دام برس:
تعزف معظم المعارضة السورية ولاسيما الموجودون منها في الخارج على وتر وإيقاع هذا الخارج منذ بداية الأزمة في سورية. في البداية كان الصوت مرتفعاً وكان الضجيج يصمّ الآذان؛ كانت المعارضة السورية تتشاطر وتتسابق لوضع الشروط ورفع السقوف وتحديد الأولويات وابتكار الشعارات ورسم الخطط وتحديد النهايات ومتى وكيف وأين تكون. لم يكن من الصعب على المتابع العادي الحيادي أن يكتشف أن هذه المعارضة تتناغم مع الخارج ومطالبه وتوجيهاته ومخططاته وتنفذ أجنداته.

كانت الأحلام تطغى على التفكير وتمنع العقل من العمل. كانت الآمال عريضة لدرجة الوهم. وكان الرهان على الغرب كبيراً حتى الغباء. ظنت معظم شخوص المعارضة السورية أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ستحرك جيوشها وطائراتها وحلفائها لشنّ الحرب على سورية لتأمين كرسيّ وزاري لبرهان غليون أو كرسي رئاسة الجمهورية لميشال كيلو أو وزارة الدفاع لأحمد الجربا... الخ؟! كان الهجوم على الدولة السورية وقحاً وكبيراً وقاسياً وبلا أخلاق أو قيم أو رحمة أو إنسانية. استهدف الهجوم كل أركان وأعمدة الدولة السورية للتمكن من تدميرها.

في هذا الوقت، كانت الدولة السورية تبني أسس صمودها وثباتها وانتصارها. كان الجيش العربي السوري يخوض أشرس المعارك ضد الإرهابيين والمسلحين والقتلة والسفاحين الذين حملتهم "نضالات" المعارضة وجلبتهم لتدمير سورية وتخريبها؛ والجيش في أرض المعركة لا يسمع ولا يشاهد قصصهم وسخافاتهم وتحليلاتهم وأكاذيبهم. وكانت القيادة السورية تحضّر للاستمرار في النضال الطويل ولمواجهة المعركة المستمرة والقاسية. ومع مرور الوقت بدأت المعادلة تتغير؛ بدأت هياكل المعارضة بالسقوط كأحجار الدومينو، وبدأ صانعوها وداعموها بالسقوط معها أيضاً. سقطت شخوص المعارضة وهياكلها تباعاً وكان المجلس الوطني أول الساقطين، ولكنه لم يكن ولن يكون آخرهم. بالمقابل كانت الدولة السورية تستعيد توازنها وتفرض ثباتها وتغيّر الوقائع الميدانية على الأرض وتعمل على تجاوز المشاكل والمطبات والشروط التي حددها منشئو هذه المعارضة وممولوها، وكانت ذروة المواجهة في مؤتمر جنيف.

الدولة السورية تزداد منعة وصلابة وقوة وثقة بالنفس. بالمقابل، تنهار أطراف المعارضة ومَن خلفها تباعاً. وهي بدأت جدياً بالبحث عن طريق للعودة إلى دمشق، وقد سبقها داعموها إلى طلب الصلح مع عاصمة التاريخ وقلب العالم. لكنّ السؤال؛ هل تقبل الدولة السورية ـ النظام السوري كما كانوا يطلقون على دولتهم ـ بالسماح لهؤلاء بالعودة وتدنيس أرض الوطن. يوم بدأ بعض هؤلاء رحلة الخيانة، قال الرئيس السوري لمواطنيه، لا تقلقوا بل شجعوهم على القيام بذلك.. من أراد الانشقاق فليذهب! أجل، كانت تلك طريقة مثالية لتنظيف البلاد من قذارتهم وسبيلاً لكشف حقيقتهم وتعريتهم أمام الجميع.

هؤلاء ليسوا تجاراً، بل هم سماسرة. بعدما أدوا دوهم لمصلحة الخارج، لفظهم هذا الأخير وأراد التخلص منهم. ولذلك، منذ فترة طويلة كانت معارضة الخارج صامتة وقد ابتلعت لسانها واشترت صمتها. وهي الآن تجتر مخرجاً لما فعلت ومارست وضللت وأساءت. المعارضة السورية تتراجع وتخفض سقفها.. تستفيق من أوهامها.. لم تعد أصوات طبولها تطرب أحداً، فاختارت أن تستجير بالنظام ـ أي الدولة السورية لبحث العودة والمصالحة؛ العودة إلى أين، وعلى دمّ من نتصالح؟! مَن مِن المواطنين السوريين يستطيع تحمّل رؤية ميشال كيلو أو سمير النشار ...الخ، في شوارع دمشق أو اللاذقية أو حلب؟! ماذا سيفعلون إن عادوا، مَن سيستقبلهم؟

طبول المعارضة عادت لتقرع بقوة ولكن ليس فرحاً وسروراً برحيل النظام السوري وتدمير الجيش السوري وسقوط القيادة السورية، بل بعرس الانتصار القادم الذي يصنعه الجيش السوري والشعب السوري والقيادة السورية.. والعبرة بالنهاية، مَن يضحك أخيراً يضحك كثيراً..!!

الكاتب: بديع عفيف

مصدر الخبر: SNS