Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 21:37:24
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
القصصيُّ العدّاء والتهمةُ العرجاء .. دراسة أدبيَّة نقدية للمحامي منير العباس
دام برس : دام برس | القصصيُّ العدّاء والتهمةُ العرجاء .. دراسة أدبيَّة نقدية للمحامي منير العباس

دام برس:

شاءتْ المصادفةُ أن يلتقي قاصٌّ " سوريُّ المولد " مع قاصٍّ " عربيٍّ سوري " على شاطئ البحر وهنالكَ وجد الاثنان نفسيهما وجهاً لوجه أمام ظاهرتيّ المدّ والجزر .
قال الأول : ها قد احتدم الصراع بين الموج والشاطئ .
بينما قال الثاني : ما أجمل هذا العناق بين الموج والشاطئ .
انتفض الأول وراح ينفخ في فكر وساوسه علَّهُ يجلي " طناجره الصدئة "  في زمن لم يعد يستهلك " صدأ الطناجر " .
وبعدَ أنَّ دسَّ عقلهُ في حبرِ ظلامِهِ أخذَ يقذفُ " القاصَّ العربيَّ السوريّ " بتهمة سرقة مفردات مقولته ، وكأنه استحوذ على براءة اختراع لمصطلحيَّ المدّ والجزر .
هكذا بدأت الحكاية مع " زكريا تامر "  صاحب قصّة " موت الياسمين " ومع " القاصّ العربيّ السوريّ سامر أنور الشمالي " صاحب قصَّة " الدرس الأوَّل " .
ادّعى " زكريّا " أنَّ " سامراً " سرق قصته المذكورة وراح ينعتهُ بعباراتٍ هي وليدةُ " تشبيحٍ  صهيونيّ " استنسخهُ الخريف العربيّ ،  ونحن إذْ نربأُ بأنفسنا عن الدّخول في دياجير عباراته لا نملك أن نقف على الحياد أمام ادِّعاءٍ باطلٍ لا يمتُّ إلى الحقيقة بصلة .
فالقاسمُ المشتركُ الوحيدُ بين القصَّتين يتجسَّدُ في الشَّكل المتمثِّل في المكانُ الذي تحكمهُ ظاهرةٌ فلسفيَّة اجتماعيَّة ثابتةٌ كثباتِ المدِّ والجزر في شاطئ البحر ، ولكلٍّ أن يقرأها بطريقته .
أمّا العمل القصصيّ بموضوعهِ وأدواته فهوَ أقربُ إلى التَّصادمِ بين القصَّتين .
- ففي القصَّةِ الأولى " قصة موت الياسمين "   تتمدد البطلة عمودياً متكئةً على مجداف " الأنا " فوق جماجم الطفولة ، بينما تتمدد البطلة في القصة الثانية أفقياً لتبحر مع الطفولة في أراجيحها متكئةً على براءتها .
- البطلة في القصَّة الأولى " قصة موت الياسمين "  مومِسٌ مارست الفجور حتى عجزت عنه لذا نراها تتوشَّح بعُريِها لتخفي ظلامَ الـ " أنا " فيها ، كما نراها تسيءُ الظنَّ بالتلاميذ منذ أولِ سلوكٍ هم أنفسهم لا يُدركونَ معناه ، ثمَّ تستشعرُ المتعةَ بأناملِ الطفولةِ وهذا مايقوله " زكريا تامر :
(( فانتهز التلاميذ الفرصة، وأخذوا يلتصقون بسلمى، ويلمسون جسدها بأيديهم، ويقرصون لحمها الطري بأصابع نهمة ، فلم تغضب سلمى إنما ضحكت مبتهجةً )) ، بينما البطلة في القصة الثانية " قصَّة الدرس الأوَّل " هي فتاة نقية بريئة تعري وشاحها لتكشف فضيلة " الإيثار " لديها  ، وهذا ما يقوله القاصّ " سامر أنور الشمالي " :
(( ضحكت المعلمة محرجة ولم تشأ أن تساورها ظنون سيئة بالأطفال الذين تجمعوا حولها كسرب جراد جائع يقتحم حقلاً أخضر. .......... بعد محاولات مستميتة نجحت المعلمة في أن تلوذ بالجدار، بعدما تملصت من التلاميذ الذين وقفوا حولها كحلقة محكمة الإغلاق ))
- بطلة القصَّة الأولى دخلت عالم التربية بدافع " الطمعِ بامتهان التَّربيّة والتَّعليم " كغطاءٍ لعالم الفجور الذي استهلك " أنوثتها " ، بينما ولجت بطلة القصَّة الثَّانية أبواب التَّربية والتعليم لتلبي" طموحها بتقديم واجبها الإنساني" في بناء الطفولة .
-  القاصّ " زكريا تامر " ردَّ سوءَ سلوكِ التَّلاميذ وجحدهم الثقافة التَّربويَّة والتَّعليميَّة إلى البيئة المجتمعيَّةِ الفاجرةِ التي ألبسها لبطلةِ قصَّته التي هيَ جزءٌ من هذا المجتمع وهذا جليٌّ في قول القاصّ مدخل القصة :
(( استطاعت سلمى التوظف معلمة في إحدى المدارس إثر نوالها شهادة تثبت أنها ضاجعت 927 رجلاً في سنة واحدة )) ، أما القاصّ " سامر أنور الشمالي " فقد ردَّ سوء سلوك التلاميذ إلى حلقةٍ غير مرئية ولكن يمكن العثور عليها وصيانتها وإعادتها إلى سلسلةِ العربةِ التَّربويَّةِ والتعليميَّة ، وهذا ما أراد قوله من خلال بطلة قصَّته القادمة من روض الكتاب وفيحاء الثَّقافة وطُهر التَّربية ، والتي قال الكاتب على لسانها في مدخل القصة :
(( لقد تحقق حلمها بعد ليال طويلة من السهر وهي تشرب القهوة المرة، وتقرأ بنهم الكتب المكدسة قرب سريرها، فقد نذرت نفسها لتربية أجيال الغد التي ستصنع المستقبل الجميل )) .
واستطراداً نرى أن المعلِّمة في القصَّة الأولى هي جزء من فساد العمليَّة التربويَّة كونها رأت في التربية  والتعليم " مهنةً تحقق مصلحة شخصية " ،  بينما المعلِّمة في قصَّة " الدرس الأول " ليست كذلك كونها رأت في التربية والتعليم " واجباً يحقق مصلحة مجتمعية " .
ومما سبقَ يتبيَّنُ لنا أنَّنا أمامَ قَصصيٍّ عدَّاء ، قصصيٍّ بلغَ سؤددَ المجدِ القصصيّ أو كاد .
ولأنَّ العادةَ جرتْ على مُهاجمةِ السنديانِ دونَ الحطب ، فقد جُوبِهَ " القاصُّ والناقدُ العربيُّ السّوريّ سامر أنور الشّمالي " بهذه التهمةِ العرجاء ، لا لشموخِ السنديانِ فيهِ وحسب ، بل ولأنَّهُ يؤمنُ بوطنٍ لكلِّ أبنائه ، وطنٍ مُعافى من الجراح ، وطنٍ عصيٍّ على التآمر صامدٍ في وجهِ المتآمرين .
وأخيراً ، وكي لا تُكفِّرنا " ببغاوات زكريّا تامر " نوضح التالي :
نحن لا نعيب على " زكريا " أنه - وكما درجت العادة بتسمية المُتدرِّجِ بصنعةٍ ما – بدأَ بأبجديَّةِ (صبيٍّ صَنائِعيّ) ، ولكننا نعيب عليه أنه لا زال يُوشِّحُ شيخوختَهُ بالأبجديَّة نفسِها .
وكذلك لا نعيبُ على " زكريّا " خطواته المُتسرِّعة على سلم الأدب ، ولكنَّنا نعيبُ عليه أنَّهُ مَلَكَ " كتابةَ الأدب "  ولم يملك " الأدب " .

المحامي منير العباس

moneermabbas1960@hotmail.com

 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz