Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
المصالحة الوطنية قارب النجاة الأمثل لإنقاذ سوريا من الإنهيار .. بقلم: الدكتور خيام الزعبي
دام برس : دام برس | المصالحة الوطنية قارب النجاة الأمثل لإنقاذ سوريا من الإنهيار .. بقلم: الدكتور خيام الزعبي

دام برس:
ما دعاني اليوم للكتابة حول موضوع المصالحة الوطنية السورية أمران مترابطان، الأول بروزه على الساحة الإعلامية بشكل كبير، والثاني وهو الأهم، أنني لاحظت تعليقات كثيرة في شبكات التواصل الاجتماعي، لمواطنين سوريين تتناول سياسة المصالحة بين مؤيد وناقد بحدة، ومنها على وجه الخصوص على صفحة وزارة المصالحة الوطنية والشخصيات السياسية المعنية بالحوار، الذين فتحوها للتواصل مع المواطنين، إذ لا يختلف إثنان على أن البلد لا يحتاج  لشيء كما هي حاجته لإفشاء روح الإخاء والمصالحة والمصارحة بين أبناء الوطن بمختلف إنتماءاتهم الفكرية وشرائحهم الإجتماعية, لاسيما وأن تحديات الحاضر والمستقبل في أمّس الحاجة إلى تراص الصفوف وتوحيد الطاقات والإمكانات والرؤى والأفكار وتوظيفها مجتمعة في خندق سوريا الكبير بعيداً عن أجواء التناقضات والتجاذبات السياسية التي تشكل إرهاقاً لكل الأطراف .
بعد فشل المساعي العربية والدولية لإنهاء الصراع الدائر في سورية، إتضح بشكل جلي أن الحل لن يخرج إلا من رحم الأرض السورية، ولن يتحقق إلا على أيدي السوريين وحدهم وبإرادتهم فقط، من خلال المصالحات الوطنية وحوار السوريين، لاسيما أن المصالحة قد أثمرت بعض النتائج في بعض المناطق السورية، ولم يكن السوريون في أيّ وقت من الأوقات بحاجة ماسة إلى التصالح والتسامح والإصطفاف ووجود دولة قوية وفاعلة تبسط نفوذها في كل ربوع سوريا، كما هي حاجتهم اليوم، وذلك لإنقاذ سوريا- وطناً وشعباً - من الصراعات والحروب التي تخوضها دُعاة الطائفية والمذهبية التي تدمّر آمال السوريين وتطلّعاتهم في أن يعيشوا في أمن وسلام كما تعيش بقية شعوب العالم، وكذلك تدمير مقدرات الوطن، ومضاعفة متاعب المواطنين الذين ضاقوا ذرعاً من إستمرار نزيف الدم، وأعمال الإرهاب والقتل والتخريب والإنفلات الأمني المخيف في هذا الوطن الغالي على قلوبنا.
لقد أفرزت الأزمة السياسية في سورية منذ أكثر من ثلاث سنوات تداعيات سلبية خطيرة لا تزال بعيدة عن إهتمام الأطراف المنشغلة بصراعاتها البينية، ولم تستشعر معاناة البسطاء من المواطنين وعميت عن رؤية المآسي الإجتماعية والمخاطر والكوارث التي تحيق بهذا الوطن، وظلت عاجزة عن ملامسة الوضع الإنساني الكارثي للمجتمع الذي يشهد تحللاً متواصلاً في مجمل قيمه وأخلاقياته ومكوّناته، وأصبح حظيرة واسعة للفقراء والمهمشين الغارقين في البؤس والبطالة والفقر والمرض، هذا يدلل على إنه لا يوجد ما هو أخطر على البلد و إستقراره وعافيته ونهوضه، من بقاء حالة الخصومات الداخلية بين أبنائه وقواه المتصارعة بحثاً عن مكاسب ذاتيه وآنية ضيقة تنطلق من نظرة عدمية غير قابلة للتعايش مع الأخر .
في إطار ذلك يمكنني القول لقد طالت معاناة السوريين، وتراكمت أوجاعهم وآلامهم من جرّاء العبث الذي لازال البعض يمارسه دون رادع يوقفهم عند حدهم ويمنع عبثهم بمقدرات الشعب الذي قدّم تضحيات كبيرة وتحمل المتاعب القاسية في سبيل قطع الطريق أمام المشاريع التدميرية لبعض المغامرين ممن وضعوا مصير الوطن والشعب في كفة، ومصالحهم الذاتية في كفة أخرى.
ولهذا جاءت دعوة القيادة السياسية لتعبِّر عن مطلب شعبي مُلح لكل أطراف الصراع للكف عن عبثهم بالوطن والمواطنين، وحث الأطراف والمكوّنات الإجتماعية، سواء التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني ، أو التي لازالت مواقفها غامضة من المصالحة، إلى تحقيق إصطفاف وطني عام والإتفاق على وضع ميثاق شرف يلتزم به الجميع، يتضمن نبذ الحروب والصراعات ونزع السلاح من كل الأطراف وتسليمه للدولة، بما يكفل تحقيق الإستقرار الأمني والنفسي للسوريين واطمئنانهم على حاضرهم ومستقبل أبنائهم، وصون كرامتهم وممتلكاتهم، وهنا لابد من التأكيد على أن لا مجال للعودة إلى الخلف كما يتوهم بعض المرتعشين الذين يراهنون على المستقبل، ونقول لهم أن ذلك ضرباً من المستحيل بعد أن تمكن شعبنا بكل فئاته ومكوناته من التوافق والإتفاق على وضع وطنهم في مسار جديد متجاوزاً لكافة التحديات والأخطار التي واجهته والتي لم تجلب إلا الأحقاد لتكون ثمارها المرة دماء وآلام ومآس وخراب ودمار.
إن الظرف التاريخي الراهن يفرض أن يتجاوز الجميع الحسابات والمصالح الذاتية، وأن تتكاتف كل الجهود الوطنية لتحقيق إصطفاف وطني واسع يكون أساسه تحقيق مصالحة وطنية شاملة، وأن تكون الأفكار والأيديولوجيات والبرامج العملية مرتكزها الرئيسي إنقاذ سوريا وإيقاف إنزلاقها نحو الإنهيار، والتحرّر من العصبيات والمزايدات السياسية والمواعظ الكاذبة وإدعاءات الوصاية على الآخر، وهنا يمكنني القول لقدآن الأوان لنطوي الصفحات السوداء لهذا التاريخ ونبدأ عهداً جديداً تنتهي معه كل أسباب وعوامل التصارع والتقاتل ليحل بدلاً عن هذه الويلات التصالح والتسامح والمحبة والتآخي ويسود التآلف والوئام النابع من إدراكٍ واعٍ أن سوريا وطننا جميعاً وليس لنا وطناً غيرها.
في الأخير أقول، علينا أن نخيب من خلال الوعي والبصيرة آمال من يقفون وراء تخريب وطننا الكبير سوريا، فالصوت الذي ينبغي أن يسمع هو الدعوة إلى تآخي أبناء الشعب وتعاونهم لإصلاح حاضرهم ومستقبلهم، و السوريين في غير حاجة للتذكير بمقام كاظم الغيظ العاف على الناس، كما ورد في القرآن الكريم، كما لا حاجة للإستدلال بقول برنارد، عندما تصفح عمن أساء إليك، فأنت لا تغير الماضي بل تغير المستقبل، وإنما أناشد كل جريح مصاب في أحد أهله مثلنا، أن يتأمل بعمق حين يشجع مسعى المصالحة، بأنه جنّب بهذا الموقف النبيل والرائع عشرات السوريين مثل مصابه وحزنه، وحال بشجاعته هذه دون المزيد من المآسي التي يسعى عدوه لاستمرارها.
Khaym1979@yahoo.com
 

الوسوم (Tags)

العربية   ,   الاجتماعي   ,   المصالحة   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz