Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 20:31:43
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
أوباما تأخر في فهم دور سورية وأهميتها في المنطقة .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | أوباما تأخر في فهم دور سورية وأهميتها في المنطقة .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:

في أعقاب الحرب على تنظيم "داعش" إزدادت الأصوات التي تُطالب الغرب بالسعي الى إشراك سورية، بعد أن  توصّل الخبراء ومهندسو السياسة في آن واحد وفي جميع أنحاء أوروبا، فضلاً عن خبراء السياسة الخارجية البارزين في الولايات المتحدة، إلى خلاصة مفادها أن دمشق هي مفتاح للإستقرار الإقليمي وان إعادة فتح خطوط الإتصال الساكنة منذ وقت طويل معها أمر حيوي.
أن السياسة الأمريكية الخارجية في  المنطقة العربية وخاصة تجاه سورية، هي ذلك المنوال الإستراتيجي أمريكياً، من حيث الغدر والخبث والتلاعب بالمصير الوطني والديمقراطي والسياسي، القائم على المتغيرات الأمريكية في مصالحها الإستراتيجية من خلال الأساليب الزائفة المطلبية والحقوقية والمطالبة بالمزيد من الديمقراطية والإصلاح، فالتدخلات في الشأن الداخلي السوري، والإبتزاز بتهديد التنظيمات والعصابات المسلحة لبيع المزيد من الأسلحة وضمان الخضوع، ستبقى ذات السياسة تجاه الملف السوري، حتى يتم تدمير سورية وإدخالها في الحرب الأهلية وذلك من خلال اللعب على أوتار الصراعات الداخلية والإقليمية، وطبعاً الهدف من ذلك أن تبقى سورية في إطار المتغيرات على صفيح ساخن أو على كف عفريت أمريكي وآخر إسرائيلي، لبلع سورية وتحقيق مصالحهم وأهدافهم في المنطقة.
تتبع اليوم الولايات المتحدة الأمريكية في سورية الرؤية الإسرائيلية التي عبر عنها المفكر الإستراتيجي الأميركي ذات الإنحياز الصهيوني "ريتشارد لوتواك " بصراحة لا لبس فيها، فقد نشر في عام 2013 في صحيفة نيويورك تايمز مقالاً بعنوان "في سورية: ستخسر أميركا إذا كسب أي من الأطراف" يقول فيه "إن الإستنزاف الطويل الأمد في هذه المرحلة من الصراع هو المسار الوحيد الذي لا يضر المصالح الأميركية"، وختم المقال بنصيحة لصانع القرار الأميركي قال فيها "سلحوا المتمردين كلما ظهر أن قوات  الأسد في صعود، وأوقفوا دعمهم كلما بدا أنهم سيكسبون المعركة"، ولن تخرج الحرب الأميركية على داعش عن هذه المعادلة الجهنمية، كون داعش ليس سوى صنيعة أمريكية غربية لتحقيق مآربها في سورية، فجوهر المسألة ليس إمكانية تدمير تنظيم داعش قد يتلاشى في بضعة أيام تحت القصف الأميركي كما تلاشى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي تحت القصف الفرنسي، وإنما جوهر المسألة أن ترفع أميركا يدها عن المنطقة، وتكف عن العبث بمصائر شعوبها والوصاية على قرارها الإستراتيجي، وتقبل بعلاقات ودية معها بدلاً من علاقات التبعية السائدة اليوم.
ليس صحيحا أن أميركا غير قادرة على نشر العدالة والديمقراطية في الدول العربية، فتنافس الدول العربية على الإكتتاب في الحملة الأميركية  على داعش يكشف عن مدى الإرتهان للخيارات الأميركية للمنطقة، وعمق الإختراق الإستراتيجي الأميركي لها، كما أن أميركا تستطيع أن تفعل الكثير في المنطقة، وهي تفعل الكثير بشكل مباشر وغير مباشر، لكنها إختارت الخيار الخطأ أخلاقياً وإستراتيجياً، واستمرت في العبث بمصائر الشعوب العربية والإسلامية، وضرب العرب والمسلمين في مكامن قوتهم المادية والمعنوية، وحرمانهم من الحرية والسلاح، اللذان يعتبران أهم دروع السيادة في الأمم المعاصرة.

ومع إن التصريحات الأمريكية تجنبت ذكر نظام دمشق صراحة خلال الإشارة إلى ضرورة أن تشمل العمليات العسكرية ضد داعش سورية، فإن هذه الإشارة على ضعفها تمهد الطريق لإتصالات مع الحكومة السورية التي لا تزال تمثل القوة العسكرية الرئيسة في الصراع السوري خاصة في ظل ضعف وتشرذم قوى المعارضة، وبالمقابل أن الحرب الأمريكية على داعش في العراق تتم بتفاهم مع إيران، وأن توسيع نطاق هذه الحرب إلى سوريا يتطلب أيضاً تفاهماً إيرانياً أمريكياً مماثلاً في سورية، ومثل هذا التفاهم لا بد وأن يأخذ بعين الإعتبار وضع النظام السوري، ورؤيته حول أولوية محاربة الإرهاب التي حاولت دمشق إقناع الغرب بها خلال مفاوضات جنيف الثانية، وما يزيد من إحتمالات ذلك التعاون الغربي مع نظام دمشق، هو التجربة الغربية السابقة في دعم المعارضة التي أدت إلى ظهور تيارات متشددة، وبالتالي فان الغرب بات مقتنعاً بضرورة التنسيق مع النظام السوري الذي لا يزال يحتفظ بحضوره الرسمي، وتربطه تحالفات دولية قوية سواء مع إيران أو روسيا أو الصين، فسورية التي إنتعش الإرهاب في معظم مناطقها، بتمويل نفطي وتسهيلات تركية، هي وحدها القادرة على التصدي لـ "داعش" وجيوشها، لذلك من يُرد صادقاً محاربة الإرهاب عليه بدمشق، فلا نهاية لهذا التنظيم المسلح إلا بمباركتها،لذلك سيكون من الحكمة إعادة فتح قناة اتصال مع النظام السوري لمكافحة خطر التنظيم.

في إطار ما سبق يمكنني القول أن أوباما تأخر في التوصل إلى رؤية  دور سورية وأهميتها في منطقة الشرق الأوسط، التي لعبت دوراً كبيراً في تاريخ البشرية إلا أن الوقت لم ينفد بعد، لذلك ينبغي على الرئيس الأمريكي أوباما إعادة بناء جسور الثقة بين واشنطن وسورية، وخاصة بعد أن تأكد للعالم أجمع أن سورية دولة محورية ومفتاحية في المنطقة, و إن دورها أساسي في حل القضايا الشائكة ولا سيما قضية الصراع العربي الصهيوني، وهي مفتاح السلام والإستقرار الإقليمي في المنطقة.
وأختم مقالي بالقول إن سورية هي ركيزة الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط، التي تسيطر عليها اليوم الإضطرابات وإنعدام الأمن والمجازر والرعب، بسبب مؤامرة تدبرها القوى الكبرى لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير في المنطقة .
Khaym1979@yahoo.com
 

الوسوم (Tags)

سورية   ,   أوباما   ,   داعش   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz