Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 15:42:51
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
لماذا تواجه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية شبح الإنهيار والإختراق ؟ بقلم: الدكتور خيام الزعبي
دام برس : دام برس | لماذا تواجه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية شبح الإنهيار والإختراق ؟ بقلم: الدكتور خيام الزعبي

دام برس:

إن القضية السياسية المشتعلة اليوم في إسرائيل، هي مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، بتدخل دول أخرى، وبقيادة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي لم يغير من صعوبة الإشكال الحاصل في هذا الملف المعقد والشائك، فإستمرار قضية فلسطين دون حل رغم جهود المجتمع الدولي ومجلس الأمن، يؤكد إستمرار تبعات هذه القضية على الشعب الفلسطيني وعلى جميع دول المنطقة.
تجري اليوم المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في أسوأ الشروط التي يمكن أن تتم فيها من وجهة نظر مصلحة المفاوض الفلسطيني، وفي أفضل الشروط التي تطلبها الدولة الصهيونية ومفاوضوها، فالراعي الدولي الذي يدير التفاوض (الإدارة الأمريكية) منحاز إلى إسرائيل، ولا يلاحظ في التفاوض سوى مصالح هذا الفريق الذي يجاهر بأن أمنه يقع في صلب الإستراتيجيات للولايات المتحدة الأمريكية، وسياساتها في منطقة الشرق الأوسط، فالإدارة الأمريكية تستحوذ على ملف الصراع العربي الصهيوني، وتحتكر إدارته ورسم صيغ التفاوض وقواعده، وتهمش أي دور عالمي آخر ممكن من قبيل دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
وبموازاة ذلك  شنّ وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعالون هجوماً شرساً على جون كيري وإنتقد بشدة خطته للسلام، ليعتذر فيما بعد نظراً لما خلقته تصريحاته من إحتقان وتوتّر في العلاقات بين البلدين، فتمسك الجانب الإسرائيلي بيهودية الدولة شكل عاملاً سلبياً في المفاوضات رغم ما شهدته من بوادر إنفراج عقب إستئنافها بعد إنقطاع دام ثلاث سنوات، وقد إستجابت إسرائيل لمطلب وحيد من المطالب الفلسطينية، وهو الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين حيث أفرجت في هذا السياق عن الدفعة الثالثة التي تتكون من 26 سجيناً فلسطينياً في ديسمبر الماضي، وتشمل تلك المطالب أيضا الإعتراف بحدود عام 1967 كمرجعية واضحة للعملية السلمية وإيقاف سياسة الاستيطان. 
وفي نفس السياق إن تمسّك تل أبيب بيهودية الدولة مقابل الرفض القاطع من قبل الدولة الفلسطينية قطع الأمل في إمكانية التوصل إلى حل بين الطرفين، كما أن تمسك إسرائيل بضم غور الأردن بالضفة الغربية والإبقاء على تواجدها العسكري في هذه المنطقة واجه أيضاً رفضاً عربياً وإنقساماً حاداً في وجهات النظر داخل الحكومة الإسرائيلية.
إن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" متشائم وغير متفائل بشأن إمكانية السلام بين إسرائيل والعرب، وذلك على عكس ما يعتقده وزير خارجيته جون كيري بإمكانية التوصل الى إتفاق تاريخي بين الطرفين، من خلال تأكيده بأن إحتمالات التوصل إلى إتفاق سلام إنخفض إلى أقل من 50٪، مشيراً إلى ثلاث صِعاب تشهدها الإدارة الأمريكية متمثلة في الإتفاق الإيراني ومحادثات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والوضع في سوريا.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة، لماذا تواجه المفاوضات الفلسطينية الإسرائلية شبح الإنهيار؟
مما لا شك فيه، إن من أهم أسباب فشل جهود إحياء مفاوضات السلام بين الجانبين يعود إلى تعنّت المحتل وتمسكه بمطالب صعبة، وحالة الإنقسام الحادّة التي يتميز بها المشهد السياسي الفلسطيني الداخلي وهو ما شتّت موقف الفلسطينيين وأضفى نزعة ضبابية على مصير القضيّة، علاوة على ذلك باتت القضية الفلسطينية مهمشة إثر التحولات التي شهدتها المنطقة، فالعرب إبتعدوا عن قضية فلسطين وشعبها، تاركين مصيرها بين أيدي الصهيونية الأمريكية، وأصبحت بمثابة الحاضرة الغائبة عن الأجندة السياسية لمعظم الدول فإنشغلوا في هموم كثيرة بعضها ذو عناوين سياسية ترتبط بتطورات الشرق الأوسط في ظل ما يسمى بالربيع العربي، والبعض الآخر يدخل في دائرة الهموم الإقتصادية والإجتماعية متناسين هذه القضية وحماية الأقصى الشريف من دنس العدو الصهيوني الغاصب، أما جامعتهم العربية فلم تعد تشغلها فلسطين وقضايا الصراع العربي الصهيوني، ومسائل الأمن القومي، والتكامل الإقتصادي والإعتماد المتبادل، بل وجدت لنفسها أجندات أخرى لا يعرف لها أحد من العرب وجه شرعية أو مبررا.ً
وفي سياق متصل تريد الولايات المتحدة تمديد المفاوضات لفترة قد تصل الى خمس سنوات كي يتسنى التوصل إلى توافقات حول القضايا الخلافية وذلك بعد فشل واشنطن في اقناع الطرفين بإبرام اتفاق، والجدير بالذكر إن الجانب الفلسطيني هو الحلقة الأضعف حالياً في ظل الضغوطات التي تمارسها واشنطن على الرئيس محمود عباس، ففي حال رفض الفلسطينيون التمديد ستواجههم أمريكا بعقوبات مالية وحصار سياسي، وفي حال قبلوا سيكون الوضع أصعب على القيادة أمام الجمهور الفلسطيني.
يعود إصرار أمريكا «عرّابة» المفاوضات على إنجاحها  في سعي الرئيس الأمريكي إلى إنجاح إدارته، إنقاذاً لفترته الرئاسية الثانية التي تميّزت بإخفاقات متواصلة أضيفت اليها فضيحة التّجسس الأمريكية على عواصم صنع القرار في العالم، إضافة الى ما واجهته في العراق، وقبله في أفغانستان، فضلًا عن ملف إيران، ثم فشلها في مصر، وخسارتها في سوريا، كل ذلك بالتزامن مع أزمتها الاقتصادية، والجدير بالذكر إن حكام الولايات المتحدة دأبوا في هذا الملف منذ إنطلاق مفاوضات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، على حماية المصالح الاسرائيلية بالأساس في أي جولة من المحادثات الأمر الذي ادى الى فشلها لإنها كانت تقوم على تقديم تنازلات جديدة من قبل الجانب الفلسطيني.
بالتالي نجحت إسرائيل حتى الآن في تفكيك هوية الفلسطينيين، من خلال طعم السلطة الذي قدمته للفلسطينيين على مائدتين منفصلتين جغرافياً مما جعلهم يتراكضون في التسابق على هذا الوهم، وينسون مشروعهم الأساسي في إسترداد الأرض وإقامة الدولة ولمّ شتاتهم من مشارق الأرض ومغاربها، فالطعم الإسرائيلي المقدم بإسم السلام، جاء مكتمل الأسباب والغايات، ليصنع مستقبلاً فلسطينياً منقسماً، تذوب فيه الهوية الواحدة، وتنقسم الى هويتين، غزة والضفة والمؤشرات توضح بأن هذه الطبخة أعد لها بعناية فائقة، لإقامة دويلة الحمساوية في غزة، ودويلة الفتحاوية في الضفة، ولن نستغرب إن إكتشفنا أن العرب ذاتهم يشاركون في الطبخة او يعملون على مباركتها ومن ثم تحقيقها.
وبين النسيان وضياع العرب وتشتت الفلسطينيين تضيع القدس التي لم يكن فيها أي صهيوني قبل عام 1967م، أما اليوم فإن أكثر من 6% من سكانها يهود وهم في تزايد مستمر والهجرات التي ما زالت مستمرة من حين الى اخر، والفلسطينيون في تناقص بسبب التضييق عليهم ومنعهم من بناء المنازل أو ترميمها.
إن الهدف الأول والأساسي لرعاية أمريكا للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي هو تمرير المطالب الاسرائيلية على طاولة التفاوض، وإرضاء اسرائيل على حساب المطالب والحقوق الفلسطينية، كما إن فلسطين لن تعود الى أصحابها إلا بعودة المسلمين إلى دينهم، ووحدة العرب لن تعود إلا بنبذ الخلاف والفرقة والشعارات فيما بينهم، وبالتالي إن دولة أوباما الفلسطينية ليست سوى إعادة إنتاج مشروع التقاسم الجغرافي الذي ينهي عملياً ورسمياً حق العودة الذي أقرته الأمم المتحدة، وينهي كلياً قيمة القرار التاريخي الذي إتخذته الجمعية العامة ومنحت فلسطين حقها السياسي والقانوني بأن تكون دولة عضو مراقب وعاصمتها القدس الشريف ووحدة كيانية بين الضفة والقطاع.
وهنا يمكنني القول إن رؤية أوباما الجديدة لدولة فلسطين هي الثمن الذي يريد تقديمه كحافز للكيان الاسرائيلي، ثمناً للمساومات والإقليمية الدولية، مستغلاً في ذلك ضعف القيادة الرسمية والصراع بين الفصائل الفلسطينية، ومستخدماً كل أشكال الإنقسام والفوضى السياسية بصنيعة أمريكية وإسرائيلية وبمساعدة دول عربية، كي يمرروا مشروعاً هو الأكثر خطورة على القضية الفلسطينية من كل المشاريع السابقة ، وبالتالي فإن الأمن لن يتحقق في المنطقة إلا من خلال تحقيق المتطلبات الأساسية للسلام المستدام، والذي يؤدي بدوره  إلى إنشاء دولة فلسطينية، كاملة السيادة والاستقلال، عاصمتها القدس الشريف.
Khaym1979@yahoo.com
 

الوسوم (Tags)

إسرائيل   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz