من بين الوثائق - البالغ عددها 250000 وثيقة – والتي أماط عنها اللثام موقع ويكيليكس هذا الاسبوع البرقيات الاميريكية الدبلوماسية التي تسربت حول تفاصيل الاجتماعات بين مسؤلين أميريكان على مستوى رفيع وقادة بعض الدول العربية وعلى وجه الخصوص القادة المعنيين بملف طموحات ايران النووية. لقد لاقت تلك الوثائق العديد من القراءات (المفحمة).
لقد كانت وسائل الاعلام في المنطقة العربية حذرة عند تغطيتها لتلك الوثائق ، بالرغم من ان العديد من تلك الصحف قامت بنشر تلك التسريبات ، وبعضها كان متردداً في نشر تفاصيل الادعاءات التي أوردتها تلك البرقيات ، وفضّل بعضها مناقشة موضوعات تلك التسريبات وفق شروط عامة.
فعلى سبيل المثال فان رئيس تحرير جريدة الشرق الاوسط طارق الحميد وصف تلك التسريبات على انها " أزمة بالنسبة للولايات المتحدة" وشكك بدقة المعلومات وعائدية تلك التقارير:
يجب أن نأخذ بالحسبان بأن كل شيء كتبته السفارات الاميريكية هو ليس بوقائع فبعض تلك التقارير أخذ خارج سياق الكلام. وبعضها الآخر تضمن تحاليل ، وبعضها الآخر للاطلاع ، والبقية ليست سوى وجهات نظر وليست سياسات واقعية. وبالنسبة للمفاوضات غالبا ما تكون صريحة وخاصة عندما تكون سرية بين البلدان قبل ان تاخذ تلك البلدان قرارات سياسية مصيرية.
وفيما يتصل بموضوع ايران فان السيد الحميد يستبعد القيام بمناقشة الملاحظات التي ابداها الملك عبد العزيز والتي تتعلق بمطالبته بالقيام بعمل عسكري اميركي ضد ايران ووصفها بانها ليست بذات قيمة.
من جهته ناقش السيد حسام ايتاني في صحيفة الحياة اللندنية اليومية بان تلك التسريبات تُظهر قلق اميركا حيال ايران والذي يساعد في ايضاح استرتيجتها في الشرق الاوسط.
ان المراسلات بين المبعوثين الاميريكيين والدبلوماسيين توضح بان الولايات المتحدة ترى بطهران الفريق الوحيد الذي يُنافس الولايات المتحدة في مخططاتها بوضع اطار لخطة شاملة [للشرق الاوسط] و[للمنطقة]. في الوقت الذي يُسّر به اولئك الذين يدعمون التاثير الايراني بالشرق الاوسط لسماع ذلك التحليل فانه يشير ايضا الى حقيقة ان العالم العربي بمشكلاته وشعبه ليسلا وببساطة على الرادار الاميريكي. ومع بعض "الهندسية العكسية" يمكننا ان نبدا بفهم استراتيجية اميركا بالمنطقة والمبنية على احتواء ايران.
المعلق الصحفي بجريدة السفير اللبنانية السيد نور الين وصف تلك التسريبات بانها " فضيحة لما للكلمة من معنى " موجها اللوم لاميركا على الضرر الذي احدثته تلك الوثائق لحلفائها بالمنطقة. حتى الان ان الشيء المتاح وبشكل مباشر لا يَفضح اية اسرار او يَحُل اية معضلة غامضة بل يُقدم صورة واضحة وعفوية عن الولايات المتحدة.
لقد أماطت تلك التسريبات اللثام عن أوجه الدبلوماسيين الاميريكيين - والتي لبسوها أثناء محادثاتهم - والتي ازحيت باللحظة التي بدا بها الدبلوماسيون الاميريكيون كتابة تقاريرهم الى رؤسائهم.
بالكويت ، صحيفة الوطن وعلى لسان السيد احمد يوسف الدايج الذي أبدى بعض الشك حول دور الولايات المتحدة في تلك التسريبات. لا أحد يعرف حقيقة تلك التسريبات التي أجراها موقع ويكليكس. ويذهب السيد يوسف الى طرح بعض الاسئلة مثل: هل يُعقل بان الولايات المتحدة بعظمتها وقوتها لا تستطيع ايقاف موقع ويكليكس والملايين من وثائقه؟ وهل قام الاميريكان بنشر تلك التسريبات لغاية محددة في انفسهم؟ أم أنهم غضوا الطرف عن تلك التسريبات؟
بالاردن ، صحيفة الدستور وعلى لسان السيد عمر كلاّب فقد كان موقفه ذا سمة دفاعية عن دور الاردن بالمنطقة مثلما تم تصوير مواقفه بالبرقيات مؤكدا على الموقف الصعب الذي وجد الاردن به نفسه بين العراق وفلسطين. لقد اثبتت الوثائق مرة اخرى بان دور الاردن كان مخلصاً لشعبنا ولتاريخنا. انه الدور الذي يتمسك بالمباديء والهوية والتي بدورها تدعم مصلحة البلد. لا اعتقد بان أي انسان يستطيع ان يقول للدبلوماسيين الاميريكيين ما نستطيع قوله لهم بالاردن على الاقل وفقا لما تقوله الوثائق.
وعلى اية حال مثل هذه الصراحة وربما وبكميات قليلة مستقبلا تُنبا بفهم جديد للحذر في المناقشات الديبلوماسية مع اميركا بعد ظهور تسريبات ويكليكس. هذا ما جاء على لسان السيد نواف ال ثاني في صحيفة الراية القطرية.
يوسف كامل الرفاعي