رشا ريّا - دام برس - اللاذقية :
في ليلة عيد ميلاد سفيرة الشرق للنجوم، ابنة ماردين السورية بحق، شريكة عمر و حلم الرحابنة، وأساس الشيفرة الوراثية لكل بيت سوري، فيروز، أحيت المطربة السورية ليندا بيطار حفلاً غنائياً في مقهى صباح ومسا في اللاذقية، هذا الحفل الذي أضحى تقليداً سنوياً يصرُّ المقهى على إقامته منذ ثلاثة عشر عاماً، وقد تميزت احتفالية هذا العام بوجود الفنان محمد خير الجراح الذي قام بتقديم الحفل مشكلاً حالةً من الفرح العفوي بالكاريزما المميزة التي أحس بها كلّ من حضر الحفل في دار الأسد للثقافة في اللاذقية، يوم الأحد 20 تشرين الثاني.

بإحساسٍ عالٍ، وشوقٍ بادٍ، افتتحت ليندا الحفل بغنائها "شام يا ذا السيف"، اختيارٌ ذكيٌ دفع بجميع من كان في الصالة، إلى حالةٍ من التفاعل، والتأثر الحقيقيين، و بذلك كان التمهيد إلى واحدةٍ من أجمل أغاني السيدة فيروز "جاءت معذبتي"، فبدت ليندا بحضورها الآسر "كأنها الكوكب الدريّ"، ولم تنسى بيطار غناء واحدة من أحدث أغاني فيروز " قال قايل"، كما كان لأغاني زياد الرحباني نصيب في الحفل، فلامس غنائها لاسمع يا رضا الواقع، حيث أنَّ هذه الأغنية بدت للجمهور (والذي كان معظمه من فئة الشباب) كنبوءة تصلُح للغناء على كلّ مسارح هذا الشرق، وللأبد.

ليندا بيطار "الياسمينة الشامية" كما وصفها الفنان محمد خير الجراح تحدثت لدام برس عن هذه الاحتفالية السنوية والتي أضحت جزءً من تكوينها، وشخصيتها فقالت : "جمهور اللاذقية في كل عام يثبت أنّه جمهور عريق جداً، هذا ما يدفعني لتحمّل مسؤولية كبيرة عام بعد عام، خاصةً أنَّ السيدة فيروز أصبحت تعلم بهذا الحفل الذي بات يجمع الكبير والصغير على حبّها، أتمنى أن أكون على قدر المسؤولية وأن أقدم في كل مرة شيء مختلف ومميز".

وإن اعتادت اللاذقية على استضافة هذه الاحتفالية، فإن وجود الفنان محمد خير الجراح لهذا العام، قد أضاف الكثير، "الأيقونة العظيمة، جارة القمر، العصفورة، والعديد من الألقاب التي لا يمكن أن توفيها حقها، لما قدمته للأغنية العربية، ولنا كسوريين على وجه الخصوص، فنحن أكثر الناس التصاقاً بفيروز والرحابنة، وهذه الاحتفالية هي نوع من العرفان لما قامت به هذه المرأة العظيمة من تيار فني فيروزي" حسب تعبيره.

قد اختصرت عبارة " هي منّا وفينا، ورح نبقى سوا"، بصوت الإعلامي سومر حاتم خلال الفيديو الافتتاحي الذي يستعرض أثر فيروز في حياة السوريين، كلَّ ما قيل، ومن الممكن أن يقال عن علاقتنا بهذه الإنسانة، ومن المؤكد أنَّ الجميع يتفق على ما قالته الإعلامية صفاء مكنا "فيروز غنّت كلَّ حياتنا، وهل لكلّ هذا الجمال ما يناسبه إلّا كلُّ هذا الحب؟، وهل من الحب الشفاء؟".
أثبتَ الإعلامي سومر حاتم أنَّ فيروز نمط حياة، و هوية.

وقد كان لدام برس حديثٌ معه فقال : "في السابق لم يكن هناك عنوان لاحتفاليات السيدة فيروز، إلّا أنّه وفي كل عام منذ بداية الأزمة السورية نحاول اختيار عنوان يُمثّل حالة ما، في هذا العام حاولنا الإبتعاد عن البُعد السياسي، والاقتراب من البُعد الاجتماعي، لذلك اخترنا "غني يامدينة" لتصل إلى كلّ المدن والمناطق السورية التي لا يليق بها سوى الفرح"، وفي حديث حول مدى تأثير هذه الفعالية على حياته، عبّر عن حجم التعب الذي يمرّ به أثناء التنظيم، وفي كل مرّة يقرر انها الحفلة الأخيرة، يتراجع عندما يقف أمام الجمهور ويرى الحشد الهائل، عندها يدرك أنّه يستطيع أن يقوم كل يوم بحفلة لسيدة الغناء، وبات في كل سنة ينتظر هذا اليوم، وكأنه جزءٌ من تقليد سنوي.

جذبت فتاةٌ صغيرة، انتباه كلّ من كان ليتبين أنَّ هذه الطفلة ورثت عشق فيروز بالفطرة، وأنَّ اسمها فيروزي، حيث قالت الفتاة الصغيرة التي بقيت تدندن كلّ الأغاني، والتي يبدو أنها تحفظها عن ظهر قلب، رغم صغر سنها أنَّ والداها أسموها "سيلينا" وبدأت تدندن لتسحر قلوب الجميع "رايحين على ساحة سيلينا"، فسيلينا هذه مدينةٌ للحلم، والجمال.
لا يمكنُ لأحدٍ أن يُنكر أنَّ رنة صوت ليندا هي باقة الورد، ولا مجال للشك أنَّ الجميع يُحس قبل أن يفهم أنَّ "الورد منها" فهي الباقية على وعدِ حبّها لحبيبة السوريين الأولى "فيروز"، والتي سيبقى السوريون ينتظرونها تحت الرمانة، وتحت القناطر، وسيبقى عشاقها يُحييون ما علمتهم إياه من نقاء، بالصيف، والشتاء، ورغم انقطاع الكهرباء الذي تخلل الحفل، وستبقى تجبر خاطر كلّ مكسور، مادام كل إنسان له وطن وحبيب .