دام برس:

منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991 وسيادة القطب الواحد بقيادة الامبريالية الأمريكية  ومع تطور التقنيات والاتصالات الفضائية , فقد مهدت القوى الصهيو- أمريكية للأنظمة الرجعية في المنطقة لتأسيس مئات المحطات التلفزيونيةالفضائية وخاصة في السعودية وقطر والإمارات ومصر ولاحقا في العراق بعد العدوان الأمريكي عليه في عام 2003 وقد اتخذت هذه المحطات أربعة اتجاهات رئيسية :

1-   محطات أخبارية : مهمتها الأساسية بث وتلفيق الأخبار وتضليل المشاهد واعداد البرامج التي تتوافق مع السياسة الصهيونية الغربية وتمهد للتطبيع مع العدو الصهيوني وإجراء اللقاءات المباشرة مع مسؤوليه , وتقتل الروح الوطنية , وروح المقاومة وتدب اليأس في نفوس الشعوب العربية . أن خلفية هذه القنوات  بنيت على التطبيع مع العدو الصهيوني وضرب المجتمعات العربية وبث الفرقة بينها وفق مبدأ دس السم بالعسل ومحاولة القضاء على أي تفكير قومي يجمع العرب ويوحدهم ضد العدو الصهيوني ولو بالحدود الدنيا. وإذا كانت قناة الجزيرة القطرية وقناة العربية التابعة لآل سعود , وال BBC  البريطانية تمثل رأس الأفعى فإن فرانس 24 والأورينت والمستقبل وال MTV اللبنانية تمثل ذيلها .

لقد حققت هذه القنوات الكثير مما تصبو إليه القوى المعادية , وما برنامج الاتجاه المعاكس في الخنزيرة ( عفوا" الجزيرة ) القطرية للعميل المتمترس فيصل القاسم إلا نموذجا" صارخا" لما فعلته هذه المحطات في نفوس المواطنين العرب .

2-   محطات دينية , دأب أغلبها على بث سموم التفرقة والتشرذم بين أبناء الشعب الواحد، بإتباع مختلف الأساليب المشوهة للدين ، التي تقطر منها التوجيهات الصهيونية والغربية ومركزة على تفتيت النسيج الاجتماعي  مبتعدين كل البعد عن أصول الدين وتوجهاته السمحاء. إن هذه القنوات تهجم على كل مواطن عربي كالوحش الضاري تمزق كل وعي إنساني وتقدمي لديه وتحول حياته إلى جنات من أوهام، وهو يزداد فقرا وتهميشا مثل صفا ووصال وبرهان وشذى.. وقائمة لا تنتهي من قنوات الإجرام والدجل الديني. التي نشرت افيون الإسلام الوهابي , الذي صدّرته مملكة آل سعود والتكفير الاخواني الذي أغرق مجتمعاتنا بجيل جديد من التكفيريين والإرهابيين , الذي ينعدم عندهم حتى الحس البشري.  وقد زاد التركيز على مفاعيل هذه القنوات  خاصة بعد فشل العدوان الصهيوني على المقاومة الوطنية اللبنانية في تموز من عام 2006 . إن ممالك الخليج  التي تشكل أنظمتها قاع التخلف تخصص الآن ومنذ بداية الربيع العبري لغسيل عقول شعوب المنطقة العربية أموالا خرافية لتستثمرها في الحروب الأهلية والفتن الطائفية تاركة العدو الصهيوني ينعم بالهدوء والطمأنينة .

3-     محطات منوعة وعددها المئات , التي يتم من خلالها بث العديد من المسلسلات الموجهة والبرامج ,التي يدعونها بالترفيهية تقود للميوعة وانحلال المجتمع وخاصة الأجيال الجديدة , مثل ستار أكاديمي وبرامج الزواج على التلفزيون وبرامج المطربين والهواة وغيرها . التي تهدف إلى ظهور جيل  جديد من الشباب اللاهي , الذي لايعرف شيئا عن قضاياه الوطنية , أو لاتهمه بالأساس .

4- تأسيس العديد من محطات العهر والسحروالشعوذة والجنس لا تتوفر فيها أدنى مقومات العمل التلفزيوني وتروج لمعتقدات سخيفة كالسحر وطرد الجان وقراءة الحظ وتفسير الأحلام والتنبؤ بالمستقبل والجنس وغيرها،يملكها رجال أعمال عرب وفي طليعتهم المصريون والقطريون والسعوديون تبث من الأقمار الأوروبية، و30 محطة إسرائيلية إباحية موجهة للعرب،. وتغزو هذه القنوات عقل المشاهد وغريزته وخاصة الشباب المراهق الذي تستهلك من جيبه وعقله وصحته ودراسته ووقته ولا تعطيه سوى السموم.

وبالنتيجة

طورت العديد من الدول العربية علاقاتها مع العدو الصهيوني سرا وعلانية ووصل بعضها ( كالسعودية وقطر ) إلى مرحلة التنسيق مع هذا العدو ضد بلدان عربية أخرى كسورية والعراق وليبيا .

تغذية التقسيم الطائفي والمذهبي

تخريج جيل جديد من التكفيريين والارهابيين

انغماس البعض ببرامج الميوعة والسحر والشعوذة والجنس

وقد مهد كل ذلك لتأسيس الحرب الناعمة عبر ماعرف بالربيع العربي ( أي العبري ) وخاصة بعد الفشل الذريع في إيقاف المد المقاوم في حرب تموز عام 2006 . لقد تجمد هذا الربيع ( أي الحرب الكونية) في سورية بفعل الصمود الاسطوري لشعبها وجيشها وقيادتها ,رغم القوى والاعلام  والأموال  الهائلة التي زجت فيها .

لقد ركز الأعداء على سلاح الاعلام وهو أهم سلاح مؤثر حاليا في المجتمعات وقد نبهنا إلى ذلك في أكثر من مناسبة منذ عام 2003 أي بعد الحرب الأمريكية على العراق , وعلى ضرورة التطوير الاعلامي من خلال إحداث قنوات فضائية ضمن سورية وخارجها تدعم النهج المقاوم وتفضح الاعلام المعادي على نمط قناة الميادين وليس على نمط قناة تلاقي . ولازلنا ننتظر.