دام برس:

الحرب على سورية طال أمدها.البعض يتحدث في نهايتها,والبعض الآخر في الربع الأخير منها,لكننا لم نلمس حتى اللحظة من يستطيع ضبط الزعزعة الحاصلة أو التنبؤ بالآثار التي يمكن أن تحدثها,خصوصاً عندما نسمع عبارات تدل في فحواها على الانتقام.كأن نسمع بأن من فقد فرداً من عائلته لن يسكت ،وسيشهر السلاح للانتقام من القتلة مع تكرار مستمر لتلك العبارات دون تحديد من قتل من,ومن خطف من,ومن دمّر,ومن خرّب,ومن سرق ,ومن، ومن، ومن....بمعنى استمرار القتال والدمار لحرب طويلة الأمد مادام الحديث في الانتقام,والمقصود هو الانتقام من النظام للدلالة على أنه القاتل .هذا ما يسوّقه الفكر التكفيري الوهابي.
عن ذلك نرى أنّ التوازن التقليدي بين المصالح والعادات يتحطم إلى الأبد.غير أنّ هناك آثاراً روحية أيضاً.
إنّ النتائج الحقيقية للحرب على سورية هي النتائج التي تحفر في أعمق أغوار النفوس.هي اضطرابات لا عدّ لها ولا حصر,وستبقى الحرب بمسمى الثورة وفق التسويق لها حاضرة في جميع المناقشات لأنها توجهت إلى جميع المواطنين دون تمييز.
إنها أهواء سياسية جديدة تماماً ,متعصبة ,تحريضية, تنشر الخراب والدمار.فكان لابد من خلق التجديد لدحض تأثيرها السلبي, لأنّ الثورة الوهابيّة التكفيرية التي قتلت ودمرت وزرعت الرعب وخيبت الآمال صار من الممكن رد فعل مضاد لها .
إنّ حروب الثورة التكفيرية قد قرعت أجراساً لفتح آفاق جديدة لسياسة تتجدد بتأثيرها,وإنّ التسوية لهذه الحرب لن يكون على حساب الشعب السوري الذي لاقى الأمرّين من عقابيل هذه الحرب التي ذهب ضحيّتها المئات من الأبرياء,وأسهمت في تدمير وحرق المئات من البيوت التي شيّدت بعرق ودمٍ ومن لقمة الأبناء وحليب الأطفال,وهي تنهار ويشرّد أصحابها لتكون المأساة الحقيقية لهؤلاء المساكين.
لقد قدّمت الوهابية التكفيرية للأمة العربية مثالاً للإلحاد وبدعوتهم لحمل السلاح والقتل وتكفير كل من يخالف تعاليمهم ,والتخريب في بنية المجتمع وعقابيلها هؤلاء الذين يتحدثون في الانتقام.
رغم إدراكهم التام بأنهم مجرمون ,هم من حمل السلاح,وهم القتلة,وهم من غرّر بالمواطنين بالرحيل بمطامع مالية أو بالإرهاب أو خلق الخوف لديهم من اعتقال أو اغتصاب.كل ذلك كان ضمن التسويق لهذه الحرب كماهم اليوم يسوّقون إلى ما بعد الحرب.فأيّة لهجة مضطرمة يمكن ألا نتوقعها.
المسألة في نظري ليس في خلق التشاؤم لدى أبناء وطني,بل على العكس تماماً فقد أردت أن أسلّط الضوء على أفكارٍ انتقامية يعمل المتطرفون على حملها وتسويقها بين بعض الجماعات المتشددة خصوصاً بعد النجاحات المتتالية للقوات المسلحة السورية في سحق المجموعات التكفيرية.فلكي لا تكون النهاية المأساوية للمتآمرين من مخططين ومنفذين وممولين ومدربين....هم يزرعون أحقاداً وشروراً للاستمرارية.
كما أنّ هناك فئة من هؤلاء ممن يدّعون أنهم مثقفون وأنهم ضد السلفية والعسكرة معاً, وأنّهم من دعاة المجتمع المدني الصرف.فرؤيتهم  أن سورية ذاهبة إلى التقسيم لامحالة.
لكن الشيء الذي لا أراه هم إلى أين ذاهبون وفق ما يعتقدون إذا كانوا ضد السلفية وضد العسكرة ويبحثون عن مجتمع مدني ؟؟!
حتى أفكارهم تذهب إلى تجذير الفكر السلفي,فهم سلفيون أكثر من السلفيين أنفسهم وهم مجرد مدّعون مهما حاولوا لكنهم متعايشون,ويزرعون بذور الفتنة أينما حلّوا وكانوا,وهم متورطون في الأزمة وشركاء في خلقها وإشعال فتيلها.
أردت مما قدمت تسليط الضوء على أفكارٍ تسوّق هنا وهناك بين صفوف الجماعات المتشددة,وأنا على يقين تام بأن القيادة السياسية والجيش العربي السوري وجميع القوى التقدمية في الجمهورية العربية السورية تدرك جيداً ما يحاك ويخطط ويدبّر ويرسم لتدمير سورية,وتضع كل الاحتمالات للمواجهة,وبدورها تحدّد لأعظم حدث في تاريخ العالم وأسعدها بالنصر الأكيد ,ونحن على ثقة بالنصر مهما عظمت التضحيات,والشهداء في الأرض أحياء في وجداننا,ولن تجف دمائهم الطاهرة حتى النصر لتزهر الأرض أقحواناً وتفوح الأرض عطراً من دماء زكيّة روتها لنحيا، وتبقى سورية تاجاً على رؤوس الأشراف فيها ووساماً على صدور أبنائها.
هيثم أحمد