دام برس:

هو واجهة الحضارات وعنوان لثقافات عديدة هو مرسال البشرية القديم و الحديث و صلة الوصل الوحيدة التي يتعامل بها كل الأجناس و الأعراق
الفن التشكيلي هو من الفنون العريقة و المشهورة بممارسيها و مدارسها على مر العصور منذ ألاف السنين و إلى يومنا هذا ، إعتمد الفن التشكيلي على إيصال رسالة بصرية معينة تحمل بطياتها قضية إجتماعية ، وجودية ، دينية و إيصال معالم هذه الرسالة لعقل المتلقي و جعله يحللها و يخرج بها بنتيجة مهما كانت ستدل على جمالية هذا الفن و  المتواجد امام ناظريه هو الفن الذي عبر القارات و تناقلت الحضارات  ثقافاتها من خلاله و كان أول الفنون المستخدمة للتواصل بين البشر في العصور القديمة مما جعله واسطة نقل المعلومات و الأخبار من شعب إلى اخر و جيل إلى اخر بالأعمال الفنية التي كانت تصنع

و قد كان الفن التشكيلي فن يعتمد فقط على الحبر و الألوان البسيطة التي كانوا يستخدمونها الفنانين الذين رسموا حججاً لأفكارهم و خططو أعمالهم الفنية و أوصلوا رسائلهم و هوياتهم إلى العالم  على جدران و صخور الكهوف ،   و الجدير بالذكر وجود بعض الاعمال الفنية الملونة بالوان عديدة كالأحمر و الازرق و الاسود في كهف يقع جنوب فرنسا في جزيرة واسكو إضافة الى العثور على بعض المجسمات البشرية التي تعود الى معبد رمسيس الثاني و و قبر نفرتيتي في الأراضي المصرية العتيقة التي تعود إلى الفراعنة، وظهر الفنّ في البلاد اليونانية فيما بعد من خلال رسم الفسيفساء، وانتشرت إلى الرومان، والبيزنطيين خلال القرن الثامن .

و في عصر النهضة كانت المخطوطات المزخرفة إحدى أنواع الفنون التشكيلية التي تصنع من قبل الرهبان خلال العصور الوسطى و ساهم في ذلك  في رفع مساهمة القارة الاوربية أنذاك و اشتهر بتلك الفترة بالقرن الثالث عشر  العديد من الفنانين مثل : ليوناردو دافنتشي - و رفائيل في بداية القرن السادس العشر  - و جيوتو ، و ظهر في تلك الحقبة العديد من المدارس الفنية المختصة التي كان لها الأثر الكبير في تطوير الفن التشكيلي و خاصة في الجزء الشمالي من القارة العجوز إذ برز في هذه المنطقة كل من البلجيكي يان فان ايك و الفنان الهولندي بيتر بروغل الأكبر و الالماني هانز هولبيان.
أما في مرحلة العصور المتقدمة التي كانت في القرن السابع عشر شهدت هذه الحقبة ظهور العديد من الفنانين التشكيلين من البلاد الهولندية ، و كان قد انشهر انذاك الفن المتعلق بالكتاب المقدس و رسم الغلافات و القصص الموجودة به و قد لمع نجم الفنان رامبرانت بهذا المنحى المتعلق بموضوع الكتاب المقدس ، والفنان فيرمير الذي تخصّص في المشاهد الداخلية من الحياة الهولندية، وظهر بعد ذلك عصر الباروك في أواخر القرن السابع عشر؛ حيث شهد العصر تطوّراً كثيراً في الفنّ التشكيلي من خلال استخدام الإضاءة الدرامية والبصرية الشاملة، وخلال القرن التاسع عشر بدأت الانطباعيّة في الظهور من قبل مجموعة من الفنانين الفرنسيين ككلود مونيه، وأوجست رينوار، وبول سيزان؛ حيث جلبوا طرقاً جديدة لصناعة لوحات تشكيلية، وذلك بالإعتماد على المشاهد الواقعية من الحياة العصرية.
و من أشهر مدارس الفن التشكيلي :
1- المدرسة الرمزية :  جاءت هذه المدرسة بعد المدرسة الانطباعية، وتعرف أيضاً باسم المدرسة ما بعد الانطباعية، حيث يعتمد مبدؤها على ترميز الأشياء من خلال الألوان والحالة، ومن أشهر الفنانين في هذه المدرسة، الفنان جيمس وسلر، والفنان دانتي روزيتي، والفنان غوستاف مورو، وغيرهم.

 2- المدرسة التعبيرية نشأت هذه المدرسة عام 1910م في ألمانيا، ويقوم مبدؤها على أنّ الفن لا ينبغي أن يتقيد بتسجيل الإنطباعات المرئية فقط، وإنّما يتوجّب أن يعبّر عن التجارب العاطفية، والقيم الروحية، حيث يدمج الفنان بالدمج بين إحساسه الذي يحمله للحياة وبين طريقته بالتعبير عن هذا الإحساس، ومن أشهر الفنانين في هذه المدرسة، الفنان هنري ماتيس، والفنان هنري روسو، والفنان بيكاسو، وغيرهم.

3- المدرسة التجريدية : يقوم مبدأ هذه المدرسة على تجريد كل ما هو حولنا عن واقعه، ومن ثم إعادة صياغته بطريقة فنية جديدة، بحيث يعبّر فيها الفنان عن إحساسه بالحركة، والخيال، واللون، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ جميع الفناين الذين عالجوا التعبيرية، والانطباعية، والرمزية في أعمالهم غالباً ما مالوا نحو الأعمال التجريدية ، و هنالك الكثير و العديد من المدارس التي اثرت و ساهمت في بناء الفن التشكيلي و جودته و نجاحه بإيصال الصورة و الفكرة المناسبة للناس على مر العصور بدأً من الرسم و النحت على الصخور و جدران الكهوف مروراً بالمراسم و الرسم الورقي انتهاءاً بالرسم التقني الذي ينتشر حالياً في عصرنا هذا و هو ما يطلق عليه الغرافيك ديزاين او التصميم الإعلامي ، لاقى هذا النوع من الفنون الكثير من المدح و الإعجاب و بالمقابل لكل شيء نقيده فكانت الريشة العدو الأول للدين و ما زالت ببعض المجتمعات الرجعية و في القليل من التجمعات المتعصبة لدين أو عقيدة ما و على مر العصور قوبل الفنانون بالهجوم و الردح و الشتيمة لأنهم كانو يكرسون فنهم ليس للمتعة و جني الأموال كان الفن التشكيلي يعالج قضايا وجودية و دينية إقتصادية و إجتماعية وصولا إلى الاستشراف بالمستقبل مثل الفنان الايطالي ليوناردو دافنتشي الذي استشرف وجود الطائرات و المحطات الفضائية من خلال رسائل مبطنة و صغيرة صعبة الفهم في رسماته و أعماله الفنية.
يطلق الكثير من النقاد و الفنانين و الناس عامةً على الفن التشكيلي بأبو الفنون فالكثير من الموسيقين كان إلهامهم لوحة فنية قامو بتأليف مقطوعات عنها أو عن الرسائل التي أوصلتها اليهم ، و كذلك الكُتّاب و الشعراء و مؤلفين سنياريوهات الافلام السينمائية.

على مر العصور و الازمنة جسد الفن الكثير من القصص و الحقائق و التواريخ التي نراها و تروي لنا قصص الشعوب و  الاف الآهات و الإنتصارات و الهزائم من متحف اللوفر إلى أقبية الفاتيكان و زخارف الأموي الى كل ألهة مُثّلت بعمل فني رائع بشوارع روما المدينة الأم للفنون التشكيلية و فنون النحت و العمارة و الصورة.
و كما اختصر الفيلسوف الكبير الالماني فريدريك نيشته الفن بقوله : " لولا الفن و الموسيقا و الشعر لكانت الحياة غلطة شنيعة"

طارق الغلاييني