Logo Dampress

آخر تحديث : الأربعاء 17 نيسان 2024   الساعة 00:39:27
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
تركيا في أشد الإحتياج لإسرائيل ولن تستطيع أن تستغني عنها .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | تركيا في أشد الإحتياج لإسرائيل ولن تستطيع أن تستغني عنها
.. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
يبدو أن تركيا من خلال التصعيد المستمر والإيحاء بوجود أزمة عميقة مع إسرائيل وبأنها ستقطع كافة علاقاتها معها ، إنما تسعى للحفاظ على ماء وجهها في الشارع التركي وعدم إثارة الغضب الداخلي من جهة، وللتأثير على الشارع العربي المناهض للوجود الإسرائيلي من جهة أخرى، وبالتالي للحفاظ على مخططها لتكون الراعي الأول لمصالح البلدان العربية أمام القوى الغربية لقيادة العالم الإسلامي في المنطقة.

فالعلاقات التركية الإسرائيلية تراجعت عقب الحرب على غزة نهاية عام 2008، وتدهورت بشكل كبير بعد مقتل تسعة نشطاء أتراك شاركوا في أسطول الحرية في نهاية أيار 2010 بنيران سلاح البحرية الإسرائيلي، إذ خفضت الدولتان مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما، ومما زاد من سوء العلاقات بينهما تسريبات تقرير الأمم المتحدة حول الحادث حيث أعتبر الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة إجراءاً أمنياً مشروعاً لمنع تهريب الأسلحة واصفاً إستخدام إسرائيل للقوة بأنه غير مقبول.

واليوم تشهد العلاقات التركية الإسرائيلية إنتعاشاً تدريجياً، تتجلى بعض مظاهره في قرب الإتفاق على التعويضات الخاصة بضحايا سفينة مرمرة، والمضي في تنفيذ وتطوير إتفاقيات عسكرية وإقتصادية سابقة موقعة بين الجانبين،
ومن دلالات دفء العلاقات بين الطرفين وصول وزير البيئة الاسرائيلي أمير بيريتس الى إسطنبول للمشاركة في أعمال المؤتمر الدولي للنقل البحري وحماية البيئة، هذا مما يدل على إن اتفاق مصالحة بين تركيا و إسرائيل بات قريباً بعد أن أبدت تركيا مرونة، تمثلت في خفض مبلغ التعويضات الذي تطالب إسرائيلَ بدفعه لعائلات الضحايا من نشطاء أسطول الحرية التركي لكسر الحصار عن غزة، وحدث التقدم في المفاوضات خلال لقاء في أنقرة بين وفد إسرائيلي برئاسة مستشار نتنياهو لشؤون الأمن القومي يوسي كوهين، وبمشاركة مبعوث نتنياهو الخاص للمحادثات مع تركيا يوسف تشيخانوفير، والمدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية نيسيم بن شيطريت، وبين مسؤولين أتراك.
وفي هذا السياق كتبت صحيفة "هآرتس" أنه في حال التوصل إلى إتفاق بشأن التعويضات، فمن المتوقع أن تعلن تركيا وإسرائيل عن رفع مستوى العلاقات بينهما، وعن تعيين سفراء في أنقرة وتل أبيب، كما إنه من المتوقع أن تمرر الحكومة التركية في البرلمان مشروع قانون يلغي كافة الدعاوى ضد ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين كان لهم دور في الهجوم الدموي على سفينة مرمرة، والإمتناع عن تقديم دعاوى مماثلة في المستقبل، كما تمتنع تركيا عن النشاط ضد إسرائيل في الهيئات الدولية، وبالمقابل فأن الفجوات بين الجانبين ليست كبيرة ويمكن تجاوزها، وأن الإتفاق جاهز وبقيت فقط كتابة المبلغ، خاصة أن إسرائيل وتركيا ترغبان في طي هذه الصفحة وإعادة العلاقات بينهما إلى سابق عهدها.
وفي سياق متصل إن إعادة العلاقات الى طبيعتها بين تركيا وإسرائيل تحمل في طياتها مفارقة كبيرة لجهة التوقيت، ففي وقت صفّرت تركيا علاقاتها مع سورية ومصر وروسيا والصين وقوى إقليمية أخرى في المنطقة، إذا بها تصفّر مشاكلها مع التهديد الأكبر للمنطقة أي إسرائيل، وهذا يرسم مخاوف جدية ومخاطر كثيرة من طبيعة ما تخبئ له الكماشة التركية ـ الإسرائيلية المتجددة على أعدائهما المشتركين، وهكذا فإن التطبيع الكامل للعلاقات بين تركيا وإسرائيل لا يمكن أن ينفصل عما يجري في المنطقة من تطورات وسيناريوهات تحبك خيوطها وترسمها الولايات المتحدة من أجل إعادة رسم خريطة المنطقة بما يتوافق مع مصالحها، غير إن مصالح البلدين وعلاقاتهما الإقليمية والدولية لن تسمح بتدمير هذه العلاقات التي بدأت بإعتراف تركيا بقيام اسرائيل في عام 1948 والتي تطورت الى شراكة اقتصادية وعسكرية وسياسية يحتاجها البلدان.
فعلى رغم الخلاف بين الطرفين خاصة بعد حادثة مرمرة فإن هذا التحالف بقي قوياً ومتماسكاً وما زال موجوداً حتى الآن، والإشكال الذي حصل في العلاقة تم احتواؤه، وأن الحكومة التركية لم تصل إلى درجة التصعيد النهائي ولم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، أما العلاقات الاقتصادية فقد عرفت طفرة بعد حادثة الاعتداء، فقد ظل حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل ثابتاً عند مستوى ستة مليارات دولار على مستوى الإستيراد والتصدير رغم التأزم في بعض الملفات السياسية، أما العلاقات العسكرية بين أنقرة وتل أبيب، حيث أصبحت عهد أردوغان إسرائيل أكبر مصدر للسلاح لتركيا حيث بلغ صفقات السلاح في عام 2007 حوالى 1.8 مليار دولار، وإرتفعت هذه القيمة لتبلغ 3 مليارات دولار نهاية عام 2012، بالإضافة إلى المناورات العسكرية السنوية بينها مثل نسر الأناضول وعروس البحر، والطامة الكبرى أن بين تركيا وإسرائيل معاهدة تتيح للطيارين الإسرائيليين الطياران فوق المجال الجوي لتركيا 8 مرات في العام الواحد ضمن التعاون الإستراتيجي بينهما الذى بدأ في عام 1958 .
يبدو واضحاً وجود إجماع في الإعلام التركي على ضرورة تحسين العلاقات مع إسرائيل إن شاءت تركيا أن يكون لها دور قوي سواء في الشرق الأوسط أو في عملية السلام المتعثرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولا سيما بعد الانفتاح الأميركي على إيران وبعد تردي العلاقات مع القوى الأخرى في المنطقة سواء مع مصر أو المملكة العربية السعودية.
وبالتالي توجد هناك دوافع تركية وإسرائيلية للمصالحة، فتركيا بصفتها الجار الأكبر بالنسبة لسوريا، فقد أسست أعداد كبيرة من المخيمات للاجئين منذ إندلاع الأزمة السورية، كما أن الحدود التركية السورية الممتدة على 900 كلم، أتاحت هامشاً من الحرية للعناصر المسلحة لتهريب السلاح وتنفيذ الهجمات، وهو ما مثل عوامل عدم إستقرار بالنسبة للمجتمع التركي، لذلك فإن تركيا وإسرائيل تجمعهما رغبة مشتركة في معالجة الأزمة السورية في أسرع وقت ممكن، أما بالنسبة لإسرائيل، فمع الصعود المستمر للقوى الإسلامية في الدول المجاورة بعد الربيع العربي، زاد على ذلك الأزمة السورية والملف النووي الإيراني، فإن التصالح مع تركيا لاشك بأنه سيخفف من ضغوطها الأمنية.
وفي سياق ذلك أرى إنه في حال التوصل الى الاتفاق بين تركيا وإسرائيل سوف يرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين وإعادة السفيرين الإسرائيلي والتركي الى أنقرة وتل أبيب وإلغاء القانون الذي اقره البرلمان التركي حول مقاضاة ضباط وجنود اسرائيليين شاركوا في احداث مرمرة، فضلاً عن أن هناك إرتباط كبير في تكاثف الجهود لإعادة العلاقات لطبيعتها بين تركيا وإسرائيل لمسارها الطبيعي والتحولات الإقليمية الأخيرة في المنطقة والمرتبطة، بإتفاق جنيف بين إيران والدول العظمى.
وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن العلاقة بين تركيا وإسرائيل تشبه في متانتها وعمقها إلى حد كبير العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة فكلاهما لا يستغني عن الآخر على الرغم من الغيوم المتلبدة التي تجتاح سماء العلاقة في بعض الأوقات، كما أن المصالح المشتركة بين أنقرة وتل أبيب تفوق الخلافات الاخرى بما في ذلك الدينية، وهي برأيهم مرهونة بالمصالح الجيوسياسية للطرفين، فتركيا ليس من مصلحتها في الوقت الحالي خسارة الحليف الاسرائيلي بعد أن خسرت حليفها المصري والسوري الذي كان يعتبر الأقوى في المنطقة، وبالتالي ترى إسرائيل المنطقة على عتبة تحول شبه إستراتيجي يحتم عليها إعادة النظر في خريطة تحالفاتها، خصوصاً مع تلك التي تتعارض مع السياسة الإيرانية وفي مقدمتها السعودية.

Khaym1979@yahoo.com

الوسوم (Tags)

تركيا   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   العلاقات مستمرة
قد يبدو للبعض أن العلاقات التركية – الإسرائيلية كانت في قطيعة تامة قبل الاعتذار الإسرائيلي والإعلان الرسمي عن عودة العلاقات بين الجانبين ولكن الشواهد كثيرة على أن هذه العلاقات لم تنقطع أبدا"
ظافر  
  0000-00-00 00:00:00   تكامل الأدوار
جعلت الولايات المتحدة كلاً من تركيا والكيان الإسرائيلي في حاجة دائمة لبعضهما بحكم الموقع الجغرافي وتكامل الأدوار في الصراع الجاري في منطقة الشرق الأوسط منذ عقود وإلى اليوم
غادة فهمي  
  0000-00-00 00:00:00   الحرب ضد إيران
عودة التحالف التركي الإسرائيلي القديم – الجديد، هي تشبه التوطئة لاحتمال الحرب ضد إيران
زهير حافظ  
  0000-00-00 00:00:00   أردوغان
إن أردوغان وبمجرد الاعتذار الإسرائيلي الشفهي بادر إلى إلغاء مطلب المحاكمة الدولية ومجمل ما فعله القضاء التركي بهذا الخصوص بعد أن بذلت المنظمات الحقوقية جهوداً كبيرة في هذا المجال أملاً في محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين
نادية  
  0000-00-00 00:00:00   شروط عودة العلاقات
كان شروط تركيا لعودة العلاقات مع إسرائيل تقديم اعتذار مكتوب موجه للشعب التركي، تعويض أهالي الضحايا، ورفع الحصار عن قطاع غزة والآن اكتفت بالعتذار وخفضت قيمة التعويض وأسقطت شرط رفع الحصار عن غزة
زهرة سماح  
  0000-00-00 00:00:00   عمق العلاقة
هتاك اتفاقيات كثير بين تركيا وإسرائيل تؤكد عمق العلاقة بينهما
تامر  
  0000-00-00 00:00:00   آخر اتفاق
كان آخر اتفاق وقع بين الطرفين في أثناء زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الأخيرة في كانون الثاني/يناير 2010. وحاولت تركيا نفي الخبر إلا أن الصحافة الإسرائيلية قد أكدت التوقيع. ويقضي هذا الاتفاق بحصول تركيا على عدة أنظمة متطوِّرة في مجال الطيران، وتبلغ قيمة العقد 141 مليون دولار، ويتشارك في تنفيذه سلاح الجو الإسرائيلي وشركة ألبت للصناعات الجوية
مرح عجلوني  
  0000-00-00 00:00:00   متانة العلاقة
كشف دور الموساد الإسرائيلي في ملاحقة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان والمساعدة في اعتقاله وإحضاره إلى تركيا ومحاكمته هناك، عمَّق علاقات التعاون بين تركيا وإسرائيل
رشا حامد  
  0000-00-00 00:00:00   العلاقات الاقتصادية
رغم الأزمة التي كانت بين تركيا وإسرائيل فإن التجارة والعلاقات الاقتصادية بينهما استمرت بقوة دون انقطاع
بشار زحلاوي  
  0000-00-00 00:00:00   دور أمريكي
تسعى الإدارة الأمريكية وهي معنية بترتيب المنطقة وعدم إيجاد نقاط مواجهة جديدة حتى تتمكن من التفرغ لمهام إستراتيجية أخرى ترتبط بسياستها الدولية والعالمية الجديدة تلك السياسية التي تقف الصين في مركزها إضافة إلى حالة المواجهة من إيران وكوريا الشمالية لذلك كان من المهم بالنسبة لاوباما تحقيق المصالحة بين اردوغان ونتنياهو وهذا ما صرح به مساعدو اوباما حتى قبل زيارته الأخيرة للمنطقة
سامي  
  0000-00-00 00:00:00   اعتذار
أعلنت كل من إسرائيل وتركيا عودة العلاقات بينهما بعدما قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتذارا إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان عن مقتل تسعة أتراك في هجوم إسرائيلي على مجموعة سفن كانت تنقل مساعدات إلى قطاع غزة في مايو 2010
كنانة هاشم  
  0000-00-00 00:00:00   عداء وهمي
إسرائيل زودت تركيا بعدد من طائرات هارون وطوروا سوياً الدبابة باتون - علاقتهم قوية ولكن أردوغان يختلق عداء وهمي لخداع مؤيديه
جولي بهنس  
  0000-00-00 00:00:00   اسمان للاحتلال
تركيا وإسرائيل اسمان للاحتلال والظلم ومصالحهم واحدة وعدوهم مشترك
وسام  
  0000-00-00 00:00:00   عدو واحد
العدو لتركيا وإسرائيل واحد وهو سورية والمقاومة
مجد رابح  
  0000-00-00 00:00:00   باعت دمهم
تركيا تبيع دم نشطاء أسطول الحرية
أيهم سعد  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz