دام برس - تغريد سامي يازجي :

أقيم في هيشون أمس معرض إستعادي الذكرى السنوية الرابعة للفنان الراحل ،الصحفي والشاعر والناقد التشكيلي "زهير غانم" ،الذي عرض فيه جزء من أعماله الفنية بعنوان "أعود الآن من موتي" ,بالتعاون مع جمعية أرسم حلمي الفنية ،وهو من مواليد بسنادا عام 1949م , درس في جامعة دمشق حاصل على إجازة  بالأدب العربي واتخذ من الفن والأدب هواية له وشهرة فأبدع بأربعة عشر ديوان من الشعر ،وقني العديد من اللوحات التشكيلة المتنوعة في الشكل والأدوات والأسلوب التي توجت في معارض بيروت ودمشق في سنوات حياته وبعد رحيله في شهر كانون الأول من العام 2010م ،قررت جمعية "أرسم حلمي الفنية" مع ابنه "مهيار زهير غانم" باستعادة أعماله سنوياً تخليداً لروحه الطيبة أولا ولأعماله الفنية والأدبية ثانياً.

أشار النحات "ماهر علاء الدين" عضو مجلس إدارة جمعية أرسم حلمي بأنه المعرض الأول في اللاذقية للفنان الراحل "زهير غانم "بعنوان "أعود الآن من موتي" وهو ديوان شعر صدر بالسبعينات من القرن الماضي ،والهدف من هذا المعرض استعادة روح الفنان "زهير غانم "من خلال أعماله الفنية وتعريف السوريين على فنان مبدع بالفن التشكيلي والنقد ،الذين هم قليلون جداً من يعرفوه ،لذا أقيمت الفكرة بالتعاون مع ولده "مهيار زهير غانم" ومع الصديق "أحمد موسى" صاحب مقهى "هيشون" لتشكيل المعرض الذي ضم 25 لوحة متنوعة بعدة تجارب من خبرته الفنية منها لوحات بألوان مائية و زيتية ولوحات بالرصاص .

وتابع النحات "علاء الدين" حديثه عن الفنان الراحل وأعماله قائلا : « أخذت أعمالهُ شكل الطابع الرمزي الوحشي , ولم يعرف الفنان "زهير غانم" في حياته في اللاذقية لأنه غادر إلى بيروت وعاش فيها وعرف واشتهر في لبنان كشاعر و فنان وناقد تشكيلي وأدبي ,عندما كنا نلتقي أثناء زيارته إلى اللاذقية كنا نتحدث بالأدب والفن فهو قدم الكثير للحركة التشكيلية السورية إذ كان يستضيف الفنانين السوريين في منزله في بيروت ويكتب عنهم وعن معارضهم في جريدة اللواء اللبنانية ،ويوجد لديه ألاف المقالات بالفن والنقد التشكيلي ,وإقامة المعرض اليوم هو نوع من الوفاء لصديقنا الراحل تخليداً لروحه وأعماله « .

أما ولده "مهيار زهير غانم" تحدث عن حياة والده الراحل قائلاً:« والدي لم يكن فناناً فقط وإنما كان شاعر مهم عرف في لبنان كشاعر وناقد تشكيلي كتب في جريدة "اللواء" كصحفي وناقد للفن التشكيلي والأدب ,بالإضافة لعدة جرائد عربية منها جريدة "الاتحاد" ،"الأيام" في البحرين ،وراسل أيضا مجلة "دبي الثقافية" في الإمارات ,لديه 14 ديوان وأخرها كان بعنوان "عبير الغيوم" نسبةً لصديقته تدعى "عبير" وهي فنانة تشكيلة في لبنان ,وديوانه الأول كان بعنوان "أعود الآن من موتي" اتخذناه كعنوان لهذا المعرض ،ولديه دواوين  أخرى "كصخب الياسمين" نسبة لوالدته "ياسمين" ،"جهة الضباب" ،"زهريات وقبريات" يحكي فيها عن موته الذي كان يتوقعه ،وكتب في أواخر حياته ديوان نثري بعنوان "تدوين النسيان" لكن لم نستطع الحصول على نسخة منه لأنه صدر وطبع في الخليج يتحدث فيه عن سيرته الذاتية وطفولته القروية في بسنادا ،كانت أغلب كتاباته تتحدث عن الموت ,ولديه كتابات شعرية ليست مطبوعة لا تزال موجودة وأنوي في وقت ما أن أنشرها , يقتني والدي أرشيفٌ ضخم من المقالات الفنية والنقدية ،وصدر بباريس مجلتي "الحدث" و"السينما" بالتعاون مع صديقه الصحفي الراحل "قصي صالح درويش" ثم عاد إلى بيروت ،وعمل كمحرر في مجلة مقاربات التي تصدر في بيروت من قبل الحركة الثقافية ،ومدير تحرير في مجلة العواصف في لبنان .

أما من الناحية الفنية بدأ معارضه الأولى في نهاية السبعينات في دمشق ثم تابع معارضه في بيروت بسبب إقامته فيها ،أما الآن باقتراح من جمعية "أرسم حلمي الفنية" اخترنا مجموعة من لوحاته التي جلبتها من بيروت إلى اللاذقية واختير منها البورتريهات المشكلة من الرصاص ومجموعة من تشكيل الطبيعة بألوان الزيتي والمائي ,وكان من المقترح أن يكون المعرض في بيروت لكن نتيجة الظروف تم الاختيار أن يكون في اللاذقية ،عاش والدي في بيروت ثلاثين عاماً لذا كان عمله وشهرته في بيروت أكثر من سوريا والهدف الأساسي من المعرض تعريف الشعب السوري وطلاب الفنون الجميلة بالفنان الراحل "زهير غانم" وبأعماله« .

أما الفنانة التشكيلية "هيام سلمان" رئيسة جمعية "أرسم حلمي الفنية" تحدثت عن الفنان الراحل  قائلة : « لم يكرم الفنان "زهير غانم" في محافظة اللاذقية بسبب غياب أعماله عن أهله في سوريا واللاذقية تحديداً، لأن نشاطاته الأدبية والثقافية كانت تسطع في بيروت لذا جمعية "أرسم حلمي" قررت أن تفتتح معرضاً لأعماله في محافظة اللاذقية لأنه ابن المحافظة ويجب أن تتوج أعماله في بيته لتتعرف الناس عليه وعلى أعماله سواء كان من جيله أو جيل الشباب الجدد لذا كان التنسيق مع مقهى "هيشون" وابنه "مهيار" واخترنا بعض اللوحات من بين الكم الكبير من أعماله واخترنا نماذج تعبر عن تقنيات مختلفة تحكي عن تجربته الحديثة ليراها الناس ويتم تعريفهم على الفنان الراحل "زهير غانم" «.

وكان من الحضور الفنان التشكيلي "عامر ديوب "الذي أبدى رأيه عن المعرض قائلاً : « لاحظنا في المعرض عدة أساليب موجودة من دراسات الرصاص والمائيات والأعمال الفنية تتراوح مابين أعمال الأكرليك والزيتي ،وهناك عدة أساليب تعبر عن مكنوناته الداخلية  رأيتها بعدة أعمال مميزة في هذا المعرض « .

وكان أيضا من الحضور النحات "نزار علي بدر" وأبدى رأيه أيضا قائلاً : « الفنان الذي رحل باكراً ،تشرفنا بإقامة معرض استعادة لذكراه وإبداعه وأدبه وشعره ،هو ابن قريتي" بسنادا" قضى طفولته فيها وترعرع بين أشجار الزيتون وبين زواريبها. كان صاحب روح محبة للناس لذا كانت قضيته التي يجسدها من خلال فنه وإبداعه ،عمل جاهداً منذ صغره بالفن وسافر إلى لبنان وقضى أروع أيام إبداعاته فيها وانتشر اسمه في الأوساط الفنية والأدبية، قدم الكثير من فنه وإبداعه. عرف في لبنان أكثر مما عرف في سوريا لقلة إقامته فيها ،واليوم افتتح له المعرض حضرهُ الكثير من محبيه ،وجد له بصمة فنية جميلة وإبداع شعري وأدبي مميز، وأجمل أعماله  مقتناة ومنتشرة في العالم، الرحمة لروحه الطاهرة « .

أعودُ الآن من بيتي،حزيناً نائباً كالقاع أو وسنان ،مثلُ بداية الفجر المكلل بالضباب ،أعود الآن من موتي وفي وجهي عناقيد من الغضب المعطر بالرغاب ,كلماتٌ تدفقت في كل مكان من ذلك الشاعر المعطر بالفن والإبداع طالت روحه المكان وساقت إلى قلوبنا الذكرى والفخر لذلك الإبداع .