دام برس:

كنا نتوقع منكم إعلانا استثنائيا في كلمتكم الأخيرة أمام مجلس الشعب .. لكن كلمتكم كانت أكثر من عادية لم تتضمن أي جديد !

كنا ننتظر منكم إعلانا بحجم الحرب الكونية التي يشنها العالم الغربي وأتباعه من "أعراب إسرائيل" على سورية منذ مايقارب الثلاث سنوات .. لكن لم تفعلوا أكثر من تكرار ماجاء في كلماتكم السابقة على مدار عام 2013 بما فيها مقابلتكم المهمة جدا لجريدة الأخبار اللبنانية في الواحد والعشرين من الشهر الماضي !

باختصار .. كنا ننتظر منكم إعلان حالة الطوارىء الإقتصادية لمواجهة الحرب الدائرة حاليا ولمواجهة مرحلة مابعد انتهاء الحرب الكونية على وطننا سورية !

لاحظنا أنكم قد حددتم أولويات الحكومة في أكثر من مناسبة .. لكننا نسألكم : كيف ستنفذون هذه الأولويات بدون قانون طوارىء إقتصادي؟

ومثلما اكتشفتم "أن الاعباء ازدادت خلال الفترة الماضية وتعقدت الاجراءات وخرج العمل الحكومي عن الاطار التنموي نسبيا إلى الاطار الاجرائي الآني والاسعافي أحيانا .. " .. كنا ننتظر أن  تكتشفوا أيضا أن التنمية في مرحلة "مابعد الحرب" لايمكن أن تنطلق بقوة وتتحرر من إجراءت وبيروقراطية العمل الحكومي المقيد بالأنظمة والقوانين النافذة إلا من خلال إعلان حالة طوارىء إقتصادية !

قلتم بوضوح : "أن معظم القرارات الحكومية التي صدرت خلال الاشهر الثلاثة الماضية ركزت على اجراءات إسعافية للتخفيف من آثار الازمة على قضايا محدودة ووفق أولويات ارتبطت بالامكانيات"..

حسنا .. لماذا لاتكون الإجراءات سريعة وتتوفر لها الإمكانيات من خلال قانون استثنائي يناسب مرحلة الحرب وما بعد الحرب ؟

وإذا كنتم ترون "أن أهم أولويات الحكومة هي تأمين المتطلبات الضرورية والأساسية للمواطنين من المواد التموينية والمشتقات النفطية ودعم استقرار الليرة السورية ودعم مستلزمات صمود قواتنا المسلحة وقوي الامن الداخلي واحتضان ورعاية أسر الشهداء وتأمين متطلبات برنامج الاغاثة والتعويض على المتضررين وانجاز الموازنة العامة للدولة لعام 2014 بمضمون ترشيدي مقاوم للهدر والفساد واعادة تفعيل العملية الانتاجية للمشاريع المتوسطة والصغيرة والكبيرة ما أمكن منها" ..

إذا كنتم حددتم الأولويات بهذه الدقة فإننا نشك كثيرا بقدرة الحكومة على تنفيذها من خلال الترهل الإداري والأنظمة النافذة والإعتمادات الواردة في موازنة عام 2014 أو حتى الموازنات التالية !!

قلتم أن الحكومة "تعد منذ بداية العام الحالي مشروع إعادة الإعمار.. ونؤكد لكم أن لامجال لتنفيذ إعادة إعمار سورية من خلال التنمية التي تحتاج إلى سنوات لإعادة مسيرتها السابقة ، ولا من خلال اعتمادات الموازنة العامة للدولة فقط .. إعادة إعمار سورية لايمكن ان تتم إلا من خلال قانون طوارى إقتصادي !

تعرفون أكثر من غيركم إن مشروع إعادة الإعمار يتضمن ثلاثة ملفات أساسية :

1 ـ إعادة إعمار المباني والمؤسسات الحكومية الصناعية والإدارية والخدمية ..الخ.

2 ـ إعادة إعمار المباني ومؤسسات وشركات القطاع الصناعي الخاص.

3 ـ إعادة إعمار المباني التي تهدمت في المدن والأرياف الخاصة بالمدنيين !

ويجب أن يتيح الملف الأول إطلاق عملية إصلاح إداري ومالي وتشريعي للقطاع العام الصناعي جنبا إلى جنب مع إعادة إعماره من جديد .. 

ويجب أن يتضمن الملف الثاني إقامة مدن صناعية قابلة لجذب الإستثمارات الوطنية والأجنبية من الدول الحليفة والصديقة جنبا إلى جنب مع إعادة إعمار المعامل والمصانع الخاصة .. الخ !

ويجب أن يتضمن الملف الثالث إصدار مخططات عمرانية وتنظيمية تتيح إقامة مدن تراعي النسيج العمراني والتراثي والثقافي الوطني وتنهي العشوائيات إلى الأبد جنبا إلى جنب مع إعادة ماتهدم من أحياء سكنية ، وبما يضمن حل مشكلة النازحين والمهجرين بأسرع مايمكن ..

وبما أن الموازنة العامة للدولة مهما بلغت اعتماداتها غير قادرة على إعادة إعمار ماتهدم في القطاع العام والحكومي .. فما بالكم عن القطاعات الأخرى ؟

  لايكفي أن تؤكدوا "إن التركيز في موضوع الإعمار منصبّ على المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص الوطني والدول الصديقة، ولا نفكر في اللجوء إلى الدول الخليجية، التي أسهمت أموالها في دعم الإرهاب والتخريب، بل سنركز على الاستفادة من الاستثمارات الوطنية من القطاعين العام والخاص والدول الصديقة التي وقفت معنا في محنتنا، مثل إيران وروسيا والصين ودول البريكس" ..

نعم لايكفي هذا الكلام .. فهو يحتاج إلى إجراءات تحوله إلى أفعال سريعة ومستمرة ومستقرة!

وهذا الأمر لاتوفره القوانين والأنظمة النافذة التي يتحكم بتنفيذها جيش من الإداريين المترهلين والبيروقراطيين والفاسدين ..!

مشروع إعادة الإعمار يتطلب وبسرعة قصوى إصدار قانون طوارىء إقتصادي تعلن حكومتكم من خلاله إعلان حالة الطوارىء الإقتصادية طيلة مرحلة إعادة إعمار سورية .

ومن الطبيعي أن يتضمن قانون الطوارىء إحداث أربعة مجالس عليا برئاستكم :

الأول : المجلس الوطني الأعلى للإنماء والإعمار.

الثاني : المجلس الوطني الأعلى للتخطيط والتنظيم العمراني.

الثالث : المجلس الوطني الأعلى  للتعويض على المنكوبين والمتضررين.

الرابع : المجلس الوطني الحقوقي الأعلى لملاحقة الدول والمنظمات اللاحكومية المشاركة بالحرب الإرهابية على سورية وإرغامها من خلال المنظمات الدولية على التعويض ماليا وعينيا على ما ألحقته من خراب ودمار في سورية على مدى ثلاثة أعوام .

ومن الطبيعي أن يتم تمويل هذه المجالس من خارج الموازنة العامة للدولة من المساعدات والتعويضات والتبرعات والهبات والرسوم والضرائب .. الخ! 

والأكثر من طبيعي أن تعمل هذه المجالس بمنأى عن القوانين والأنظمة النافذة حتى إشعار آخر .. فلا وقت لمسيرة الروتين والبيروقراطية اللازمة لإصدار مايناسب مرحلة إعادة الإعمار من تشريعات جديدة! 

السيد رئيس الحكومة ..
دول العالم بلا أي استثناء تعلن حالة الطوارىء القصوى عندما تتعرض أجزاء صغيرة من مدنها إلى الكوارث الطبيعية .. ترى ألا تحتاج سورية إلى إعلان حالة الطوارىء لمواجهة الحرب الكونية عليها ولمواجهة أعباء إعادة الإعمار لمرحلة ما بعد الحرب ؟!

أسرعوا واعلنوا حالة الطوارىء!!