Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 22:16:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
يا أكراد العراق.. احذروا سيناريو السودان...وامنعوا خراباً سيدمر هذا البلد .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | يا أكراد العراق.. احذروا سيناريو السودان...وامنعوا خراباً سيدمر هذا البلد .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:

دفعت الأحداث الأخيرة التي حصلت في العراق بالبعض للمناداة بإنفصال الأكراد وقيام دولتهم المستقلة، لكن أصوات عراقية كثيرة ترفض الإنفصال، ويرون أن مصلحة الأكراد العيش في عراق موحّد، وليس أدل على ذلك من رفض عرب وتركمان كركوك أنفسهم لأي محاولة للإنسلاخ عن التراب العراقي، وإندلاع المظاهرات مؤخراً للتعبير عن هذا الرفض المطلق للإنضمام إلى إقليم كردستان كونه يشكل خلخلة لتراب الوطن العراقي وتركيبته الشعبية، .فمسألة الإستقلال ليست جديدة في ذهن وتفكير وممارسات القيادات الكردية، هي حلم قديم تم السعي لتحقيقه في فترات سابقة، ومن أجله أقامت هذه القيادات شبكة من العلاقات المتناقضة شملت إيران الشاه وإسرائيل والإتحاد السوفيتي، وتمت مراهنات خاسرة على هذه الدول لعلها توفر لها الدعم الذي تحتاجه لتحقيق الإستقلال، وبالمقابل كانت العوامل الإقليمية تقف عائقاً دون تحقيق هذا الحلم، خصوصاً في الدول التي يتواجد الأكراد فيها وخاصة العراق وسورية وإيران وتركيا، إذ إن هذه الدول كانت ترى في النزعات الاستقلالية الكردية التي كانت تعبّر عنها حركات التمرد المسلحة خطراً يهدد وحدتها الإقليمية .
شهد العراق مؤخراً توترات سياسية بين مكوناته الإثنية والعرقية، حيث شهدت عدد من المحافظات مظاهرات تطالب بإستقالة رئيس الوزراء نوري المالكي المتهم من قبل معارضيه بالإستبداد وتقوية مكون عراقي على أخر، حيث لاقت هذه المظاهرات تأييد حكومة إقليم كردستان العراق، ما أدى إلى تصاعد الخلاف بين حكومة المالكي المركزية في العراق وحكومة إقليم كردستان العراق في الشمال وخاصة بعد رفض الإقليم تسليم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي لبغداد والذي صادر بحقه حكم غيابي بالإعدام.
وفي سياق متصل بتزايد الإنزلاق في المشاكل والأزمات انتهز الأكراد الفوضى الطائفية الحاصلة في العراق لتوسيع منطقتهم الشمالية بضم مدينة كركوك، التي توجد بها موارد نفطية وإقتصادية كبيرة، وفي إطار ذلك يبدو أن تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق باتت مواتية الآن أكثر من أي وقت مضى لإعلان إستقلال الإقليم الكردي الذي يرى أنه إستكمل مقوماته بعد وضع اليد على كركوك، ومع وجود المحافظات الغربية بيد داعش.
الأكراد يعيشون الآن فترة ذهبية في ظل النظام الفيدرالي الذي منحهم حقوقاً لم تعرفها المنطقة الكردية من قبل وليس من مصلحة الأكراد التفريط بهذا الإنجاز من أجل مشروع تواجهه مخاطر وتكتنفه مجاهيل في منطقة مشتعلة بالفوضى الطائفية، يضاف إلى ذلك إن اللاعبين الإقليميين الكبار مثل تركيا وإيران لن يسمحوا أبداً بقيام دولة كردية مستقلة على أعتاب دولهم التي تضم أقليات كردية، من المؤكد أن تتشجع وتستوحي مثال الدولة الكردية المستقلة، كما إن استقلال إقليم كردستان سيحرمه من حصته من الميزانية العراقية ويدفعه على الإعتماد على موارده النفطية وحدها التي تشكل تركيا المنفذ الوحيد عملياً لتصديرها، وبالتالي ستكون الدولة الكردية المستقلة رهينة الحفاظ على علاقات طيبة مع تركيا في كل الأوقات تجنباً للإبتزاز وهذا أمر لا يمكن التعويل على ديمومته في العلاقات الدولية، أما داخلياً لعدم قدرة الحكومة الإتحادية على ضبط زمام الأمور وإنشغالها بمقاتلة داعش وإقليمياً لوجود مشاكل في سائر الدول المحيطة بإقليم كردستان ودولياً فقدان الولايات المتحدة سطوتها السابقة.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن إنفصال إقليم كردستان عن العراق سيغير الديموغرافيا للمنطقة المحيطة للعراق وهو هدف إستراتيجي تسعى اليه إسرائيل لتحقيقه لزرع وجودها في المنطقة، ولا جدال في خطورة الدعوة إلى مثل هذا الإنفصال على العراق خصوصاً في الفترة الحالية، فالإنفصال يعني أولاً فتح الباب أمام الفوضى العرقية والطائفية والإثنية والدينية التي قد تحرق الشعب العراقي بأكمله، خاصة في ظل عدم وجود حكومة مركزية قوية حتى الآن، بالإضافة إنه يدفع نحو تقسيم الوطن العراقي بشكل عنيف وتقطيع أوصاله بغية الحصول على مكاسب ذاتية بغض النظر عن الكيان الذي يجمع أوصال اللُحمة العراقية، فضلاً عن إنه يشكل ضعف لقدرة العراقيين على حماية أنفسهم ويدفع نحو المزيد من التدخل الخارجي بمقدرات العراق.
وهنا لا بد من القول إن الولايات المتحدة الامريكية لا تشجع مثل هذا التقسيم كونها لا تريد خسارة إقليم كركوك وما يحويه من مخزون نفطي ومن غير المعقول ان تترك واشنطن هذا الإقليم وتضيع على نفسها فرصة الفوز بخيراته، بالإضافة فإنها لا تريد أن تثير خصومات مع تركيا الحليف التقليدي للولايات المتحدة وذلك على الرغم من برودة العلاقات بين الطرفين الأميركي والتركي، كما ان واشنطن تستخدم هذا الإقليم كورقة ضغط تلجأ إليه لمناورة أطراف اللعبة الإقليمية ممثلة في تركيا وسوريا والعراق في المستقبل.
في إطار ذلك يمكن القول إن كل ما يدور ويحدث على أرض العراق يبعث على القلق والخوف من إنهيار السلطة المركزية والجيش وإنتعاش الكيانات الطائفية، وبالتالي إذا ما استمر الوضع على حاله في العراق فقد يصل المشروع إلى حد السعي إلى التقسيم وتخريب العراق وإستهدافه دولة وجيشاً وشعباً.
والذي يمكن أن أكده هنا هو الإحساس بالمرارة والحزن لما آلت إليه أحوال العراق التي تصدعت كل جبهاته وبات في حقيقة الأمر أسير لأطماع أكثر من دولة إقليمية تهدد وحدته وتستنزف مقدراته، وبالتالي فإن الحاصل هو المزيد من الفتن والمعارك الصاخبة بين أبناء الشعب الواحد، إضافة إلى المزيد من العنف وما يسفر عنه من قتل وسفك للدماء على حساب البناء والتنمية والتطور الحضاري.
وأخيراً أختم مقالتي بالقول لا شك أن هذه القضية تمثل مفصلاً هاما في تحديد مستقبل العراق الواحد، كونها أول إختبار حقيقي على إجتياز العراق لمرحلة عدم التوازن السياسي، كما إن إحتمالات فصل كركوك عن بقية الجسد العراقي، من شأنه فتح باب التوترات والإنقسامات في الداخل العراقي، ويجب تفويت الفرصة على أصحاب الأجندات بإستغلال الأزمات وإستثمارها لتحقيق مآربها، وعدم الوقوع في فخ الفوضى الهدامة، وتحقيق مصلحة العراق، والتوحد حول المشروع الكفيل بمجابهة الهجمة على العراق وشعبه وبناء مستقبله الزاهر.
khaym1979@yahoo.com
       

الوسوم (Tags)

سورية   ,   إيران   ,   العراق   ,   داعش   ,   السودان   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz