دام برس :

كتب سعيد شرف ..

عندما تنفجر الأنثى غيرةً فإنها حقاً لا تعرفُ ماذا تقول وكيف تتصرف , لأن النصف الأيسر من المخ يتعطّل بسبب عدم إنتاج الدوبامين , كما تتوقف الأحكام السليمة في الفص الأمامي الجبهي" . بهذا الأسلوب وبغيره من الأساليب العلميّة "شرَّحَ" الدكتور عماد فوزي الشعيبي البنية السيكولوجية والنفسية والهرمونية للأنثى , وفكَّك جزءً من الشيفرة المعقدة لشخصية الأنثى عبر ترجمةٍ علميةٍ لأساليب تفكيرها , ورصدٍ دقيقٍ لردّات فعلها وانفعالاتها التي غالباً ما يراها الرجل غير مبررةٍ أو يجهل تفسيرها على أقل تقدير .

لم يدّخر الدكتور الشعيبي جهداً في رتقِ فجواتٍ عدة عابتْ الصورةَ التي طالما اعتاد الرجل على تكوينها عن الأنثى بشكلٍ عام , ففي كتابه الأخير "كيف تفكّر الأنثى؟" استطاع الدكتور عماد ملامسة عدَّةَ خفايا عبر تفسيراتٍ فيزيولوجيةٍ و بيولوجيةٍ وعضويةٍ ونفسيةٍ واجتماعيةٍ للأنثى عبر تفصيلٍ للفوارق البنيوية بين الجنسين , حيث ناقش الكاتب عدة مشاكل ومفاهيم خاطئة تواجهها المرأة خلال فهمها لذاتها علاوةً على تلك التي يواجهها الرجل في فهمه لصنوف التفكير الأنثوي والتي يدفعه جهله بها إلى الحكم المسبق هو وغالبية أبناء جنسه وإقرارهم عبثاً بسلبية الجنس الآخر بناءً على قاعدة "الناس أعداء ما جهلوا" دونما الخوض في غمار البحث في خبايا تكوين هذا الكائن اللطيف والمخيف .

ربما تكمن القيمة العلمية لكتاب "كيف تفكّر الأنثى؟" في جرأة الكاتب على الولوج عضوياً في دماغ الأنثى وكسره لنمطية المؤلفات التي يقتصر فيها التحليل والمقاربة على الجانب النفسي من حيث مناقشة ناتج تصرفات الأنثى وتحليل ردّات فعلها دون الرجوع إلى العوامل الهرمونية والنفسية المسببة والدوافع والوقائع التي سارت بها للقيام بتصرّفٍ معينٍ لا تفسير له .

ولعلَّ أبرز القضايا الجدلية التي ناقشها وحللها الدكتور الشعيبي في كتابه هذا هي قضية تذمّر الأنثى بإلحاحٍ أو ما يُعرف بالاصطلاحات المحكيَّة بالـ "نَقْ" وما ينتج عنه من انقطاعٍ لدائرة التواصل بين الذكر والانثى , بما أنَّ الـ "نق" يعدُّ أحدَ أبرز المشاكل التي يعاني من سلبيَّة آثارها الرجال كونهم الحقل الطبيعي الذي تُفَرَّغ فيه هذه العادة السيئة المتعارفةُ عند معظم النساء , كما سلط الكاتب الضوء على أنماط مختلفةٍ من الإناث كـ "الأنثى المُستَرجلة" وغيرها من الأنماط وذلك عبر سردٍ علميٍّ مدروسٍ وتبويبٍ واضحٍ يُسهّل على القارئ رصْفَ الأفكار وتنسيقها بشكلٍ يضمنُ سرعة ودقة انحلال المعلومة في الذهن , مع الاستعانة في بعض الأحيان برسوماتٍ توضيحيةٍ واقتباساتٍ بإطاراتٍ هندسيةٍ تُسهم في جذب القارئ البَصري وتساعده في المقارنة المنهجيَّة بين الجنسين كي يصل إلى فهمٍ متكاملٍ لطريقة تفكير الأنثى الحدسيَّة وكيفية منحِها الشعور الذي يُقيِّمها بشكلٍ مناسبٍ من حيث الجماليات والمواءمة والتناسب كما أراد الكاتب .

بإمكاننا تصنيفُ هذا الكتاب كنتاب إبداعيٍ تبعاً لعدَّة عوامل هي الفَرَادةُ في الطَّرح و السَّرد والتصنيفِ والمحاكاة , إضافةً إلى ازدياد عدد قرّائه الذين بغالبيتهم بمجرّد الانتهاء من قراءة صفحة الكتاب الأخيرة وصلوا إلى توصيفٍ دقيقٍ لـ "كيف تفكّر الأنثى" وشرع كلٌّ منهم في بناء استراتيجيته الخاصة لتحويل نص الكتاب إلى ممارساتٍ عمليةٍ تساعدهم بالضرورة في الانتقال إلى مرحلةٍ جديدةٍ في التعامل مع إناث مجتمعهم كزوجاتٍ أو أخواتٍ أو أمهاتٍ أو أصولٍ أو فروعٍ أو محيط .