دام برس:
كـثيــرة هـي العـبـر ولـكن قـلــة هـم المـُـعـتبـريـن , إنْ لـم أقـــل غـيـر مـوجـوديـن اصــلا , فـالجـميـع قــد ركـب قـارب اوهـامــه يـريــد الظفـر بـغنيمـة لـم يظفـر بــها مـَنْ ســبقــه اليهـا بالأمس وأغـرقـتـه امـواج عنجهيـتـه ورمـت بــه الـى مـزابـل التـاريـخ , والحـديـث هنـا مـوجـه الـى العـراقييـن جمعـا , بـمخـتـلف مسـميـاتهـم الدينيـة والمذهبيــه , وأثــنيـاتهـم العـرقيــة وتـيـاراتهـم الســياسيـة والحـزبيــة , الـذيـن يجـب أنْ يكـونـوا اول المـُعـتبـريـن من شعـوب دول المنطقــة , ليس بسبب حكمتهـم او تقـدمهـم علـى الآخـريـن بالمفـاضلــه , بـل لأنهـم الأكثـر سخـطـا والاسـوء حظـا , الـذيـن مـروا بسـنـوات الحـروب العبثيــة قـبل غيـرهـم , و التي لا نـاقـة لهـم فيهـا ولا جمـلســوى المـوت بأبشــع صـورة , الـذي طـال كبيـرهـم وصغيـرهـم , مـن اقصـى نقطـة بجنـوب العـراق الـى اعلـى قمـة فـي شمـالـه , وعـاشـوا سـنـواتالحصـار العجـاف واعـوام الاحـتلال المقيـت والاقـتتـال الطـائفـي الاعمــى ,ودفعـوا انهـارا مـن الدمـاء التي لـم يفـرق فيهـا اعـداءهـم والحـاقـديـن عليهـم, بيـن الدم السني والشيعـي , ولا الكردي عـن العـربي , ولا المسيحي عن المسـلم , ولا الصابئي عـن اليـزيـدي .
الـدفـع بـالأمــور الـى حـافــة الهـاويــة فـي هــذا الظـرف الـدقيـق والمصـيـري فـي تـاريـخ دول المنطقــة , لا يخـدم ســوى اصحـاب الغـايـات والنـوايـا والحـاقـديـن , المتعطشـيـن لـرؤيــة دمـاء الابـريـاء تســيل فـي الطـرقـات ,واعـراض النسـاء تنتهـك , والشـرف يهـان , وعلـى الـذيـن يـريـدون أنْ يـزايـدوا علـى بعضهـم البعـض , ويـدفعـون للتــأزيم والتصـادم الـسـني الشـيعـي لأغـراض انتخـابيـة ومصـالح حـزبيـة وفــئـويــه , مـُـسـتغليـن الســذدج والجهـلاء والمـأزوميـن , ســواء كـانـوا فـي معسـكـر الحكـومـة ومـؤيـديهـا او خـصـوهـم فـي العمليـة السـاسيـة ومنـاوئيهــا , أنْ لا يـذهبـوا بعيــدا بمغـامـراتهـم الشيطـانيـة هـذه ويســتذكـروا , واذا كـانت ذاكـرتهـم الجمعيــة متعثــرة وخـاويـة , وأنســتهـم وغيبــة عنهـم تجارب الأمس القـريب الداميــة , فعليهـم أنْ يـنـاظـروا المشــهـد الســوري ومـآســيــه, ويـتعـظــوا .
منهجيـة الكيـل بـمكيـاليـن وغض الطـرف التي دأبـت علـى انتهـاجهـا النخـب السـياسيــة العـراقيـة الحاكمـة منهـا والمنـاوئــه لهـا , بخـصـوص الكثيـر مـن القضـايـا التي تمس حيـاة المـواطـن العـراقـي اليـوميـة , والانتقـائيــة فـي تنفيـذ القـرارات والقـوانين , مـن اهـم الاســبـاب التي خـلقـت حـالـة الفـوضــى فـي الشـارع , واعـطـت الضـوء الأخضـر للقـوى الخـارجيـة المـتـربصـه بالعمليـة السـياسيــة للتـدخـل فـي الشــأن الداخـلي العـراقي , وتـجنيـد اصحـاب النفوس الضعيفـة مـن الجـانبيـن , لـتأزيـم الـوضـع الداخـلي علـى اسـاس الطـائفـة والمـذهـب اولا , وخـلط ورقــة الارهـاب مـع ورقـة المطـالب المشروعه , التي تنـادي بهـا الأغلبيـة مـن العـراقييـن فـي ظـل الـوضـع المـزري للبـلد , وحـالـة الفســاد والسـرقــة والاسـتثـراء غيـر المشـروع ونهـب امـوال الدولــة بطـرق ملتـويـه , فـأحمـد العلـوانـي وانصـار داعشيتـــهلا يخـتلف عـن البطـاط وجـيش مختـاريتـه , وهمـا وجهـان لعملــة واحــده , بل أنّ ثـانيهمـا احقـر مـن الاول واولهمـا انجس من الثـانـي , وكـان الأجـدر بالحكـومـة وقـواهـا ألأمنيــة قـبـل ذهـابهـم الـى الانبـار لإقـتيـاد العلـوانـي ,أنْ يكـونـوا قــــد اودعـوا البطـاط الســجـن , ونـال جـزاء عنـتريـاتـه وتـأجيجـاتـه الطـائفيـة , حـتـى لا يكـون للمتصـيديـن بالمـاء العكـر واصحـاب النـوايـا والمعـتـاشيـن علـى التثـويـر الطـائفــي واصحـاب الاجـنـده الخبيثــهحجــة يـتـاجـرون بهـا , و ثغـرة يـنفـثـون مـنهـا سمـومهـم , ولـكـن علـى مـا يبــدو , إنَ قـرارات الأمس الانفعـاليـة والعنجهيـات الفـرديـة , التي اوصلتنـا لمـا نحـن عليــه اليــوم , لازالـت هــي هــي , وإنْ اخـتـلفـت مـُسـميـات اصحـاب تلك القـرارات والعنتـريـات وانتمـاآتهـم وولاآتهـم الحـزبيـه والطـائفيـة .
أنْ محـاربـة الارهـاب وتجـفيـف منابعـه والقضـاء علـى البـؤر الحـاضنـه لـه اينمـا كـانت لا اعتـراض لأحـد عليــه , وهـو واجب وطني ومقـدس ,والـوقـوف معـه لايقـل عـنـه قـدسيــة ووطنيــة , و لكـن أنْ يسـتغـل هـذا العمـل لتصفيــة حسـابـات حـزبيـة وطـائفيـة وشـخصيـه , ويسـتخـدم المـواطـن العـراقي , سـواء كـان فـي الجيش او الاجهـزة الأمنيــة او الـواجهـات العشـائريــة والمجتمعيــة , كـحـطب لنـاره , فهـو اكثـر خـطـورة مـن الارهـاب نفســه , ويجـب علـى العقـلاء التصـدي لــه , وايقـاف المسـؤوليـن عنـه عنـد حـدودهـم ,وتصـويب البنـدقيــة العـراقيـة الجمعيـة بالضـد مـن الارهـاب ولا سـواه , امـا الخـلافـات السياسيـة والاخطـاء والتجـاوزرات الفرديـة هنـا او هنـاك , فيـجب حلهـا بالحـوار والاحتكـام الـى المنطـق , وتغليب العقـل علـى الشيطنـه , والمصلحـة الوطنيـة علـى الفئـويـة , فهنـاك مـن المعطيـات والاسـتدلالات التي تـدل علـى إنَ هنـاك جهـات بعينهـا وهـي مـن داخل العمليـة السياسيـة ولكنهـا مـرتبطـة بمشـاريـع خـارجيـة ) شــيعيـة وســنيـه وبعضهـا قيـادات عسكريـة مـرتبطـة بعـبث دوري المختـار ضمـن الحلقـة المقـربـة مـن رئيس الوزراء المالكـي ) , تعمـل علـى الدفـع نحـو اسـتقـدام الحـالـة السـوريـة الـى العـراق مـرة اخـرى , بعـد أنْ استطـاع الجيش العربي السوري والخيرين من ابنـاءه وبحكـمـة قيـادتــه قبــر المـؤامـرة العـربانيـة الصهيـونيـة , واسقطـوا مشـروعهـا علـى ارض الشـام الغـراء , فحـذاري أيهـا العـراقييـن بسنتكـم وشـيعتكـم أنْ تقعـوا بالفـخ مـرة اخـرى , و ذكـــر إنْ نفـعـت الـــذكـرى .
al_asadi@aol.com