Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
هل تستطيع روسيا أن تمزق تحالف واشنطن مع مصر؟ بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | هل تستطيع روسيا أن تمزق تحالف واشنطن مع مصر؟ بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
تحولت مصر إلى ساحة منافسة بين الدولتين الأقوى في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وروسيا من الجهة الأخرى، إذ تبذل الدولتان جهودهما لكسب ود مصر خلال الفترة الحالية، حيث أشعل الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" هذه المنافسة الروسية الأمريكية بعد أن إستغل القرار الذي إتخذته الولايات المتحدة بإلغاء مناورات النجم الساطع مع الجيش المصري، وأعلن عن استعداد بلاده التحضير لمناورة مشتركة بين الجانبين رداً على إلغاء الولايات المتحدة الأمريكية مناورات النجم الساطع.
وبدت القاهرة من جانبها حريصة على إذكاء هذه المنافسة الروسية الأمريكية للحصول على أكبر قدر من المكاسب، فاتخذت القاهرة موقفاً أكثر ميلاً للتوجه الروسي من الأزمة السورية، وأعلنت عن تأييد مصر للجهود الثى بذلتها روسيا للحيلولة دون توجيه ضربة أمريكية لسوريا.
واليوم تتصارع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا على بسط نفوذهما في منطقة الشرق الأوسط خاصة مصر، في ظل الإضطرابات السياسية التي تواجهها، فالتوتر الذي شاب العلاقات المصرية الأمريكية في الفترة الأخيرة، ترك مساحة واسعة لروسيا كي تتدخل لملء الفراغ وتقديم يد العون وتكون بمثابة حليف بديل عن واشنطن في مصر.
إن رغبة روسيا في التقرب من مصر يهدف إلى العودة لنفوذها في منطقة الشرق الأوسط من خلال مصر بعد أن خسرتها في السبعينيات بعد حرب أكتوبر عام 1973، أو أن تظل ضاغطة بتقربها من مصر على الولايات المتحدة، وعندئذ ستكون ورقة تستخدمها روسيا في وجه أمريكا في القضايا الخلافية بينهما.
تعتبر الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية العام الجاري الى القاهرة جزء من محاولة موسكو أن تحل محل الولايات المتحدة  الأمريكية كداعم أساسي للجيش المصري، بعد أن فشلت إدارة أوباما في احتواء النظام المصري الجديد وتقديم الدعم اللازم له، فضلاً عن قرار تقليص شحنات الأسلحة والمساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، في الوقت الذي تخوض فيه الحكومة المؤقتة معارك ضد المسلحين في شبه جزيرة سيناء، الأمر الذي كان السبب الرئيسي في إفساد التحالف الأمريكي المصري الذي دام لأكثر من ثلاثة عقود، وستعتبر هذه الزيارة هي الأولى منذ السبعينيات التي ستستعيد فيها روسيا نفوذها الذي خسرته في علاقتها القوية مع مصر حين طرد الرئيس  السادات المستشارين العسكريين السوفييت وأوقف شراء الأسلحة من روسيا.
وبالمقابل أعربت إسرائيل عن قلقها من تدهور العلاقات المصرية -الأمريكية، عقب قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما تجميد المساعدات العسكرية لمصر، من خلال تحذيرها من أن روسيا تسعى لملء الفراغ الذي خلفته واشنطن عقب تدهور علاقاتها مع القاهرة، على أمل عودة التحالف الاستراتيجي بين القاهرة وموسكو، على غرار ما كان سائداً خلال فترة الحرب الباردة.
وفي سياق متصل تعد واشنطن المسئولة عن التوجه المصري الحالي تجاه روسيا، بسبب تذبذب إدارة أوباما في مساندة الشعب المصري عقب ثورة 30 يونيو، الأمر الذي أدى إلى تزايد قوة التيار القومي الذي ينادي بإستقلال القرار المصري ونقض الشراكة مع واشنطن، فضلاً عن العداء الشعبي المتزايد تجاه الولايات المتحدة سواء من المؤيدين للحكومة المؤقتة أو المعارضين لها من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، فالإضطرابات السياسية وخيبة الأمل التي اصابت مصر من حلفائها الغربيين جعلت مصر تفكر ملياً من جديد في سياستها الخارجية وأولوياتها وتحويل محور اهتمامها وتحالفاتها إلى دول شرق الأطلسي، لاسيما النظر إلى الدب الروسي، وهو ما يجعل القاهرة تحاول التقارب من موسكو لبناء علاقات جديدة تعيد ذاكرتها إلى عقود الاتحاد السوفيتي.
وفي نفس الاتجاه نشرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، تقريراً عن الصراع بين روسيا والولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتحول منطقة الشرق الأوسط إلى ساحة حرب باردة جديدة بين واشنطن وموسكو، وينقل عن مراقبين قولهم: إن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، مهدد بخسارة هذه الحرب لصالح نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، ويستعرض التقرير موقف كل من واشنطن وموسكو إزاء أبرز نقاط الصراع بين الجانبين في مصر، من خلال تردد الولايات المتحدة الأمريكية بشأن تحديد ماهية عزل الجيش الرئيس محمد مرسي من حيث اعتباره انقلاباً عسكرياً أم لا، وهو ما أثار نفوراً لدى طرفي النزاع  في مصر.
وفي مجمل الحديث تعد قضية "التسليح" من أهم محددات علاقة مصر بحلفائها، ففي بداية عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر طلب شراء أسلحة من واشنطن، لكن الأخيرة رفضت، فتوجه إلى الاتحاد السوفيتي ليكون شراكة تعاون عسكري نتج عنها توقيع إتفاقيات تسليح للجيش المصري، وفي عام 1970 تخلى الرئيس أنور السادات عن الإتحاد السوفيتي ليتجه إلى الولايات المتحدة بسبب تلكؤ السوفييت في تسليم شحنات أسلحة للجيش المصري في الوقت الذي كان يستعد فيه لخوض حرب تحرير سيناء، وفي عام 1979 عادت مصر للولايات المتحدة بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل لتحصل بمقتضاها على مساعدات عسكرية سنوية بلغت 1.2 مليار دولار.
تسعى مصر على استعادة علاقاتها الطبيعية مع روسيا خلال الفترة القادمة، لأن سياسة مصر الخارجية تتبع نظام إحداث توازن في العلاقات من كل الدول دون الإنحياز والإعتماد على دولة واحدة، حيث قامت مصر بتنويع سلاحها ثلاث مرات بداية من السلاح البريطاني ثم الروسي وأخيراً الأمريكي، والآن تعمل مصر على التنويع بين الترسانة الأمريكية الروسية.
وفي السياق ذاته، تستعد مصر وروسيا لتوقيع أكبر صفقة سلاح منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، وهذه الصفقة تأتي على وقع توتر العلاقات الأميركية بعد إطاحة حكم الإخوان في يوليو الماضي، وتقدر الصفقة التسليحية المنتظرة لتحديث الجيش المصري والمفترض توقيعها بين مصر وروسيا بحوالي أربعة مليارات دولار، بحسب المصادر الروسية.
والى ذلك، كشفت صحيفة (واشنطن فري بيكون) الأميركية أن مصر ستتعاقد على شراء أسلحة متطورة من روسيا تتضمن صفقة طائرات حديثة، ومنظومات صواريخ دفاع جوي، بالإضافة إلى تحديث الدبابات الروسية القديمة التي مازال يستخدمها الجيش المصري، وتزويدها بأسلحة وأجهزة متقدمة.
والسؤال الرئيسي الذي يفرض نفسه هنا بقوة، هل تستغني الولايات المتحدة الأمريكية عن دور مصر في المرحلة الراهنة، وهل تصبح روسيا حليف المصريين على حساب أمريكا؟
هناك قلق أمريكي من أن تقوم مصر بعلاقات مع الروس، لأن ذلك سيؤثر في موازين القوى بالعالم والشرق الأوسط، كما أن الولايات المتحدة لا تريد أن تحدث وتتطور تلك العلاقات، لأنها لا يمكنها الإستغناء عن العلاقة مع مصر، وبالتالي فإن الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج من مصر المحافظة على اتفاقيه السلام مع إسرائيل التي هي طرف أساسي بها، كما أن أمريكا تستفيد من المساعدات العسكرية أكثر من المصريين.
كما أكدت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن الخطة السياسية الروسية الجديدة هي تجديد التحالف التاريخي مع مصر، موضحة أن روسيا لعبت دوراً حيوياً في القضية السورية، كما ستدعم مصر اقتصادياً بعد تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عنها، وأضافت الصحيفة أنه بعد توتر العلاقات بين أمريكا ومصر، فمن المتوقع أن تتدخل روسيا لكي تحل محل أمريكا وتقوم بتقديم الكثير من الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي لمصر.
فالولايات المتحدة هي الخاسر الأول والأخير جراء تحول الشرق الاوسط ومصر بشكل أكبر لروسيا، فالتهديد بقطع المعونة عن الدولة لن يؤثر على الاقتصاد كما يتم الادعاء بذلك، والقرارات الأمريكية لن تكون ملزمة لمنطقة الشرق الاوسط مما يقلل من هيمنتها وسيطرتها على تلك البلدان.
ومما سبق أرى أن عودة روسيا إلى الساحة العربية إنطلاقاً من مصر ليس معناه الدخول في حرب باردة جديدة بين موسكو وواشنطن، فروسيا ليست الاتحاد السوفيتي القديم، ولا امتداداً له، وتدرك خطورة الصدام مع الولايات المتحدة في هذه المرحلة، وبناء علاقات متوازنة هو هدف استراتيجي للسياسة الخارجية المصرية بعد ثورة يونيو، علاقات تستند إلى لغة المصالح والمنافع المتبادلة بين القاهرة وموسكو.
وأخيراً أختم مقالتي بالقول، أن مصر وروسيا في مرحلة بناء استراتيجية جديدة في المنطقة، وأن كلا منهما يحتاج الآخر، إذ تهتم روسيا بتحسين العلاقات مع مصر لإن مصر لها دور كبير في المنطقة، إضافة إلى أن سياسة مصر في المجال الدولي الآن تتجاوب مع المصالح الروسية، وأن الهدف من تقوية العلاقات المصرية الروسية مهم لإحداث توازن في العلاقات الدولية بين مصر وباقي الدول الأخرى خاصة وإن هناك روابط تربط الدولتين من فترات تاريخية طويلة، فضلاً عن أن قوة العلاقة بين مصر وروسيا يعطى لأمريكا رسالة قوية بأن مصر لديها علاقة متنوعة مع الدول الكبرى.

الوسوم (Tags)

مصر   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   لن تتخلى
لن تتخلى أمريكا عن مصر بسهولة
فايز درعاوي  
  0000-00-00 00:00:00   خلق توازن
ما تفعله مصر الان ما هو إلا خلق توزان بين قوتين عظمتين في المنطقه
بشار زحلاوي  
  0000-00-00 00:00:00   تغيير معادلة النفوذ
لو استطاعت روسيا أن تحل مكان الامريكان في مصر سيغير من معادلة النفوذ في الشرق الاوسط
دانيال  
  0000-00-00 00:00:00   موقف مصر من سورية
ان موقف النخبه الحاكمه في مصر الان من الازمة السوريه واختلافها مع الموقف الاميركي فتح الابواب للدخول الروسي
ياسر بركة  
  0000-00-00 00:00:00   زيارة الطراد
الزيارة التي قام بها الطراد الروسي لمصر ما هي الا اكبر دليل على التقارب العسكري الروسي المصري
هيفاء عيسى  
  0000-00-00 00:00:00   موقف أميركا من الاخوان
الموقف الأميركي من حزب الاخوان جعل مصر تعيد النظر في علاقاتها مع أمريكا
غسان عساف  
  0000-00-00 00:00:00   ليس من السهل
ليس من السهل على روسيا تحجيم النفوذ الاميركي في مصر فهو يسيطر على كل مؤسسات الدوله والجيش
نجاة  
  0000-00-00 00:00:00   كامب ديفيد
على مدى عقود استطاعت أمريكا من خلال كامب ديفيد بسط نفوذها في مصر
فريال صبحي  
  0000-00-00 00:00:00   خسر النفوذ
خسر الاتحاد السوفيتي نفوذا" كبير بخروجه من مصر و هي أقوى و أكبر دولة عربية
راشد  
  0000-00-00 00:00:00   إرجاع النفوذ
تحاول روسيا إرجاع نفوذها إلى الشرق الوسط
لؤي بارق  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz