دام برس:
الكل يهرع إلى جنيف 2 و يطلب من جنيف المدد ، هذا ما تعمل عليهِ معظم التيارات و الإتجاهات بما في ذلك النظام الذي ما زال يردد صباح مساء استعداده للذهاب إل جنيف2 و بدون شروطٍ مسبقة ، و لكن و فوق الطاولة هل كل من يسعى للوصول إلى جنيف يؤمنُ إيماناً راسخاً بضرورة حل القضية السورية حلاً يرضي جميع الأطراف و لا يُظلم فيهِ أحد ، في تصورنا أن الذهاب إلى جنيف يقتضي من الجميع تصفيةُ النوايا ، و عدم التصور بأن جنيف ستتحقق فيه لعبة شد الحبل ، إذا كان هذا ما تعمل لهُ القوى الدولية و الإقليمية فعلى الأقل نأمل من السوريين أن لا ينجرفوا وراء هذه الفرضية ، لأنه ما لم تتحقق في رأينا المصلحة الحقيقية لكل مكونات المجتمع السوري عن طريق الإدراك الحقيقي بأنه لا مناص من أن تتوحد الرؤى ، حتى و لو كانت التقسيمات الجغرافية و الديمغرافية التي عمدتها معاهدة سايكس بيكو التي لجأت إلى تمزيق المكونات الديمغرافية لمنطقة الشرق الأوسط في بدايات القرن السابق ، فإنها من حيث ما لم تهدف إليه أوجدت تواصلاً و قبولاً ما بين كل مكونات الأمم التي تجتمع على هذه المنطقة من العالم ، و إن كانت في مخططاتها الخبيثة قد هدفت إلى إيجاد ألغام جاهزة للإنفجار في أي لحظةٍ تشاء و حينما تحين ساعة الصفر . و ذلك من خلال استغلال الفروقات العصبية و الإثنية و العشائرية و المناطقية ما بين كل هذه المكونات ، لقد استطاعت الأيادي السوداء الوصول إلى تفجير هذه الفروقات في الوقت المناسب و لمصلحة أعداء السوريين للوصول إلى تمزيق سوريا كنقطة انطلاق تصل منها إلى تمزيق كامل المنطقة لتسود فيها الدولة الصهيونية ، فهل هناك من يدرك هذه الحقيقة .
في الحالة التي نعيشها و التي تؤكد أننا أمام حاجة ملحة لفهم الواقع الذي يعيشه النظام و المعارضة في آن واحد ، و الذي يؤكد على وجود تغيم غير محمود العواقب لدىأصحاب القرار ، و جنوح غير مبرر عن جادة الصواب التي تقتضي إعادة القراءة لمايحدث و لما تعرضت له سوريا و شعبها خلال السنوات الثلاث السابقة ، و هذه الحالةتحتم على الجميع إتاحة المجال للنخبة المثقفه و الواعية لكي تضع الحلول المناسبة بماتقتضيه مصلحة الشعب السوري بكل مكوناته بعد الخراب العظيم الذي ألم بالأمة ووشائجها ، لقد بات من المطلوب من الجميع وقفة تأمل و استعادةٍ للذاكرة القريبةِ و البعيدةللعلاقات و الوشائج التي كانت تحكم المجتمع السوري بكلِ مكوناته و ما آلت إليهِ الآن ، والحديث بمصداقية حقيقية عن المسببات التي أدت إلى الحراك السوري الذي انطلق فيآذار 2011 ، و يبدو أنه من الإنصاف لدى المعارضة و الموالاة و الفئات الصامتة إعادة القراءة و التحليل بكلِ شفافية للوصول إلى قناعات أكيدة بأن إنطلاق الحراك السوريكان يمثل مرحلةً وجدانيةً حقيقية دفعت إليها المعاناة الحقيقية لجماهير الشعب السوري والتي اعترف بها النظام و احترم ضروراتها و مصداقيتها و شرعيتها ، و لكن من ناحيةٍأخرى هناك أسئلةُ لا بد من طرحها للشفافيةِ أيضاً ؟ ؟ .
كيف تحول الحراك السوري إلى العسكرة التي رفضتها كل مقومات المعارضة السورية الوطنية التي آلت على نفسها البقاء في الداخل رغم كل الصعوبات و أحياناً المضايقات وأكدت على ضرورة الإلتزام بسلمية الحراك السوري و بمفاهيم المواطنة و السلم الأهلي ،و السؤال الآخر ؟ و قد يكون من المواطنة الحقيقية عدم التساؤل عمن عملَ على إذكاء نار الحرب بين الفرقاء لتصل سوريا إلى ما وصلت إليهِ من تمزق ، و في رؤيةٍ تراجعية هل تصورت مراكز صنع القرار أن المعالجة التي نفذتها للقضيةِ السورية آتت أُكلها أم أنهاأدت إلى غير ما كانت تهدف إليه ، بعد تداخلات القوى الدولية والإقليمية في الشأن السوري .
مما لاشك فيه أن اتحاد القوى الديمقراطية المدنية و جميع المخلصين في سوريا ، يعولون على انعقاد مؤتمر جنيف 2 للوصول إلى الحد الأدنى من التوافق و درء الفتنة و في اعتقادنا إن جنيف 2 يجب أن يكون ممراً حقيقياً للقاء مكونات الشعب السوري في مؤتمر وطني يعقبه يلم شمل السوريين جميعاً و بحضورٍ و مراقبةٍ دولية لإصلاحِ ما تهدم و رأب ما تصدع و إعادة الوشائج ما بين السوريين