Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 12:08:09
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
هل تتخلى طهران عن رعبها النووي وتترك إسرائيل بلا ثمن ؟ بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي-
دام برس : دام برس | هل تتخلى طهران عن رعبها النووي وتترك إسرائيل بلا ثمن ؟ بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي-

دام برس:

تناولت في المقال السابق المسوغات والحيثيات التي دفعت كل من الرئيس الأمريكي والإيراني للتفكير بجدية فتح قنوات الحوار والاتصال بين البلدين بعد قطيعة دامت لأكثر من ثلاثة عقود، بالإضافة الى القلق الإسرائيلي في ظل ملامح التقارب التي ظهرت في الآونة الأخيرة بين واشنطن وإيران، بعد أن تيقنت الولايات المتحدة الأمريكية بأنه لا جدوى من سياسة فرض العقوبات، والأجدى التحاور مع إيران حول برنامجها النووي لضمان سلميته في المنطقة.
اليوم تشكل العلاقات الأميركية الإيرانية محور اهتمام دولي وسط ترقب مثير من قبل العديد من دول العالم، لما لهذا التطور المهم من إنعكاسات واضحة على ملفات سياسية وأمنية وإستراتيجية متداخلة ومعقدة، حيث نجحت إيران في بناء تحالفات إقليمية وعالمية لم تساعدها فقط على البقاء والحفاظ على نظام الجمهورية الإسلامية رغم التحديات الصعبة التي واجهتها، بل في تعزيز نفوذها السياسي عالمياً، فالمطروح الآن ليس مجرد حوار، ولكن فتح مشروع تعاون إستراتيجي بين القوى الدولية وإيران بخصوص ملفها النووي، وبقية الملفات الساخنة في المنطقة والتي هددت استقراراها وأمنها وهددت إمدادات النفط بكل مشتقاته.  
في الوقت الذي تنوي فيه الولايات المتحدة الأمريكية إختبار آفاق حل دبلوماسي مع إيران بشأن ملفها النووي، تسعى إسرائيل أن تكون متيقظة حيال التحديات المقبلة، مدركة بأنها لن تضعف في سياستها الحازمة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية متطورة، وضرورة الإبقاء على العقوبات على إيران، وكان الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني حاول تخفيف التوتر مع الغرب خلال زيارة قام بها إلى الأمم المتحدة استمرت أسبوعاً وتكللت بإتصال هاتفي غير مسبوق بينه وبين الرئيس الأميركي في 27 ايلول من الشهر الماضي، وأمام هذا الواقعِ تعيش اسرائيل أزمة عميقة في خياراتها في التعاطي مع الملف النووي الإيراني يعززه خوفها من أن تَمضي إيران في مسيرة تطورها العسكري والاقتصادي حتى النهاية.
وفي سياق متصل أكد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في جنيف بشأن البرنامج النووي الإيراني إنهم على إستعداد لتعليق تنفيذ عقوبات جديدة، إذا اتخذت طهران خطوات ملموسة لإبطاء وتيرة برنامجها النووي، وكما أعلنوا في رسالة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تبحث مع المفاوضين الآخرين اتفاقاً مبدئياً، يقوم على "التعليق مقابل التعليق"، بمعنى أن توقف إيران بموجبه تخصيب اليورانيوم على أن توقف واشنطن تنفيذ عقوبات جديدة تجاه إيران.
ومع الحديث عن فتح فرصة للحوار الإيراني الأميركي حول الملف النووي وتخفيف العقوبات الاقتصادية عليها، تعززت المخاوف الاسرائيلية من أن «ينخدع» العالم بـ "هجوم الاعتدال" للرئيس الإيراني، وبالتالي تخفيف الضغوط على إيران، وبهدف الالتفاف على مسار كهذا، وجهت إسرائيل رسائل الى البيت الأبيض أكدت فيها ضرورة وقف البرنامج النووي الايراني بشكل كامل.
وقد بلغ مستوى الهلع الاسرائيلي من نية الولايات المتحدة في رفع العقوبات عن إيران الى درجة دفعت بوزير الحرب الإسرائيلي الى القول أمام نظيره الأميركي "إن أي تخفيف للعقوبات على إيران سيفضي الى إنهيارنا، هناك عدد غير قليل من الإنتهازيين الذين سيفرحهم الدخول في نشاطات تجارية مع الإيرانيين بصورة تخفف جداً من الضغط الإقتصادي من جهة، وتمكنهم من جهة اخرى من الاستمرار في التخصيب ويجب منع ذلك، ولا يجوز السقوط في شرك تخفيف العقوبات لأجل خطوات بناء الثقة، قبل تحقيق الشروط التي عرضت على الإيرانيين".
في حين دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المجتمع الدولي لإبقاء نظام العقوبات على إيران لإرغامها على وقف برنامجها النووي، وقال "إن تخفيف العقوبات المفروضة على إيران سيكون خطأً تاريخياً في الوقت الذي بلغت فيه العقوبات هدفها"، كذلك دعا وزير الاستخبارات الإسرائيلي شتاينتز الدول الكبرى إلى مواصلة الضغوط على إيران، مؤكداً أن هذه الضغوط هي التي تدفع إيران إلى السعي للتوصل إلى اتفاق في المفاوضات النووية.
في إطار ذلك كان نتانياهو واضحاً في حديثه بأن بلاده على استعداد تام للتحرك بمفردها ضد إيران إذا اقتضى الأمر ذلك، مؤكداً أنها لن تقف مكتوفة الأيدي ولن تسمح لها بامتلاك سلاح نووي وأن السبيل الوحيد لمنع إيران سلمياً من إنتاج أسلحة نووية هو الجمع بين العقوبات الصارمة والتهديد العسكري، محذراً من أن إيران قد تتحول الى كوريا شمالية إذا امتلكت مثل هذا السلاح.
ففي حال نجح الحوار الإيراني الأميركي، سوف يكون مفتاحاً لحلحلة الملفات الإقليمية والدولية، الأمر الذي رحبت به العديد من دول العالم واعتبرته فرصة تاريخية في زمن روحاني وأوباما الذي قد لا يتكرر مرة أخرى، ولكن الملفت للنظر أن إسرائيل وبعض دول الخليج هما الطرف الوحيد المستاء من هذا المشروع الجديد كونه يشكل خطراً على مصالحهما في المنطقة.
لذلك تخشى إسرائيل من أي تقارب أميركي-إيراني التي تتهم طهران بمحاولة كسب الوقت والتخلص من العقوبات الدولية المشددة مع مواصلة جهودها لإكتساب أسلحة نووية، وهذا قد يعني بداية انتهاء العصر الذهبي لإسرائيل كطفل مدلل للولايات المتحدة الأمريكية، أو على الأقل كنقطة محورية للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، لهذا عملت إسرائيل على خلط الأوراق من جديد وتشكيل جبهة مع دول خليجية لإحباط أي مشروع مصالحة بين إيران وأميركا، أو حتى التسويق لنفسها بأنها البديل الأمني والحليف العسكري ضد إيران وأطماعها في الخليج.
بين قبول الرئيس الإيراني بتسوية القضايا الشائكة والمعقدة في ملف بلاده النووي وتأكيده عدم سعي الجمهورية الإسلامية لتطوير سلاح نووي، وتأكيد قادة عسكريين بإيران على صد أي هجوم على بلادهم، وبين تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي، وتأكيده على أن أنه إذا ما فشلت الدبلوماسية، فإن إسرائيل مستعدة للمواجهة العسكرية وحدها، يبقى السؤالين المطرحين على الساحة الإقليمية والدولية، هل تتخلى إيران عن سلاحها النووي المرعب، وهل إسرائيل قادرة على مواجهة إيران وحدها؟
أشارت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية إلى ان طهران مستعدة للتخلي عن الأسلحة النووية إن أبدى الرئيس الأميركي باراك أوباما رغبة بالتجاوب معها، مضيفة ان دبلوماسية الرئيس الإيراني حسن روحاني منذ توليه رئاسة البلاد، كشفت أنه فعل ما هو كاف، ليبرهن على أن حكومته مستعدة للعمل جدياً مع الغرب، لافتة إلى ان أوباما تفهم أن ثمة فرصة في الأفق حول الموضوع الإيراني، فالنقاش بشأن التوصل إلى تسوية للموضوع النووي الإيراني سيزيل الضغوط على إمكانية استخدام القوة لنزع الترسانة النووية في المنطقة.

كما أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح لإسرائيل بأي عمل عسكري وحدها تجاه ايران، وهذه حقيقة يدركها الزعماء الإسرائيليون حتى لو حاولت إسرائيل تضخيم قدراتها القتالية والعسكرية والتقنية، فإن المغامرة ضد إيران لا يمكن قياسها بمغامرة قصف المفاعل النووي الذي حصل في العراق عام 1981م، لأن الحديث في موضوع إيران يدور عن حجم وخطر رد فعل انتقامي وخطير وفتاك في عمق الجبهة الداخلية الإسرائيلية بمستوطناتها ومدنها الصناعية بمئات من الصواريخ الثقيلة حين لا يكون لدى إسرائيل القدرة على ايقاف صواريخ حزب الله والدول الحليفة.
وأختم مقالتي بالقول إن إسرائيل تمتلك ترسانة ضخمة تقدر بالمئات من مختلف القنابل النووية والهيدروجينية والنيوترونية وفي الوقت نفسه تسعى في الاستمرار في احتكار السلاح النووي في الشرق الأوسط لأطول فترة ممكنة، وهي تدرك جيدا ان أي توجه نحو إيجاد تسوية بين الغرب وإيران بشأن الملف النووي سيحرمها من استخدام التهديد النووي الإيراني كذريعة لحرف الأنظار عن القضية الأساسية وهي احتلالها للأراضي الفلسطينية واستمرارها في المراوغة والمماطلة في "مفاوضات السلام" بينها وبين الفلسطينيين، هذا بالإضافة الى ان تسوية النووي الإيراني قد يفتح الطريق امام تسليط الضوء على ترسانتها النووية ومطالبتها بالسماح للمراقبين الدوليين بتفتيش مواقعها النووية وجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي.

الدكتور خيام محمد الزعبي-كاتب وباحث أكاديمي سوري


 

الوسوم (Tags)

إسرائيل   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz