يتطلب التغيير في الإستراتيجيات والإداوت لإنه لم يعد بالإمكان بالطريقة القديمة أن نصل إلى نتائج ملموسة، فإسرائيل لن تقبل العملية السياسية وكل المبادرات التي تبذل من هنا وهناك للوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، فالخيار الأفضل حالياً للتعامل مع الاحتلال هو العودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، فترتفع النداءات الداعية لإطلاق شرارة الانتفاضة للإنقلاب على الواقع المتردي في الضفة الغربية والقدس.
وأنا على يقين تام إن المطالعة للواقع الراهن ومحاولة قراءة أسباب اشتعال الانتفاضات السابقة، نرى أننا على أبواب إنتفاضة رابعة لا محالة، ولن يقف أحد في وجهها، فالإنتفاضة قد تحدث في أي وقت، وهي ليست رهينة بقرار مسؤول سياسي أو عسكري، بل هي حق للشعوب المضطهدة أقرته المواثيق والأعراف الدولية، لرد الظلم والعدوان.
وفي إطار ذلك يمكنني القول إن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تتآكل لأنها قضية حق وحق تاريخي، ومهما حاولوا أعداء الأمة تغّيب القضية الفلسطينية عن الشعوب العربية فإنها لن تغيب وستبقى القدس وقود الثورات العربية وستبقى في قلوب كل السوريين والعرب ولن تغيب عن أذهانهم وستبقى حافزاً لتحركاتهم وثوراتهم.
وأنا على ثقة تامة أن الشعب السوري قادر على تجاوز وتخطي أزمته ومحنته الراهنة بفضل تماسكه ووحدته الوطنية، لأنهم يدرك جيداً دوره في المنطقة العربية من خلال عودته لتبوأ موقعه ومكانته العروبية والقومية في مواجهة كل المشاريع والإنتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
وأخيراً ربما أستطيع القول إن التضامن مع فلسطين يبقى الأوتوستراد الذي يجب أن يسير فيه قلب كل عربي، ويجب على الأمة العربية إعادة الاهتمام بالقضية الفلسطينية وعدم تركها وحيدة ينفرد بها العدو الصهيوني،
ولا بد من العمل على إنجاح الانتفاضة الفلسطينية بدلاً من العودة إلى تجارب المفاوضات وكسر حال الصمت لمواجهة العملية الاستيطانية والتهويد المستمر للقدس.
khaym1979@yahoo.com