Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 00:10:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
سورية : إنهم يدمرون تاريخنا ومستقبل أحفادنا .. بقلم : الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | سورية : إنهم يدمرون تاريخنا ومستقبل أحفادنا .. بقلم : الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
يعتبر التاريخ والتراث ذاكرة الأمة، لهذا فقد سعى أعداء هذه الأمة الى محو ذاكرتنا التاريخية حتى يسهل لهم فصل هذه الأجيال عن ماضيها المشرق، وإزالة وتدمير بنيتها الحضرية، فمن المحزن أن نعيش بالفعل منذ عام 2003 موسم استهداف الآثار والمتاحف وسرقتها منذ الحرب العراقية وصولاً الى الأحداث الراهنة وخاصة في سورية التي تملك إرث حضاري لا يمكن التفريط به.
إن الآثار التاريخية في بلدنا هي أكثر ما يجمع ويربط ويعزز الانتماء الوطني لدى الأفراد، خصوصاً إنها تعود لفترات زمنية مختلفة تعد الأقدم في العالم، فالحضارة تمثل مجمل النشاط الإنساني، كون الآثار هي الدليل المادي لتلك الحضارة، ويسبب تدميرها وتخريبها تأثيراً سلبياً مباشراً على دراسة وتحليل أي حضارة، فالآثار هي السجل الذي يستطيع عالم الآثار من خلاله كتابة التاريخ، وإبراز ما أنجزته من إنجازات حضارية، فالتخريب والتدمير يؤدي الى إهدار وزوال الكثير من الثروة الأثرية، وبالتالي ضياع مخزون كبير من المعلومات والدلائل الحضارية، ومن ثم تفقد سلسة التاريخ بعض الحلقات التي يصعب استكمالها، كما هو حاصل للتاريخ السوري القديم الذي ضاعت منه صفحات كثيرة نتيجة التخريب والتدمير والسرقة التي تتعرض له الآثار والمتاحف السورية من قبل عديمي الضمير والانتماء الوطني.
فالحرب لم تعد حرباً على سورية الوطن فقط، بل تحولت الى حرباً للنيل من تاريخها وعراقتها وسلب إرثها الحضاري والثقافي وهو أغلى ما تملك، فضلاً عن وجود حملات مسعورة تشوه تاريخنا العظيم من جوامع تهدم وقبور تنبش ومتاحف تسحق وتطمس ومن ثم إزكاء روح الطائفية التي تشجع على ضرب كل طرف، إرث الآخر وتاريخه، وكأننا أمام تقسيم جغرافي يعقب التقسيم الثقافي الذي نعيشه، هذا مما سيحرم الأجيال القادمة من معرفة الجانب المشرق من تاريخهم وجذورهم.
فسورية عرفت بأرض الحضارات وتعتبر كل من دمشق وحلب من أقدم المدن السكنية في العالم ومهبط المجتمع الزراعي، حيث تحتضن عدة مواقع اعترفت بها منظمة اليونسكو كمواقع عالمية للإرث الحضاري، فبالإضافة الى حلب، هناك دمشق وبصرى وقلعة صلاح الدين والحصن ومدينة تدمر الرومانية فضلاً عن العديد من القرى الأثرية شمال سورية.
وبالتالي فإن عملية التخريب والهدم والتدمير والتهريب التي تتعرض لها الآثار في سورية تشكل خطراً حقيقياً يهدد التوثيق السليم للأحداث التاريخية وبيان تطور الحضارات وازدهارها من جهة واضمحلالها من جهة أخرى، لإن الآثار هي المصدر الرئيسي الذي يصور الواقع بكل أبعاده، ومن هنا يمكنني القول بأن سورية تملك سجل عظيم يحتوي على تاريخ وإرث حضاري عريق، ظل هذا السجل لآلاف السنين محافظاً على صفحاته الخالدة، والآن يتعرض هذا السجل للتدمير والعبث بصفحاته من قبل العابثين واللصوص، الذي يهدفون الى تعزيز خلخلة موقع سورية في التصنيف العالمي، فضلاً عن تشويه وتغيير هذا الإرث الحضاري والثقافي الكبير للشام، هذا البلد الذي عاصر الدول الإسلامية وتاريخ الخلفاء والأمم المتعاقبة.
فالآثار التي تملكها سورية من قلاع ومساجد وكنائس قديمة وصروح تعود للعصر الروماني والمدن الأثرية والمتاحف المليئة بالقطع النادرة تمثل لنا تراث الأجداد الذي يجب علينا أن نحافظ عليها، وندرسها ونفهمها حتى نستوعب جيداً من خلالها كيف ولد الحاضر من رحم الماضي العريق وفي الوقت نفسه يجب أن نفتخر ونعتز بهذا التراث الذي لا يهمنا وحدنا فقط، وإنما يهم العالم بأسره، باعتباره تراثاً إنسانياً مهماً في مسيرة التطور الحضاري العالمي.
في إطار ذلك يجب على منظمة اليونسكو من تعزيز دورها للحد من تدمير وسرقة الآثار من خلال إيجاد صيغة أمنية لحماية أي متحف أو مكتبة أو جذر تاريخي من العبث الخطير الذي يطول مواقع مهمة ومفصلية في تاريخ سورية وينذر بخسارة لبعض مكونات التراث الأثري السوري، كما يجب إصدار التشريعات والقوانين وتطبيقها بحزم بحق كل من يساهم في تدمير وسرقة إرث سورية فضلاً عن إقامة الندوات التثقيفية والتوعوية عن الآثار وأهميتها باعتبارها ثروة وطنية هامة.
كل ما يجري في سورية من تدمير وتخريب لمعالمنا الثقافية هو مخططاً رهيباً وحاقداً لإزالة شواخص سورية وبنيتها الحضرية، يريدون من خلاله القضاء على ذاكرتنا ...وحضارتنا... وثقافتنا... وتراثنا... واستبدال العلم بهمجية التخلف والوفاء والمحبة بالبغض والكراهية، كما فعل الكيان الصهيوني الذي دمر وما زال يدمر حضارة فلسطين وآثارها وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية ومن ورائها الغرب الذين سرقوا حضارة العراق ونهبوا متاحفه.
وأخيراً انهي مقالتي بالقول إن كنوز سورية التاريخية والتي لا تقدر بثمن وقعت فريسة لعمليات السرقة والتدمير، فالذين يريدون لتراث وطننا السوري الكبير الدمار والفناء، نقول لهم مهلاً فهل تريدون قتل تاريخنا وقطع جذورنا، إن كل الشعوب والأمم تعتز وتفتخر بشواخصها ورموزها وتبذل كل الجهود للحفاظ عليها لتبقى العيون متعودة عليها، فأرواحنا ارتبطت بهذه الآثار، والتاريخ لا يمكن إزالته والقضاء عليه بمجرد رغبة في نفس هذا الشخص او ذاك ممن لا يقدرون قيمة الأشياء ولا يعتزون بتراثهم وتاريخهم، فهذا التاريخ ليس ملكاً لأحد، بل إنه ملك لكل السوريين وملك أيضاً للبشرية جمعاء، فلا يجب أن يتعرض للتدمير لإنه إضرار بروح الشعب وهويته الوطنية.
 

الوسوم (Tags)

الحرب   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz