دام برس : متابعة : لينا عليشة

 حافظ الفنان المطرب جهاد الأمير على عراقة الأغنية والتزم بمقومات الأصالة الفنية من حيث اللحن والكلمات والأداء وهو يرفض أن يتخلى عن الأصالة والتراث ويعتبر الفن الذي تخلى عنهما "فنا فاشلا" لا مكان له في المستقبل أو التاريخ.

كما كشف الأمير أن لديه أوبريتا غنائيا جديدا يتناول الأزمة في سورية بأسبابها وتحولاتها بشكلِ منطقي وواقعي ويعتمد على الحقيقة وما يدور في سورية حيث يعمل على ألحان الأوبريت بنفسه معتبرا أن الأغنية الوطنية هي أفضل ما يجب ان يقدمه الفنان في هذا الوقت لأن الفن أسمى ما في الحياة ويجب أن يرتقي حتى يعبر تعبيراً حقيقياً عن معانيها السامية مستشهداً بأغنيته ياوطنا التي يقول فيها: ياوطنا عن حبك لأ ما في حب بيشغلنا بأرض نحنا صحاب الحق ورح تبقى أرضك إلنا

وقال لا يمكن أبدا أن أغني حسبما يريده التيار الحديث من اختلاطات بعيدة عن الطرب والشعر والفن الحقيقي فكثير مما نسمعه يحمل كلمات بعيدة عن الإيقاع ومهشمة بالنشاز وبالمعاني غير المنسجمة مع الذوق الحقيقي لذلك أجد لزاماً علي أن أستمر مثلما بدأت فالتراث هو ذلك الفن الذي أنتمي إليه لأنه يعتبر أساس الفن فأنا غنيت الهوارة والفلكلور والتراث منذ بداياتي ومازلت أعتبر أن الفن والحداثة يجب أن يكونا امتداداً للأصالة والأسس الفنية العريقة.

وأضاف الأمير إن الفنان الذي يؤدي أغنية ويريد أن يكتب لها النجاح والبقاء في الذاكرة الإنسانية عليه أن يعتمد على حبه لوطنه وبيئته والحياة الاجتماعية التي تخص أهله وناسه وهذه الأشياء هي معيار حقيقي للموهبة الفنية حتى ولو كانت المواضيع المطروحة في الأغاني غزلية أو عاطفية أو رومانسية.

ومن المفترض حسب الأمير أن يتحاشى الفنان مخاطر الانزلاق في مهاوي الابتذال والضياع وألا ينجرف وراء الغليان الموءقت لحالات لا تعتمد على الرقي ولا على مستوى الفن الحقيقي لأن هذه الأمور تسهم في تخريب الذائقة الاجتماعية وصولاَ إلى تخريب المجتمع ما أمكن لافتا إلى أن كثيرا من الأغاني أصبحت تعتمد على الاستعراض واللباس والشكل وهذه تزول في أقرب صحوة فنية.

لذلك قال الأمير أنا أنتقي الكلمة بما يجب أن تحتويه من علاقة مهمة ووثيقة بالمجتمع وتؤدي إلى نتائج إيجابية كما أنتقي الملحن الذي يتمكن من تكوين بنية فنية صالحة لأداء أغنية ملأى بالتعبير وحافلة بالنغم الحقيقي وهذا ما جعلني أنتقي الحان إيلي شويري وزكي ناصيف ورياض البندك وزهير عيسى وعبدالفتاح سكر إضافة إلى الفنان وديع الصافي الذي لحن لي أغنية فوق سطوح ضيعتنا والفنان سيد مكاوي وغيرهم من الفنانين الذين لا يقلون مستوى عن هؤلاء.

ولفت الأمير إلى أن مثل هؤلاء الفنانين يمكن أن يكونوا معي أغنية مرتبطة بالتراث والأصالة لأن أساس الطرب وحقيقة الفن هو ذلك الذي يحافظ على استمرار عراقة الفن ويفهم أن الحداثة لا يمكن أن تسقط شيئاً من الماضي.

واعتبر الأمير أن أجمل أغانيه وأهمها بالنسبة إليه هي فارس أنا مغوار بالشدة التي كتبها الشاعر جورج عشي ولحنها الفنان إيلي شويري وأغنية بعنوان عرسك جاي يا بطل كلمات وألحان إيلي شويري لأن هاتين الأغنيتين تمتلكان مدا وطنيا واجتماعيا وإنسانيا وهذا ما يقترب كثيراً من طموحاتي الفنية والإبداعية إضافةً إلى الالتزام الكامل بذائقة المتلقي الرفيع المستوى والاعتماد على التراث القريب من الإحساس والعاطفة.

وقال الأمير لقد تأثرت كثيرا بمن احترموا الموسيقا وحافظوا قدر استطاعتهم على الأغنية الأصيلة واحتفظ لبعض الفنانين بكامل التقدير لأنهم رفضوا انهيار الأغنية السورية والعربية ومن هؤلاء يأتي إلى ذاكرتي الفنان جورج وسوف وملحم بركات ومن العازفين يعرب جبيل عازف البزق إضافةً إلى كثير من نجوم العرب كوديع الصافي الذي رحل والأمة العربية تعتز بمنظومته الغنائية التي لا مثيل لها.

وعن أسباب أغانيه القليلة قال الأمير "لقد هيمنت الآن الأغنية الشعبية الضعيفة بشكلِ خطر واخترقت مبادئ الموسيقا ومن هؤلاء من جعل آلة الأورغ هي الآلة الوحيدة التي تكون حاضرة على الساحة الفنية وهذا غلط كبير برغم انتشاره لأن الموسيقا هي جملة من الأحاسيس التي تلامس الروح والعقل والوجدان وهذا ما بات غير متوافر في عصرنا الراهن".

وأوضح الأمير عندما نهمش بعض الآلات الموسيقية المهمة التي تعتبر أساس الموسيقا ونعتمد حصرا على الأورغ تتلاشى الموسيقا ويتلاشى الفن والإبداع وتبقى الساحة الفنية للطبل والزمر والتحيات والممارسات التي لا تقترب من حقيقة الفن عند إنساننا السوري بشكل خاص والعربي بشكل عام لهذا نحن نقتصر على من يتعاون معنا ضمن حالات الفن الأصيل كالتلفزيون السوري ومجمل قنواته والإذاعة السورية بأنواعها وأقسامها.

وعن مستقبل الأغنية قال "إن ما هو موجود الآن ليس هو إلا فقاعات لا تملك أساس قوة الاستمرار فهي ستزول وتمضي دون أثر وبرغم ما يقدم لها من دعم يستند الى مصالح شخصية وشبكات متنوعة" لا يمكن أن تنافس أبدا أغنية "ويلي لو يدرون" لوديع الصافي أو "خبطة قادمكن عل الأرض هدارة" لفيروز.

وأضاف الأمير لذلك على الفنان أن يثقف نفسه ويحتفظ بتعامله مع التراث ومع الفن الحقيقي ومع الكلمة الصادقة والقوية والمعبرة والتي تمتلك إيقاعاً متماسكاً دون أن يربك نفسه بموجات لا يركبها إلا الضعفاء.

وختم الأمير أما الآن فعلينا أن نغني الآن لسورية ولشعب سورية ولجيش سورية وندع أرواحنا لتصلي عبر الكلمات راجيةً من الله أن يحفظ الجيش والتراب ويترك سورية جميلة بقلوب أبنائها.