دام برس:
لم يكن يوما عاديا ذلك اليوم الذي صادف يوم السبت ( هو يوم عطلة في سوريا ) في بدايات الأزمة السورية و تحديدا في بداية الشهر السابع 2011, عندما جاء إلى مكتبي شخصان لا أعرفهما و قالا بأنهما مرافقان للسفير الأمريكي- روبرت فورد - و نقلا إلي رغبته في زيارة محطة الحجاز الكائنة في آخر شارع النصر كسائح للاطلاع على معالم المحطة. كما نقلوا إلي رغبته بأن لا يكون هناك تصوير , كون الزيارة سياحية و لا علاقة لها بالبروتوكول و كان بإمكانه المرور بالمحطة و الاطلاع عليها دون إعلامنا كونها مقصدا سياحيا في وسط العاصمة و لكن رغبة منه بمعرفة معلومات تاريخية عن المحطة و الاطلاع على معرض الصور الدائم طلب أن يساعده أحد العاملين بذلك .
قمت بالواجب حيث تم إعلام إدارتي بالزيارة و تم الاتفاق على أن تكون زيارة عادية بدون بروتوكول و غادر مرافقي السفير على أن يعودا بصحبة السفير بعد ساعة .
في هذه الأثناء تداعى إلى ذهني الكثير من السيناريوهات لن أذكرها و كان آخر ما استقر عليه رأيي " خدمة لبلدي " أن أقوم بتصويره ( على عكس رغبته ) و تسليم هذا الملف إلى الإعلام السوري , سيما و أن الإدارة الأمريكية و قبل أيام من هذه الزيارة قد أعلمت رعايها بضرورة مغادرة سوريا لأسباب أمنية (كما تقول) و لوجود خطر يتهدد حياتهم و توخي الحذر لمن يريد منهم البقاء .
فإذا كان الأمر كذلك , فما هو السبب الذي يجعل السفير الأمريكي يخالف تعليمات إدارته و يتجول سائحا في دمشق ؟؟؟
بعد ساعة تقريبا و حوالي الساعة الحادية عشرة جاء الثلاثة المرافقان و السفير و هو يرتدي لباسا رياضيا و قبعة رياضية أيضا ومعهم سيدتان من العاملات في السفارة هن " برايس إيشام الملحق الثقافي في السفارة الأميركية و ريبيكا فونغ المدير الإقليمي لبرنامج اللاجئين في السفارة.
استقبلناهم على الباب الرئيسي لمحطة الحجاز و دخلنا البهو الرئيسي و بعد شروحات قمت بها عن تاريخ المحطة و جمالها و روعة تصميمها دعوناهم إلى شرب فنجان من القهوة ثم المتابعة , فقبل الدعوة سعيدا
و أثناء شربنا القهوة , تبين لي بأنه يتكلم العربية بشكل مقبول و يستطيع التواصل بها , فأصبحنا نتحدث باللغة العربية عن سوريا التي استقبلت اللاجئين الفلسطينيين و قال خلالها بأن عددهم بحدود ثلاثمائة ألف , فصححت له بأن عددهم يفوق ذلك بكثير , فغمز لي بعينه و هو يضحك بخبث و ينظر باتجاه السيدة التي عرفني عليها بأنها مفوضة شؤون اللاجئين , ثم أخبرني بأنه أقام في مصر فترة تعلم خلالها اللغة العربية , و بأنه يهوى " الشيشة " أي الأركيلة باللهجة المصرية و يحب المرح و تبادل النكات , و بإنه يرغب باستخدام القطار البخاري في رحلة مع طاقم السفارة إلى مصايف عين الفيجة , و كان القطار لا يزال يقوم برحلاته المعتادة إلى هذه المصايف الجميلة , و اتفقنا على أن نقوم بترتيب لتنفيذ هذه الرحلة و دعوته إلى أحد مقاهي دمشق , فبادلني الدعوة إلى منزله لنجلس و نتحدث و ندخن الشيشة في منزله فوعدته بقبول الدعوة و تلبيتها لاحقا و لم أفعل .
قمنا بجولة في معرض الصور الدائم , و صعدنا إلى الطابق العلوي في المحطة , و أبدى إعجابه الشديد بالمعرض و بسقف المحطة المزين بالرسومات الشرقية .
ثم خرجنا إلى الشرفة المطلة على ساحة الحجاز , و وقفنا قليلا نتبادل أطراف الحديث , و قال لنا : بأن سوريا جميلة جدا و هادئة , و بأنه سعيد بإقامته بدمشق فسألته عن قرار الإدارة الأمريكية بترحيل الرعايا فقال : " هذه سياسة " و أنا برحلة سياحية , فضحكنا جميعا و رافقناه إلى باب المحطة , وودعناه حيث وعدنا بزيارة أخرى ورحلة إلى مصايف الفيجة بالقطار البخاري و غادرنا سيرا على الأقدام باتجاه التكية السليمانية .
عدت إلى مكتبي و استخرجت صور الزيارة , و اتصلت بوسائل الإعلام الوطنية , الذين لبوا النداء فورا , و أوفدوا المراسلين لتغطية الخبر .
و في أخبار المساء كانت كل وسائل الإعلام تقول : خلافا لتعليمات إدارته السفير الأمريكي سائحا في دمشق " مما اضطر الإدارة الأمريكية إلى إصدار تعليمات جديدة , تؤكد فيها على الرعايا الأمريكيين بالمغادرة و للأسباب نفسها من المخاطر.
بعد أيام و يوم الخميس تحديدا نهاية الأسبوع ذاته , كان السفير الأمريكي يزور مدينة حماة , و يعلن دعمه للإرهاب و الإرهابيين.
فلو كنا مجرمين كما يدعي سعادة السفير , فقد كان من الممكن بالنسبة لي ( و أنا الذي أمثل النظام في موقعي) القيام بأي تصرف , كان منعه لاحقا من زيارة حماة , و ما كان شيء يردعني سوى إن أخلاقنا تمنعنا من أي تصرف طائش و متهور , و إننا قوم مسالمون و نريد السلام لنا و لغيرنا , و لكن عقلهم الاستعماري الطامح دوما إلى السيطرة على الشعوب و نهب خيراتها يجعلهم دوما في خانة المعتدين لا يحكمهم في تحقيق ما يريدون أي ضابط أخلاقي .
روبرت فورد كنت بين يدي فأطلقتك حرا .. دعوا سوريا تعيش بسلام
لم نعتد و لم نكن قط معتدين , نريد الخير لنا و لكل شعوب العالم و لكن من يبادرنا بالحرب سنحاربه و لن نستكين .
0000-00-00 00:00:00 | دمقنااااا شامناااااا ستبقىارض السلام والطيبة والتاريخ العريق |
عاشت سوريتنا عزيزة وعاش المخلصون والطيبين والحافظون لها يارب بوركت ياارض البركات برجالك الحقيقين وابعد الله عنك كل ثعلب وثعبان الامريكان وكلابهم | |
صباح سورية |