دام برس:

شغل الرئيس بشار الأسد العالم على مدى السنوات الثلاث الماضية : يسقط .. يرحل .. يتنحّى .. لايترشح للإنتخابات الرئاسية !

ولم يختلف المشهد في جنيف 2 .. فالخطاب الغربي والخليجي لايزال مشغولا بالرئيس الأسد ويؤكد أن لامكان له في مستقبل سورية الجديدة !

لقد حرص رئيس مايسمى بالإئتلاف المعارض أحمد جربا على تفجير قنبلة إعلامية في نهاية اليوم الأول لمؤتمر (جنيف 2) عنوانها : روسيا ليست متشبثة بالأسد !

وبسرعة تصدّرت القنبلة عناوين وسائل الإعلام ونشرات الأخبار موحية أن روسيا تخلت عن معارضتها لتنحي الأسد وترشحه لولاية رئاسية جدييدة في عام 2014 !

وليست هذه المرة الأولى التي يتصيّد فيها طرف سياسي وإعلامي معادٍ لسورية كلاما مجتزءا من تصريح لمسؤولين في الحكومة الروسية ليؤكدوا أن العالم بأجمعه ضد بقاء الأسد !

جميع التصريحات هدفها واحد : فليرحل الأسد !

وإذا عدنا إلى التصريحت النارية لحكومات الأنظمة الغربية والخليجية الأولى سنستنتج بسهولة انهم كانوا يتوقعون سقوط "النظام" خلال ثلاثة أشهر على الأكثر !

وكانت توقعاتهم منطقية جدا من الناحية النظرية ، فالأنظمة في تونس ومصر واليمن وليبيا سقطت سريعا وأحيانا بالضربة القاضية ، ولم يتوقع أحد من الأنظمة الغربية والخليجية أن السيل الجارف لما سموه "الربيع العربي" سينحسر على أسوار سورية.

الإختلاف الحاسم الذي خيّب آمال الغرب وأحبط توقعاتهم هو أن ليس لدى الغرب وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية أي نفوذ سياسي على الحكومة أو الجيش السوري ليحددوا من خلاله مصير الرئيس الأسد كما فعلوا بسرعة في "أنظمة الربيع العربي"!

شنوا حملة إعلامية وسياسية ودبلوماسية غير مسبوقة في التاريخ أساسها التضليل والأكاذيب .. ففشلوا !

حاولوا إصدار قرارات ملزمة من مجلس الأمن .. فاصطدموا بالفيتو الروسي والصيني !

صعّدوا باتجاه إرسال عشرات الآلاف من الإرهابيين والأسلحة الفتاكة عبر الحدود التركية والأردنية واللبنانية والعراقية لإسقاط "النظام" بالقوة .. فاصطموا بصمود الجيش العربي السوري !

وقرروا أخيرا شن حرب عسكرية مباشرة على سورية وحددوا موعدا لها .. ولكنهم فشلوا أمام ردة الفعل والتهديدات غير المباشرة من أصدقاء وحلفاء سورية بإشعال المنطقة .. فتراجعوا ، وتبرعت روسيا بإخراج سيناريو يحفظ هيبة أمريكا لهذا التراجع عبر تسوية "الكيماوي السوري" !

لم يبق أمام الغرب الإستعماري والعدواني المذهول والمحبط بصمود الجيش والقيادة والشعب أمام الحرب الكونية على سورية سوى طلب "النجدة" من روسيا !

لم يطلب الغرب من الرئيس بوتين سوى أمر واحد فقط : إقناع الأسد بعدم الترشح للإنتخابات الرئاسية في عام 2014 .. !

بماذا أجاب بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف ؟

كررا الإجابة مرارا : روسيا غير متشبثة بالأسد !

هذا ماقاله بوضوخ لافروف للجربا في باريس منذ أسبوعين مؤكدا له : ان هذا الأمر يقرره السوريون وأن الحل يجب أن يأتي من خلال التفاوض بين السوريين أنفسهم عبر عملية سياسية .

ومن يسمع تصريحات مسؤولي الحكومة الروسية يستنتج بسهولة انها لاتختلف عن تصريحات مسؤولي الحكومة السورية : بقاء الأسد بيد السوريين وليس الأمريكان !

أليس هذا ماقاله وزير الخارجية وليد المعلم لوير خارجية أمريكا جون كيري بلهجة حاسمة وقاطعة ومباشرة في افتتاح مؤتمر جنيف 2 ؟؟ 

ولكن رغم هذا الوضوح لم تتوقف الإدارة الأمريكية عن الرهان على تغيير الموقف الروسي ، وتوهمت السعودية مملكة الشر والإرهاب انها يمكن أن تشتري روسيا بحفنة من الدولارات ، واستنجدت بحليفيها فرنسا وإسرائيل للضغط على روسيا للتخلي عن دعم الأسد !

حاول الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اقناع موسكو بأن "مصلحتها تكمن في تنحي الاسد".. ففشل!

وتلبية للرغبة السعودية شارك هولاند في الجهود الدبلوماسية الغربية التي كان عنوانها: مناقشة "صريحة مع روسيا لاقناعها بان مصلحتها  تكمن في تنحي بشار الاسد" ولم يحصد سوى الفشل !

لم يبق أمام هولاند سوى الطلب من صديقه بنيامين نتانياهو رئيس حكومة العدو أن يطلب من الرئيس الروسي إقناعه بالضغط على الرئيس السوري بعدم الترشح لولايةجديدة!

فعلها نتنياهو بلا تردد فسأل بوتين أثناء زيارته لإسرائيل : لماذا لاتقنعون الأسد بالتنحي "؟

ابتسم بوتين وأجاب : سألناه فقال انه لايريد التنحي .. حاول أنت أن تقنعه ؟

ولا تزال المحاولات مستمرة في أروقة جنيف ، فالأنظمة الغربية والخليجية التي فشلت بإسقاط الأسد بالقوة تسعى حاليا لإسقاطه بالدبلومسية !

ولكن مالم يقله الإعلام الغربي صراحة حتى الآن أن الأسد الذي شغل العالم على مدى ثلاث سنوات وصمد وقاوم وقاتل وانتصر على الأعداء .. سيكون رئيسا لسورية الجديدة لولاية جديدة بإرادة السوريين .