دام برس:

من مواطن سوري إلى السيد القائد العام للجيش و القوات المسلحة الفريق بشار الأسد:
على خلاف من يخاطبونك في هذا المقام أرجو أن تسمح لي قليلاً أن أغرد خارج سرب المتملقين..و إن كان تغريدي نشاز فأرجو يا سيدي أن تغفر لي نشازي و أن تعاملني على الأقل كمغرر به أسوة بغيري ممن غرر بهم و نالوا عفوك..و ما أكثرهم!!
سيدي القائد العام للجيش و القوات المسلحة لست أكثر من مواطن سوري...حسبه سوري بعد أن أكتشفت أن ثوب العروبة البالي لم يدخل الدفء إلى قلبي يوماً و أن ترقيعات اعلامنا له زادته سوءاً فخلعته إلى الأبد و تدثرت برياحين الشهداء و هو الثوب الذي لن أخلعه ما
حييث لأن ثوباً غيره لم يحفظ كرامتي و لم يستر عورتي و لم يدخل الدفء إلى عروقي..

أخاطبك بصفتك القائد العام للجيش و القوات المسلحة قبل أي صفة أخرى لأن الجيش هو أقدس أقداسنا و معيار الشرف و الثقة و الولاء الذي بدونه لا مكان لأحد في قلوبنا و عقولنا..
و لأننا ائتمناك على هذه الأمانة و هي قيادة هذا الجيش المقدس كان لزاماً علينا أن نخاطبك من القلب إلى القلب و من العقل إلى العقل و ألا نكرر على مسامعك قصائد المهللين
و لا مدائح المتملقين و هي لعلها إحدى العيوب القليلة للتدثر بذلك الثوب الجديد !!!
لا أعرف يا سيدي الرئيس إن كنت قد شاهدت ما جرى في مشفى الكندي من أسر لجنود من حماة الديار, أو رفع أحدهم لك تقريراً عما حصل هناك, و لكن أن يمر هذا الحدث و كأن شيئاً لم يحدث فاعذرني أرجوك, إذ أسمع اصطكاك عظام الشهداء يضج بها رأسي حتى تكاد تصم آذاني بحيث لا طاقة لي على الصمت إزاءها..
أن نرى رجال الله شعث الرؤوس طليقي اللحى نحيلي الأجساد بالكاد يقف بعضهم محافظاً على وعيه من آلام جروحهم..بينما تختصر أثلام وجوههم و شحوبها قصص معاناة تخر الحبال لسماعها لا تبدأ بالجوع (و أي جوع!!) و لا تنتهي بخذلانهم (و أي خذلان!!) إلى أن وقعوا في قبضة
جلاديهم على مرآنا و مسامعنا و إدراكنا..يساقون إلى الذبح و في عيون من لا يزال محافظاً على وعيه منهم نظرات ملؤها التحدي و الكبرياء و كأنه يبصق بها على جلاديه و قبلهم علينا نحن من نتفاخر ببطولاتهم كالببغاوات لا مشاعر و لا أدنى إحساس بمسؤوليتنا تجاههم و هم الذي بقوا تحت الحصار شهور طوال في حلب سوى اللهم مهاراتنا في نظم قصائد التعظيم التي لم تضمد جراح أحدهم ...أن نرى كل ذلك ثم نبقى متماسكين و مدعين للثبات و النصر و التأييد الإلهي لحكمة الدولة و عظمتها فهذه خيانة لشهدائنا لن نرتضيها مهما بلغنا من وضاعة في الشأن.. صدقني لست أكثر من مجرد إنسان بسيط من فقراء جبال هذا الساحل المكلوم فقد من فقد من أهله و أقربائه و أصدقائه كرمى للوطن و لا أرى نفسي إلا شهيداً في يوم عساه ليس ببعيد, و حتى إن اعتبرني المغرر بهم و الذين نالوا عفوك بأني لا أستحق الحياة و يقسمون الايمان
صباح مساء أن يعيدوني للعيش في كهوف الجبال مع إشراقة شمس حريتهم "الميمونة"..مع كل هذا ثمة كرامة استمديتها من أرواح الشهداء لن أفرط فيها مهما يكن الثمن, إذ ما عدت أملك ما هو أقدس منها لأنها الأمانة التي وضعها خيرة خلق الله في أعناقنا قبل رحيلهم إلى عالم الخلود هذه الكرامة قد مسها الضر و الحيف و الأذى مما جرى في مشفى الكندي و قبله و بعده الكثير من الأهوال و لكن هول ما حصل هناك أخرجني عن تجلدي و صبري و صمتي أسأل نفسي و تالياً أسألك يا سيدي: أيعقل أن تبقى نقاط و مواقع محاصرة شهور طوال دون أن يفك عنها الحصار أو يجري إخراج رجالنا منها بسلام ؟ ثم تكون النهاية الفاجعة ذاتها..سقوط الموقع و مقتل العشرات من فلذات أكبادنا على مرآنا و مسامعنا؟ و قد يحالف الحظ أحدهم و ينجح بعد ألف تغريبة في الوصول إلى نقطة آمنة مع ما يحمله من آلام في القلب و الروح و الجسد لا طاقة للجبال على حملها أيعقل أن تقبل بهذا؟
هل طلبت رجالاً أو فدائيين و جئناك بالرفض لا قدر الله؟
لماذا إذاً يتكرر ذات السيناريو و الذي ليس جسر الشغور أوله و لا مشفى الكندي آخره علىما يبدو؟
أيعقل أن يكون جزاء من حمى الوطن بتسليمهم لقمة سائغة لرهط الفجور ليتفننوا في إهانتهم و نحرهم ثم نصحوا في اليوم التالي أو الذي يليه على أبعد تقدير و كأن شيئاً لم يكن؟ أيعقل أنك تعتمد على قادة بهذا الاستهتار أو الفشل إن أحسنا الظن أو الخيانة إن أسأنا الظن؟

مواطن سوري