دام برس:
من شاهد ابناء الشعب العربي السوري في بيروت وهم يتوجهون الى سفارة بلدهم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية يرى نفسه أمام طوفان بشريّ منقطع النظير وكأنه يوم الوقوف على عرفات يوم الحج الأكبر . حيث للمشهد مهابته وقدسيته التي فاجأت الصديق وأدمت مهجة
الأعداء وأصابت عقولهم بلوثة من الهستيريا والتخبط والجنون .
لقد راهن مصاصو دماء السوريين والراقصون فوق جراحاتهم وآلامهم ، وراهن داعمو أكلة الأكباد وباقري البطون ومقطعي الأوصال على فشل هذه الانتخابات واعتقدوا أن السوريين المقيمين في لبنان والأردن ودول الجوار وبلاد الغربة هم المعارضون وأبناء الثورة
الشعبية التي لا زالو يتغنون بها ؛ لذا ستكون كلمتهم لا للطاغية بشار ونظامه.
    جاء يوم الفصل وخسروا رهاناتهم ، الطاغية كما يحلو لهم تسميته هو الملهم والمنقذ وهو الرئيس الشرعي والذي هتفت الحناجر بحياته حتى بحّت الأصوات ، ولأجله وأجل سوريا الوطن تحمّل البعض الضرب بالهروات والشتائم وأصيب العشرات بحالات الإغماء . ولأجل الوطن وقائده تحمّل بعض السوريين مشاق السفر فأتوا من البلاد التي حظرت عليهم ممارسة حقّهم الشرعي باختيار رئيسهم ليرسموا للعالم أزهى لوحة من الانتماء للوطن ويبهروا العالم بمدى وعيهم وعشقهم لتراب بلادهم .
لقد شارك في هذا العرس الانتخابي شتى مكونات الشعب السوري وعلى مختلف أطيافه فحب الوطن والانتماء له فوق كل طائفة ومذهب .
بالمقابل ،وعلى الجانب الآخر من المشهد ، خرج من كان يرى في هؤلاء السوريين لاجئين مقهورين ، شُرّدوا من ديارهم بسبب وحشية النظام ودمويته ، ويذرف دموع العهر عليهم ويطالب بتسليم السفارة السورية لأزلام المعارضة اللقيطة ، خرج علينا يتخبط ويترنّح من هول المشهد ويطالب بإعادة هؤلاء السوريين إلى وطنهم واسقاط صفة اللجوء عنهم بحجج واهية فهم شبيحة النظام ومرتزقته .
لقد برهن السوريون على مدى وعيهم وفهمهم لما تتعرض له بلدهم ووطنهم من مؤامرة كونية عالمية هدفها الأول والأخير تدمير بلادهم ونهب خيراتها وجعلهم عبيداً في أزياء الأحرار ، وتركهم شراذم وطوائف تقاتل بعضها البعض . وبرهن السوريون للعالم ولجوقة المتآمرين أن
من يساوم على تراب لواء الأسكندرون أو ثرى الجولان ويعلن استعداده للتنازل عنه مقابل تدمير سوريا واستلامه للحكم ، هم خونة بامتياز لا يمثلون إلاّ أنفسهم وأسيادهم ولا يمثلون إرادة الشعب السوري العروبي العقيدة والمنهج .
سقط القناع ... وخسروا الرهان ... وانتصرت سوريا حكومة وشعبا على زمرة المتآمرين والخونة .