دام برس- تغريد سامي يازجي :
افتتح هيشون مؤخراً معرضا للفنان التشكيلي أسامة معلا ,هيشون الذي تميز بكشف هوية الفنانين من خلال احتكاكهم المباشر مع الجمهور في كل الأوقات,أسامة معلا الذي أبهر الجميع بطبيعته الخاصة الممزوجة مابين التواضع والجنون ,هو من مواليد قرية عين العروس في عام 1964,عاش مع الفن منذ الطفولة وأدخلها في مهنته إلا أنه انقطع عشرين عاماً عن الرسم ليبحث عن اللون الذي فقده لكنه عاد معتزلا أعماله واهباً نفسه لجلالة الفن مستخدما أصابعه أداةً خاصةً به في الرسم آبهاً استخدام السكين أوالريشة لأن عشقه وجنونه المكبوت بأفكاره يمنعه التقيد والتقليد ,التقى دام برس بالفنان أسامة معلا في هيشون وكان اللقاء التالي :
كيف بدأت قصة الفن التشكيلي مع الفنان أسامة معلا ؟
بدأت العمل بالفن التشكيلي بألوان فقيرة وهي المواد المتوفرة في كل مكان  من ورد ,غراء ,قهوة ,حصى من البحر ,لذا قررت الخوض بالتجربة بنفسي وأطورها بما يتناسب مع إمكانياتي وأفكاري لأن الفنان عندما يريد تشكيل لوحة فنية  يشكلها سواء من الورد أو غيره ,ثم تابعت العمل بالمائي والزيتي وكانت لي مشاركات بالرسم الصحفي بعدة مجلات عربية ,عملت في مجلة الناقد التي تصدر من لندن لرياض الريس مدة سنتين ونصف وأيضا مجلة الهدف ,كانت تترافق أعمالي مع شعراء كبار كنزار قباني ومحمود درويش .
نعلم أنك عملت كمنفذ لتصميم الغرافيك بعدة مسلسلات سورية هل تحدثنا عن هذه التجربة ؟
بما أن عملي الأساسي الديكور عملت مع شقيقي المصمم أحمد معلا كمنفذ لتصاميم الغرافيك لمجموعة من الأعمال الدرامية منها الكواسر للمخرج نجدت إسماعيل أنزور والزير سالم للمخرج حاتم علي والموت القادم من الشرق ورسائل شفهية للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد ,وكان لنا عمل ضخم لمسرح أوبرا ابن سينا في قطر , وكان العمل تنفيذ ديكور لعرض غناء تراثي في الطبيعة لذا قمنا بخلق مسرح و نفذناه على أرض الواقع .
ما هي المعارض الفردية والجماعية التي شاركت بها ؟ولم لا تحبذ المعارض المشتركة ؟
نعم قمت بعدة معارض فردية وجماعية , كان لي معارض فردية في نادي الأوركسترا وناي في اللاذقية وأيضا في بيروت , وقدمت خمس معارض مشتركة مع مجموعة من الفنانين الكبار من سوريا في حلب ودمشق  ومعرض مشترك لفناني العالم في كوبا ,كما حصلت على جائزة أفضل لوحة عن حياة كارل ماركس .

في الحقيقة لا أرغب المشاركة في المعارض المشتركة بعد اليوم لأنني أعتبر نفسي  فنان صغير يكبر أمام لوحاته ولا يكبر أمام لوحات أي فنان أخر والعكس صحيح .
لماذا هجرت الفن التشكيلي عشرين عاماً؟
هجرت الفن لمدة عشرين عام وتابعت عملي بالديكور, وكان السبب أن
اللون الثمين قد فقد ولم يعد يشبعني اللون بالريشة أو السكين ,ولأن في داخلي ذلك الفنان الشقي قررت العودة إلى الفن بعالم اللوحة التي خطرت في بالي وهي أن الغي الريشة واستعيض بدلاً عنها أصابعي لأرى اللون بجسدي ,لذا رسمت الطبيعة بأصابعي وكان لي معرض بعنوان الرقص بالأصابع .
ما الذي يميز الرسم بالأصابع ؟وما الفرق في استخدامها عن الريشة ؟
هذا النوع من العمل هو أسلوب أسامة معلا لأتميز به عن الفنانين ليكون لي هوية وطابعي الخاص , ولأني أبحث عن اللون الذي يشبعني رأيته يخرج من أصابعي لأعود وأرسم من جديد .
أما الفرق بين الأصابع والريشة عندما نرسم طبيعة يكون الأداة مابين الفنان والقماش الريشة التي لا توصل روح الفنان على القماش بعكس استخدام الأصابع التي تنقل إحساس الفنان من يده على سطح اللوحة مباشرةً,عندما أرسم بأصابعي أشعر بأني أرقص وأغني وأدبك على القماش .
هناك لوحتان فيهما مجموعة من الأشخاص يجتمعون على مائدة ,هل لك أن تشرح لنا هاتان  اللوحتان؟
لوحة المائدة أوحت للجمهور أنها جامعة الدول العربية المتآمرة على البلد  بينما أرى أن الفن أكبر من جامعة الدول العربية,وهي ببساطة عبارة عن  مجموعة أشخاص يجلسون على طاولة واحدة يأكلون ويشربون ويتسامرون مع بعضهم البعض ما عدا وجود زاوية من اللوحة تؤكد وجود لعبة يسلط الضوء عليها,واللون الأبيض والأسود يساعد على تكوين الفكرة التي تدل على الموقف إما أبيض أو أسود .
ما هي اللوحات التي استخدمت تقنية الأصابع ؟وما هي مشاريعك القادمة ؟
كان لدي لوحة الورود الطبيعية (اللوحة الصامتة) بعيدا عن الورود الاصطناعية لأن تشكيل الطبيعة من خلال الرسم بالأصابع يضفي للوحة الكثير من روحي الفني واندماجي مع الألوان يجعل للوحة لون جديد لم يخلق بعد .
هناك فكرة عمل ضخم عبارة عن معرض سنسميه ( قبر كبير) نراه من الداخل وليس من الخارج ,يضم 35 لوحة والهدف هو تشكيل مكان للإحساس انه قبر أكثر منه معرض ,أي طرح ثقافي إنساني أكثر منه معرض لبيع اللوحات .

وكان في المعرض بعض الزوار منهم أصدقاء الفنان أسامة معلا كالآنسة "ميس عبود" خريجة أدب فرنسي التي أدلت برأيها عن أعمال الفنان معلا حيث قالت :
"بما أني على معرفة شخصية بالفنان أسامة معلا أرى في كل لوحة روح تعبر عن نفسها وتعكس روح الفنان أسامة الجنونية الساحرة في تلك اللوحات كما لو أنه في داخل اللوحة ,في كل لوحة جزء من شخصيته تعبر عن داخله , وأهم ما يميز أعماله أنه شامل بعناصر اللوحة ".
أما الشاب "ياسم بسيم معلا" من أقارب الفنان أسامة معلا حيث قال :
"إن لوحات الفنان أسامة معلا مميزة , ففي كل لوحة هناك رؤية ونظرة تختلف عن الأخرى والذي يميزلوحاته خياله الخاص الذي يسرح به بجنون ,وأرى أن أسامة معلا كفنان مستواه الفني أعلى من وجوده في هذه المرحلة ".
وكان من الموجودين أيضا النحات "كرم خضر" الذي شاركنا رأيه عن أعمال الفنان التشكيلي  معلا قائلاً:
"تعتبر لوحات الفنان أسامة معلا من لوحات الفنانين الكبار في الرسم التشكيلي,أعماله دائمة التجدد فنرى في كل لوحة نقلة لعالم يختلف عن الأخر , فهو قادر أن يغوص بأفكار الآخرين و قارئاً جيد لهمومهم ومشاكلهم ويعبر عنها بلوحته وألوانه, أما لوحاته الأبيض والأسود تشعرني بأنها تحتوي على الكثير من  الألوان بإعطاء الأبيض بأكثر من لون والأسود بأكثر من لون ,لوحاته متنوعة فيها كل الحالات محاولاً أن يجعل الفن في فضاء أخر بعيدا عن حياة السياسة والاقتصاد".

ما بين الفن والجنون ,والتواضع والخبرة استطاع الفنان أسامة معلا أن يصنع عالماً خاصاً به يتكيف مع فنه لينسجه من جديد بأصابعه صانعاَ منها أداةً خاصةً به تميزه وتبقى معه مدى الحياة .