دام برس - لما المحمد :
لم يرسم بصيغة الآخر بل رسم بصيغته كسبهان آدم ، فكانت أفكاره في متناول الكل بغض النظر عن إيديولوجية و ثقافة الفرد ، الفنان سبهان آدم يتفرد اليوم بإنتاج مستمر في الإبداع بالرسم في فندق "الآرت هاوس" بدمشق بمعرض يقدم فيه 23 لوحة ، في ظل ظروف حياة كابوسية لن تمر سبق في تاريخ هذا البلد ، هو ثابت في مكانه ومتفائل بتغير الظروف نحو الأفضل ، رفض أن يغادر سبهان البلد وسط هذه الحرب الضروس مثلما فعل غيره من الفنانين ، علماً أنّ سبهان آدم بفنه و إبداعه انتشر انتشاراً عالمياً و ليس محلياً فقط ،شارك بالكثير من المعارض على مستوى العالم كان منها اثنين في باريس خلال فترة الأزمة في سوريا و اثنين في بيروت و معرض في لندن و آخر في بلجيكا و مازال مستمراً بالتقديم و الإبداع ، ليقدم اليوم لوحاته المبتكرة بأشكال من خياله الشخصي و رؤياه الكابوسية و التشاؤمية في دمشق و جسدها جميعها بمعاني تدل على ضمير المواطن الحي ، عمل على رسم المسوخ البشرية التي تعكس وحشية إنسان الألفية الثالثة ، وتعكس النزعة التشاؤمية التي اشتهر بها سبهان آدم في المحترف التشكيلي السوري ، بألوان جريئة وكائنات غرائبية للوهلة الأولى.. كئيبة تعكس الواقع الراهن بنفوسه الحزينة ، لكن إذا ما تبحرنا بها نشاهد الردة الفعلية للفنان كإنسان على ما يحدث اليوم في العالم من توّحش ومن سيادة قيم ليبرالية لها علاقة بالاستهلاك و بمحو الإنسان ومحو الشخصية و إفناء الدول الوطنية ، لذلك اليوم كائنات سبهان آدم من الممكن أنّها استشرفت قبل ما يسمى الربيع العربي و استشرفت كل هذا التوحش لتؤكد فعلاً على أنّ هذا التوّحش في الحقيقة كان نتيجة طغيان نمط واحد من العولمة و محاولة أمركة العالم و أخذه إلى أماكن دموية موحشة ، واليوم نشاهد هذا التأكيد على الإنسانية من خلال 23 لوحة متنوعة بألوان وخطوط خاصة بسبهان ، و تعكس تلك اللوحات عالم داخلي غني لدى الفنان ، وهذا الثراء الداخلي يمكن أن نلاحظه سواء في التكوين أو اللعب على عناصر اللوحة أو حتى بالخلفية التي تبدو مازالت سراً عند سبهان آدم .
نظر سبهان للحياة بكل تفاصيلها و مرادفاتها بعين العصفور بعيداً عن القوميات التي تتشاكل ..و رأى حضارات تتصارع ( متخلفة و متقدمة) فلم يخنق نفسه بوضع قومي أو ديني ، و اعتبر أن البشرية بكل ثقافاتها هي ممالك أخرى مجاورة لمملكة رسمه ، و الرسم على حدّ قوله هو الشفافية البالغة التي لا تتشوّه مع الآخر ، و هو الوحيد الذي يمزج بالحالات المتضادة دفعة واحدة ، فبالرسم يصبح الناس المتخاصمين في الحياة متوافقين في اللوحة ، وهذا أمر مسر لسبهان آدم .
أخذ من آلام البلد و أوجاعه و صنع التميز و الإبداع بلوحات تعكس الواقع بشكل مجنون و مأساوي ، فهذه المسوخ البشرية التي بداخلنا يخرجها سبهان آدم للواقع و يظهرها للناس و كأن يقول لهم انظروا إيّها البشر إلى هذه المسوخ و لا تكونوا مثلها