دام برس

الـفُسحـة الإعـلاميـة التـي منحهـا عـالـم الإفتـراض عـبـرَ شبكـة الإنـتـرنت و التي اصـبح مـداهـا الإعــلامـي ابعـد بكثيـر مِـنْ فضـاء الإعـلام القنـواتـي المـرئـي بـل يمكن القـول إنَ الأخـيـر أخــذَ يســتقي مـادتــه الإعـلاميـة والخـبـريــة منهـا يـجـب التعامل معها بمصداقيــة واخـلاقيـة ملتزمة و عـدم تـطويعهـا بطـريقـة إزدرائيــــة بعيــدة عـن المهنيــةبالنســبة لإصحـاب الشـــأن الإحــتـرافـي والأخـلاقيــة بالنسـبة لمـنْ يتعاطى معهابصـورة فـرديــة للتعبير عن اراءه وتوجهاته الفكرية , فخـصـومـات العمـل الســياسيوالإخـتلافات العقـائديـة التي سيطـرت عـلى العقول واســتباحت قيمها واخـذت تســري فيهـا كالنـار بالهشــيم حـارقـة اخـضـرهـا ويــابســهـا جعلت مِـنْ الخطاب السياسيالمتداول الـيـوم عبارة عن اســقـاط عـدائي هجـومـي اكثر منه الـى اســتقرائـي حواريمتمـدن  و ألبسـتــه ثـوب متهـور بعيـد كـل البعـد عـن الموضـوعيـة والمنهجيـة يعكس واقـع حـال دخيـل لا يمت بصلـة الى الأخلاقيـات والإلتزامات والاعـراف المجتمعيــة ,ويعبـر بصـورة جـليــة عـن ثقافـة الإلغـاء القسـري والإسـقـاط الإفـتـرائـي التـلفيـقـيالتي رسـختهـا فـي الشـارع  خـوالـي ســنوات الشمـول السلطوي و الإحــتـلالي وثقـافـات الارتـزاق الحـزبـي النفعـي و التضـليـل التجهيلي الدينـي و المذهبـي  .

الـتـلفيق والـفبـركـة واخـتـلاق القصص وتـصـديقـها مـن قبـل البعض والاسـتغـبـاء بتـرويجهـا كحـقـائق مطلقـة يعـبـر عـن روح الاحـبـاط والهـزيمـة و حـال الازدراء والســقوط الاخــلاقـي وانحـراف المفـاهيـم وغـيـاب القيــم وهـلـوسـات ازدواجـيــة التفكـيـر التي جـعـلت مـِنْ اصـحـابهـا يـكـذبـون ويكـذبـون الـى أنْ اصـبحـوا مـقـتنعيـن بـصـدقيـة اكـاذيبهـم  وكـذبية مصـداقيـة الآخـريـن , وهنـا بكـل تـأكيــد تبقـى الحجـة والبـرهـان ســـيدا المـواقف والحـقـائـق مهمـا جـرى طمسـهــا وتـغيـيب احـداثهـا لأنهـافـي نهاية الأمـر تـعـود الـى واجهــة الاحـداث لفـرض واقعيتهـا , فالـواقـع الشــاذ والدخـيـل الذي تختلـط فيــة المفـاهـيـم وتغـيب القيـم وتسـوده هـلوســات ازدواجيـة التفكيــر وقبـاحـة خطـاب البـاطـل والـتزييـف الذي يحـاول اصحـاب النـوايـا اســتـغـلالمـرحليتـه لفـرض اقـرار وجـوبـي لواقعيتـه الافـتـراضيـة , وإنْ اســتطـاع تحـقيـق اهـدافـة مـرحـليـا لكنـه فـي نهـايـة المطـاف ســيتـلاشــى باســتمـراريـة  دينـاميكيــة الحـقـائق وتفـاعلهـا مـع انفتـاح الـوعـي الجمعـي فـي الشــارع , وتقــيئــه لكـل مـالحـق بــه مـِنْ امـراضـيات  دخيلــة عـلى جســدة  مهمـا تـذاكــى اصحـاب ثقـافـة (  شــرعـنـةاكـذب اكـذب حتـى يصـدق الاخـريـن  ) وحـشــدوا جـيـوش ارتـزاقهـم الاعـلامـي وابــواق كـذبهـم وتـلفيقهـم .

الخصـومـة السياسية لا تعنـي الإلغـائـيـة  والتشـهيـر اللااخـلاقــي , و مِـنَ المفـترض باصحـاب الثقـافـة الاســقاطيـة ان يـتذكـروا إنَـه  مـثلمــا للـصـداقــة شــرف وخــصـوصيــة فـالخصــومـة لهـا شــرفهـا واخــلاقيـاتهـا , وبـخـلاف ذلك  تكـون  فـرص الإلتقـاء عـلى مســافـة واحــدة  مِـنْ الثـوابت  والالتزامات الوطنية بـإستحـالـة شــبـه كـاملـة إن لـم نقــل معـدومــة تـمـامــا , وتـصـبـح امكـانيـات التقـويـم والتصـويب لـلـواقـع  المـزري الـذي يـعـيشــه الشـارع  مجـرد ادعــاءات ومـزايدات رخيصــة غـيـر مســتسـاغـة للمـنفعـة والارتـزاق , وحتى لا تختلط الصورة على البعض علينا أنْ نفرق مابين الخصـومـة والعــدائيـة فـي الســـياسيــة , فـالاولــى ومثلمـا اســـلفنـا لهـا خـصوصيتهـا واخـلاقيـاتهـا مهمـا كـان ســقف الاخـتـلاف بيـن فـرقـائهـا , لـكـن الثـانيـةحـالـة مطلقــة لا تـعـرف المقـاربــة والتجـاذبـات والحـلول الوسطيـة , وتتـخذ مـِن ْثقـافـة الاســـقاط الاجتثاثي كمنهجيــة لاســـتراتيجيتهـا , وهـذا مـا يجعـل كـل الســـبـلمـشـروعـة فــي مـواجهـتهـا دون وضــع اي اعـتبـار الـى اخـلاقيـات والـتـزامـات مـادامـت ســتراتيجيتها مبنيـة عـلى الاســقاط والاجـتثـاث الجـذري , وتعويم الصـراع المصـلحـي لجعلـة متجـاوزا على ســقوف تنـافساته المشــروعة , وتجيرة  ليــصب فـي مصلحـة اجـنـدة الارادات الخـارجيــة وخدمة المشاريع الإستعدائية

al_asadi@aol.com