دام برس - لجين اسماعيل :
حرب أرهقت .... دمرت وشرّدت ... حرب تسللّت في أعماقنا وعروقنا .... باتت في كلّ مكان ... إنها " حرب ناعمة " وهكذا كانت في كتاب الأستاذ رفيق نصر الله مدير المركز الدولي للإعلام والدراسات الذي حمل عنوان (ميديا الحرب الناعمة- فن السطوة على الرأي العام ( حيث تم توقيع هذا الكتاب يوم أمس في مكتبة الأسد بحضور عدد من الأدباء والمثقفين .
وفي تصريح للصحفيين أوضح أن هذا الكتاب جاء ليلقي الضوء على حرب خطيرة نواجهها تعد بديلا عن الحرب العسكرية مشيراً إلى خطورة هذه الحرب التي طالت عقولنا .... موروثاتنا ومعتقداتنا ومهدت لفرض وقائع جديدة على عالمنا العربي... كما لفت إلى ما يتناوله الكتاب من مواضيع حيث تطرق في الكتاب إلى ذكر الوسائل التي استخدمها الآخر ضد مجتمعاتنا ودولنا ، الأمر الذي مهد لما يسمى الفوضى الخلاقة من خلال تدمير الجيوش والقرى والانفلات الديني والمذهبي والتناقضي الذي بتنا نعيشه ومن خلال صناعة أوهام لبعض الرأي العام الذي بدا تائهاً في هذه الحرب وأصبح أسيرا لها وربما ضحية لهذه الحرب .
وأشار إلى أن في الكتاب محاولة لتفنيد الاساليب التي استخدمت وما وراءها ... تجنيد الإعلاميين ورجال الدين ... مؤكدا على أن ما يمكن فعله في هذه المرحلة أن نحصّن أنفسنا فما زلنا حتى هذه اللحظة ضمن تداعيات الحرب ... هذه الحرب التي فرضت المشهد التوحشّي فاجتاحت العقول .. وجعلته معتاداً ومألوفاً ... وهنا تكمن الخطورة .
وكان قد ذكر في محاضرة تعريفية قد ألقاها قبيل حفل توقيع الكتاب أن المرحلة التي نعيشها يمكن أن نسميها " قتال الخرائط " الخرائط المتداخل بعضها ببعض فقد سعت الحرب الناعمة إلى إسقاط مفهوم الدولة مهما كان شكلها ... ضربت الجيوش في المقدمة لتحرك وتفتعل الفوضى التي تستبيح التناقضات ... فنحن لم نبني الدولة الوطنية الحديثة بكل مقوماتها وإن كنا في بعض مراحلنا قد تبنينا شعارات وطنية
وقومية ...
وأوضح أنه علينا أن نعترف بأننا قد فشلنا على المستوى القومي في الحصول على الممانعة الحقيقية والحصانة في ظل الانكسارات المتراكمة ... كما لم نطوّر خطابنا القومي ليكون منفتحاً على المتداول باتجاه امتلاك تصورات للغد ... فخطابنا ما زال خطاب الماضي ... ومازلنا نتداول مصطلحات كما لو أننا خرجنا للتوّ من زمن الاستعمار في خمسينيات القرن الماضي .
وأضاف " نحن نعيش حالة انفلات الخرائط التي لا يمكن التقاطها حتى لدى الذين صنعوها ... فمن رسم ملامح هذه الفوضى الخلاقة بات يواجه تداعيات هذه الفوضى .. ويكاد العالم أن يصل إلى لحظة الجنون بالكامل ...لقد تبدل العالم الذي تعولم كما تبدّلت الأدوات وسقطت منظومات ... هذا العالم الذي أنتج ثقافات سياسية منذ بداية القرن الماضي هو اليوم خارج هذه المظلة وفي ظل هذا الفراغ الإيديولوجي سنكون أمام اندفاعات ذات طابع فوضوي فكرياً وسياسياً"
وتابع : " نحن كعرب نبالغ أحيانا في تصوّر القادم دون أن نعيه ...لأننا لا نملكه
... نبالغ في الدفاع عن مفاهيم الموروث السياسي والاجتماعي والديني .. لكننا لم نسعى للخروج من نمطية السائد في ثقافاتنا وفي خطابنا السياسي والديني والاجتماعي ..."
وأكد على ضرورة أن نمتلك ثقافة جديدة للمواجهة تقوم على مفاهيم جديدة ... إضافة إلى امتلاك الوعي الجمعي الحدثوي الرؤيوي حتى يكون بإمكاننا الخروج مما نحن فيه .
كما أشار إلى أننا وخلال السنوات الست للحرب ... لكلّ عام سيناريو خاص .. وإذا نظرنا للواقع اليوم وجدنا أننا سيناريو مختلف للصراع ... يعدّ من أخطر السيناريوهات .
وفي الختام تحّدث عن الممانعة ... فلو كنّا نملك ممانعة قومية .. ولو كان شعاراتنا حقيقية ولو حركنا الشارع بالبعد القومي مع بداية الاحداث ولو امتلكنا الحصانة القومية ما كانت القوى الظلامية اجتاحتنا بهذه الطريقة ولا كانت الحرب الناعمة تمكنت من الدخول لعقولنا والسيطرة عليها وتحويلها وكما تبيّن نحن لم نملك مقومات المواجهة .. وخطابنا المتداول مجرد صدى وردة فعل ... نحن نخطو نحو انحلال ثقافي واجتماعي .