دام برس:
مـاذا فـعـلـت ايــران الـى فـلسـطيـن وقـضيتهـا ؟ عــبـارة تـتـردد عـلـى لســان الكـثيـريـن مـِمـَـن يضمـرون العـداء والحـقـد والضغينــة عـلـى طـهـران ونـظـامهـا الســيـاسـي والـدينـي والمـذهـبـي , وهــذا التســاؤل لسـت مـبـنيا عـلـى قـاعــدة الاســتفهـام البريء , بقــدر مـا إنــه ضـامـرا بيـن طـيـاتـه وطـريقـة طـرحــه ومكـانهـاعلـى أوجــه الــشــكيـك والتـنـدر , ومحـاولات الطعـن وتـثـبيت روحيـة الاســتعـداء الـتي تسـعـى لهـا دوائــر التـطـويف المـذهـبـي وتســوق بضـاعتهـا فـي العقـول الفـاقــدة لمـنـاعتهـا الفكـريـة والغـارقــة فـي دامسـيـة ظـلام ثـقـافـة الاقصـاء المذهـبـي , وقــبـل اســتعـراض المـوقـف والفعـل المـبـدئــي لإيــران اتجــاه القضيــة الفـلســـطينيــة ,يتســائـل أي انســان يمـتـلـك ذره مـِنْ الحـيـاء , إلا يـخـجــل هـؤلاء الـبلهـاء حـيـنمـا يـعـايـرون ايــران بفعلهـا لـفلـسـطيـن مـِنْ عــدمــه ؟ أو لـيـس الأجــدر بـهـم أنْ يـتســائلـوا مـِنْ أنـفسهــم اولا وآخـرا عـن مـاذا قـدمـوا هـم , بشعـوبهـم وحـكومـاتهـم لـقـضية اخـوتهـم بـالعـروبـة إنْ كـانـوا عـربـا , قـبل أن يـزايـدوا عـلـى الآخـريــن ؟ أو لـيس أهـل القـربــى أولــى بـالمعـروف ؟ ثـم كم هــو عمـر قضيـة احـتـلال فـلســطيـن وتشــريــد شعـبهـا مقـاربــة بعمـر الثـورة الاســلاميـة فـي ايــران؟ وأيــن هـم العـرب والاعـراب والعـربـان مـِنْ فـلســطيـن بـأمـسهــا وحـاضـرهـا ؟
يـتنـاســى البعـض إنْ لـم أقــل يســتغـبـي نـفسـه ,عـن حـقيقــة خـيـانـة الأقــربـون مِـنَ العـربـان والاعـراب لـلقضيـة الفلـسطينيـة , مـنذ اللحظـة التي بشــر فيهـا بلفــورد الصهـاينـة اليهـود بـوطـن قـومـي لهـم علـى ارض فـلسطـيـن ,وكــانـوا طـوال تـاريـخهـم القـديـم والحـديـث عـواهـر عمـالـة تـتـنقـل مـا بيـن الاحضـان البـريطـانيـة الـى الأمـريكيــة , وتـتبـادل الادوارفــي تـمييـع قضيــة فـلسـطيـن ابـتداءا مـِنْتـدويلهــا والتخـاذل فـي تـبنيهـا عـربيـا , والتخـلـي عـن دعـم مقـاومتهـا والمشاركـة الفعليــة فـي مـواجهـة اسـرائيـل واحـتـلالهـا , انتهـاءابـطـرح المشاريـع الاسـتسـلاميـة تلـو المشاريـع ,والمبـادرات الخيـانيـه تلـو المبـادرات , وتوقيـع معـاهـدات الذل والبيع والاسـتسـلام , والتفنن فيمحـاربـة ومعـاداة الـدول التي تـتبنـى فعـل التحـريـر و خطـابه وتحـتضـن قـوى الصمود والمقـاومـة وتـدعمهـا سياسيـا وعسـكـريـا ومـاديـا ومعنـويـا , ومــا معــاداة دعــاة العـروبــة الـى ايــران الثـورة الاسـلامـيـة ولا اقـول الـى ايـرانالمـاضـي , ( لأنَ جـميـع مـَنْ عـادوا طهـران بعـدانتصـار ثـورتهـا عام 1979 , ويناصـبونهـا الضغينـه اليـوم , كـانـوا حـلفـاء لشــاه ايــران فـي العمـالـة والتبعيـة وخـدم لـنظـامــه الشـاهن شـاهـي قـبـل ذلـك التـاريــخ ) , إلا حلقــة محـوريــة مـِنْ حـلقـات معســكـر انهـاء القضيــة الفلسـطينيـة, ومعـاداة وتركيـع كـل مـَنْ يـتبنـى منهـج المقـاومــة, ويعمـل عـلـى اقـرار وجـوبيـة اسـتعـادة الحـق الفلسطيني المغتصب , وتحـريـر كـامـل الاراضي العربية المغتصبـة .
المـكالمـة الهـاتفيــه الـتي بـادر بهـا الرئيس الأمـريكـي اوبـامـا مـتصـلا بالـرئيس الأيـرانـي حـسن روحـانـي فـي خـتـام زيـارة الأخيـر الـى نيويـورك والقـاءه خـطـابـا تـاريخيـا علـى منصـة الجمعيـة العـامـة لـلأمـم المتحـدة , والـتي اعـتبـرهـا الاعـلام الدولـي والمـتابعيـن لمـلف الـعـلاقـات الأمـريكيـة الأيـرانيــة تـقـاربـا بيـن واشــنطـن وطهـران , عـلـى مـايـبـدو قــد أرقـت الـنـوم فـي عـيـون الكـثيـرين الـذيـن كـانـوا يـمـنـون انفسهـم مـراهـنيين عـلـى ضـربـة امـريكيـة اســرائيليــة لإيـران ومنـشـآتهـا النـوويــة , وخـلطت الاوراق عـنـدهـم والـى الـدرجـة التي جعلـوا مـن هــذة المكـالمـة ومـا رسمـو عليهـا مـن تقـاربـات محتملــه دليــلا بيــدهـم علـى عمـالـة طهـران الـى واشــنطـن , وتخليهـا عـن ســياساتهـا المنـاهضــه للغـطـرســة الأمـريكيـة فـي العـالـم والمنطقــة , حـيث وصـلت الســذاجــه والمهـزلــة فـي تفكيـر البعـض منهـم عـلـى اعتـبـار التحـالف الأمـريكـي الايـرانـي الاسـرائيلـي قـائمـا مـنـذ قيـام الثـورة الاسـلاميـة , و عـدم حصـول مـا اسـمـاهـا بـالفـوضـى (الهـلاكــة ) حـسب تعبيـره ,بعــد اســقـاط الشـــاه علـى غـرار مـا حـدث ويحـدث فـي العـراق وتـونس وليبـا ومصـر مـُسـلمـة لا نـقـاش عليهـا عـنَ تحـالف واشنـطن طهـران البـاطـنـي , و إنَ الحـفـاظ علـى وحـدة ايـران وقـوتهـا وتمـاسكهـا مـِنْ اولويـات ســلـم ســياسـات امـريكـا فـي المنطقــة , حـيث تـنـاسـى هــذا المعـتـوه او انســاه خـرفــه والزهـايمـر الذي اخـذ مـأخـذا منـه , إنَ الشــاه كان شــرطـي امـريكـا واســرائيـل فـي الخليـج والمنطقــة والمنفـذ الأمـيـن لســيـاسـاتهـما , وأمـريكـا مـا كانت بحـاجـة الـى نظـام جـديـد لـينفـذ اجنـدتهـا حتى تنقلب عليـه , ولـكن الثـورة الايـرانيـة واسـقـاط الشــاه جـاء رغمـا عـن انفهــا , كمـا إنــه لـم يكـن فـي حـينــه مشاريـع فـوضى خـلاقـة او هـلاكـة ,حـيث القطبيـة الدوليــه , والحـرب البـارده ,والاســتقـطاب العـالمـي الذي كـان يـهيمـن عـلـى الخـارطـة الســياسيــة الكـونيــه مـا كـان لـيـسـمح بمشـاريـع الفـوضـى التي نـعيش افـاقهـا اليـوم , يضـاف الـى ذلـك إنَ تركيبـة الشــعـب الايـرانـي المذهـبيـة الأثـنـي عشـريـة تطغـي عـلـى التعـدديـة القـوميـة فيهـا , وتســتبقهـا فـي اولـويـات تفكيـر الشخصيـة الايـرانـيـة مهمـا كـانت خـلفيتــهاالأنتمـائيـة الأثـنيــه , وقـبـل كـل هـذا وذاك ,فـالثـورة الايـرانيــة لـم تكــن مســتورده , وغيـر مـرتبطـة بـأذرع خـارجيــة , بقـدر مـا انهـا نتـاج داخـلي لفعـل ثــوري رســمتـه نـضـالات وطنيــة ,تغـلبت عـلى عنـاصـر اخـتلافـاتهـا , وتـوحـدت على نهـج ثـورتهـا , وعبـرت عنــه فـي دفـاعهـا وتضحـياتهـا عـن تلك الثـورة , ومـا تعـرضـت لـه منـذ البـدايـة مـن تحـديـات داخليــة وعـدوان خـارجـي , حـاكت خيـوطـة الدوائـر الامبـريـاليـة والصهيـونيـة , ونفـذتـه بغبـاء ســلطـويـة بغـداد بتشـجيـع وتمـويـل وخـديعــه عـربيـة , كـان رأس الحـربـة فيهـا , النظـام المصـري والسـعـودي ومشـايـخ عـربـان الخـليـج .
عـنـدمـا يقــر رئيس مجلس الأمـن القـومـي الاســرائيلـي يعقـوب عـمـيـدروز خـلال احتفـاليـة انتهـاء ولايتــه , إنَ ايــران هــي الـتهـديــد الـوجـودي لإســــرائـيــل , وعـلـى اســـرائيــل أنْ تــفعـل كـل مـا تســتطيـع لإزالـــة هــذا الـتهــديــد ,عـنـدهـا يكــون ( خـريـط ) اصحـاب الاغـراض حــول العـلاقــة المـزعـومـة بيـن الراحـل الامـام الخـمينـي وبـريجـنسكــي , وصفقــة ابقـاء النفـوذ الايـرانـي فـي ســوريـة , وتـسـليـم امـريكـا العـراق الـى ايـران , وطـرهـات الحـلف المـاسـونـي الامـريكـي الفـارسـي , ومـا اليــه مـن الخـزعـبـلات , مجــرد تفـاهـات لا وجـود لهـا الا فـي عـقليـات المـدبـريـن , والمهـزوميـن , واولئــك الذيـن دعسنـا عـلى رؤسهـم وعـزلنـاهـم كـالنعـاج المجـربـة , وبصقنـا عـلـى وجـوههـم مـنذ بـدايـة الحـدث الســوري .
ايــران دولــة لهـا مـصـالحهـا واولـويـاتهـا فـي الســيـاسـات الاقلـيميـة والـدوليــة , ولهـا تحـالفـاتهـا واســتراتيجيـاتهـا , ومِـنْ حـقـهــا أنْ تــنـسـج وشـــائـج تـلك التحـالفـات والاســتراتيجيـات وفــق مـا يخـدم مشــاريعهـا ويعـزز أمنهـا القـومـي ومكـانتهـا الـدوليـة عســكريـا واقتصـاديـا وســـيـاسيــا , وأي تـقـارب او تبـاعـد بينهـا وبيـن اي دولـة فـي العـالــم انمـا ترسـمـه مصـالحهـا اولا وآخـرا , ومِـنْ غيـر المنطـقـي تصـويبــه وربطـه بـمـوقف هـذة الدولـة او تلـك مـِنْ القضيــة الفلســطينيـة او قضـايـا العـرب الآخـرى , بقـدر مـا إنَ ســياســة ايـران المعلنــه والمتبعــه لا تخـرج عـن سـيـاقـات مـواقفهـا الداعمـة لـقـوى المقـاومـة والتحـرر فـي العـالـم جمعـا , خـصـوصـا وإنَ العـرب والفلســطينيين انفســهـم ســاومـوا ويســامـون علـى قضيتهـم , وارتمـوا فـي الاحضـان الامـريكيـة والاســرائيليــة ,بـل دفعـو ولازالوا يـدفعـون فـواتيـر التـآمـر والاســتعـداء بـالضـد مِـنْ كـل يقـف الـى جـانب القضيـة الفلسطينيـة ونضـال تحـررهـا , ولنـا فـي التـآمـر على دمشـق و طهـران وحـزب الله والعـراق أمثلـة عـلـى ذلـك .
الـذي يـعـايــر طهـران بمكـالمـة هـاتفيــه كـان المبـادر فيهـا اوبـامـا , بعـد أنْ رُفضـت طـلبـاته بلقـاء الســيـد روحـانـي , او تقــارب بينهـا وبيـن مجمـوعـة 5 زائـد واحــد بخـصـوص ايجـاد حـلـول دوليــة مـرضيــه للجميـع حـيـال ملفهــا الـنـووي , عـليــه أنْ يـتحـسس فـي اي احـضـان مـرتمـي , وتحـت اي حــذاء غـافــي ,وفـي اي مســتنقـع عمـالـة وتبعيــة غــارق , وعـنـدهـا يكـون لــه الحـق أنْ يـعـايـر ويـتنـدر عـلـى الايـرانيين او غيـرهـم , والعـربـان والاعـراب وعـرب اللسـان هـمآخـر مـَنْ لــه الحـق أنْ يـشــكك فـي مـواقـف ايـران ,ويـنظـر بالشــرف والاخـلاق والمبـاديء والقيـم ,فـفـاقــد الشيء لايعطيــه , والعـاهـر تبقـى عـاهـروإنْ حـاضـرت بـالعفــه .
الـى الـذيــن يـتسـائـلـون اعـتبـاطـا مـا ذا فـعلـت ايــران لـفـلســطيـن , بكـل بسـاطـة نـذكـر مـَنْ لا زال فيـه رمـق مـن الـذاكـره , يكـفـي إنَ ايـران الجمهـوريـة الاسـلاميــة اغـلقـت الســفـارة الآسـرائيليـة فـي طهـران وطـردت سـفيـرهـا وسـلمتهـا الـى منظمـة التحـريـر الفلســطينيـة منذ اليـوم الأول لأنتصـار ثـورتهـا واســقـاطهـا لنظـام الشــاه , بينمـا العـرب والعـربـان فـتحـو سـفـارات لإسـرائيـل فـي عـواصمهـم ,واحـتضـنـوا ســفـراءهـا ورفـرف علمهـا على رؤســهـم , ويكـفـي ايـران دعمهـا لأهـل غـزة بـالمـال والســلاح والمـوقف السـيـاسـي , بينمـا العـرب امـروا علمـاء اسـلامهـم الـزائـف الـى تحـريـم التظـاهـر لدعمهـم , بـل كفـروا حتى مـن يـدعـي الله بنصـرتهـم , وحـاصـروهـم وشــددوا الخنـاق عليهـم , واشــتـروا بنـادق البعض التي كـانت موجهه يومـا مـا نحـو اسـرائيـل واحتلالهـا بـأمـوالهـم , ودجـنوهـم وخـنعـوهـم , ويكـفـي ايــران وقــوفهـا المـبدئـي والمشـرف والملـتـزم مـع حـليفهـا الســوري فـي حـربـه الكـونيـة بـالضـد مـن الارهـاب وداعميــه ,بينمـا العـربـان والاعـراب وابنـاء الطلقـاء يتحـالفـون مـع الارهـاب , ويـسـتجلبـون كـلابــهمـن كـل بقـاع الارض لقـتـل الســورييـن وتـدميـر بـلدهـم ,و يتمـادون فـي التحـريض على شــن العـدوان الخـارجـي على دمشــق , ويـستثيـرون كـل عـوامل الطوفنـه والاقتـتـال الداخـلي بين نسـائـج شـعبهـا , ويتفـاخـرون بخســة فعلهـم .
لـو افـتـرضنـا جــدلا إنَ ايــران تـســعـى فـعـلا لإمـتـلاك الـتقـنيـة النـوويــة العســكريـة .,ولهـا النـيــة فــي تــصـنيـع ســلاح نــووي ردعــي , فـمـا الـذي يــزعـج الســعـوديـة ورعـاشهــا البـاركـســتـونــي , ومـا الـذي يهـز مـضـاجـع العـربـان فـي ذلـك حـيـث لـم نـســمـع يــومـا إنَ احــدهـم قــد اهـتـزت فـرائضــه ونـطـق لسـانـه وتـراعـصـت رقـبتــه , مـعـترضـا عـلـى امتـلاك اسـرائيـل لأكثـر مـِنْ 80 رأســا نــوويـا .
al_asadi@aol.com