Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 00:10:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
خيارات داعش ما بعد الهزيمة في الموصل والرقة
دام برس : دام برس | خيارات داعش ما بعد الهزيمة في الموصل والرقة
دام برس:

في حرب لانمطية كالتي تحصل، لا يمكن اعتماد قواعد التحليل التقليدية في مقاربة متغيرات حركة الجماعات الإرهابية، حيث تبنّت هذه الجماعات اسلوب الحرب المتنقلة كأسلوب بديل في حالات إخفاقها بالسيطرة على الجغرافيا بشكل دائم، إضافةً الى اعتماد اسلوب المسميات المختلفة لتأمين هامش مناورة يرتبط بشكل اساسي بمسألة تقبل البيئات الحاضنة المحتملة والأخذ بعين الإعتبار خصوصية كل بيئة.

إنّ أحد شروط الإنتصار على هذه الجماعات الإرهابية هو التفكير بعقلها وفهم تركيبتها وبنيتها وأماكن حركتها وتوقع تكاثرها في البيئات الملائمة لها، وهو أمر يحتاج الى إطلالة تفصيلية على وثائق هذه الجماعات وأهمها برأيي: المذكرة الإستراتيجية لعبد الله بن محمد وإدارة التوحش لأبي بكرناجي، وهما وثيقتان متوفرتان ويمكن الرجوع اليهما لتبيان أنّ جزءًا كبيرًا من حركة انتشار هذه الجماعات قد تحقق فعلًا استنادًا الى ما جاء في الوثيقتين، وهو الأمر المرتبط بحركة الجماعات المباشرة وليس بخلفية القوى الداعمة لها سرًّا أو علنًا.

من المؤكد أنّ "داعش" بشكل خاص في طريقه الى الإنتهاء عسكريًا في العراق وسوريا، وهو أمر يرتبط بالفترة الزمنية حيث يسير التنظيم باتجاه خسارة اكبر معقلين له وهما عاصمتا "الخلافة" الموصل والرقّة وفي توقيت متزامن، وأنّ مسألة خسارته لباقي مناطق سيطرته في العراق وسوريا هي مسألة وقت وقد نكون أمام تحول دراماتيكي يودي بنا الى رؤية مشهد غير متوقع لجهة اختفاء اي أثر لـ"داعش"، وربما الذهاب باتجاه خيارات متعددة سيكون التوجه الى لبنان والأردن وتركيا وسيناء ضمنها.

أمّا لماذا لبنان والأردن وتركيا وسيناء، فهو ما سنبيّنه ولكن بعد إطلالة سريعة على طبيعة المرحلة الحالية حيث نعيش متغيرات كبيرة في تموضع "داعش" بشكل اساسي وهزيمته المرتقبة في العراق، والتي تحاول اميركا إعاقة تحققها بشكل سريع عبر تعقيد ظروف المواجهة بانتظار الحصول من الحكومة العراقية على امتيازات مستقبلية ترتبط بفعالية وتأثير دورها في العراق والمنطقة، وهنا قد يطرح البعض سؤالًا تقليديًا: هل يعني ذلك أنّ أميركا هي التي تدير "داعش"؟ والجواب: نعم الى حد كبير، وهذا يستدعي تشريح المشهد الحالي في محيط الرقّة وقبله في المنطقة الممتدّة من إعزاز الى جرابلس وفي تدمر أيضًا.

ما يحصل الآن في محيط الرقّة واضح لا بل شديد الوضوح لجهة تحكُم أميركا بالعمليات، فـ"داعش" الذي يواجه الجيشين السوري والعراقي بشراسة ينسحب أمام "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من أميركا، رغم أنّ ميزان القوى وتحديدًا في العنصر البشري يميل لمصلحة تنظيم "داعش" إضافة الى امتلاكه ظروف الدفاع والإستحكام.
ما يحصل الآن في محيط الرقّة يذكّرنا بما حصل منذ شهور حيث بدأت "قوات درع الفرات" المدعومة من تركيا عملياتها ضد "داعش"، ولم نرَ معارك حقيقية يمكن ذكرها حينها حيث كان "داعش" ينسحب ويسلّم الأرض بسهولة لـ"قوات درع الفرات"، في حين أنّ المواجهة كانت شرسة عند تخوم مدينة الباب فقط والسبب برأيي ارتفاع منسوب التجاذب الأميركي - التركي، وهذا ما يورّط أميركا أكثر في موضوع التحكم بـ"داعش" ولكنه لا يبرئ تركيا التي قدّمت الكثير من التسهيلات للجماعات الإرهابية والتي يمكن أن تتجه اكثر باتجاه الداخل التركي، فكما كانت تركيا طريق عبور هذه الجماعات الى العراق وسوريا من الطبيعي أن تتحول الى ممرّ مغادرة وبقعة إستقرار في ظل الظروف الجديدة.

تدمر ايضًا تشكّل مثالًا لمؤازرة تقنية تلقاها تنظيم "داعش" لا يمكن ان يقدمها إلّا الدول الكبيرة التي تمتلك انظمة الملاحة الحديثة، حيث وصلت قوات "داعش" الى مواقع الجيش السوري ضمن ظروف طقس ورؤيا سيئة اعتمدوا فيها على المسير ضمن ممرّات مدروسة دون أي خطأ، وهذا ما شكّل عنصر المفاجأة الذي أدّى الى السيطرة على تدمر قبل تحريرها أخيرًا.
الكارثة الحقيقية برأيي تتمثل بنظرة أميركا المعلنة لطبيعة الصراع القائم حيث تتبرأ من كل افعالها وادوارها في وصول المنطقة الى الوضع الحالي، فهذا جيمس ماتيس وزير الدفاع الأميركي يعتبر أنّ "داعش" هي محصّلة مزيج بين حزب الله وتنظيم القاعدة، وهو بالتأكيد إتهام يتنافى مع الوقائع وكذب يدحضه تبني اميركا لتنظيم القاعدة وتدريبه وتسليحه في افغانستان بمواجهة الإتحاد السوفياتي.

إضافةً الى ذلك، يعتبر ماتيس أنّ الرئيس الأسد هو من أطلق الحرب في سوريا، وهو أمر آخر لا يمت للحقيقة بصلة ويتناقض مع منطق توالي الأحداث والمواقف وخصوصًا منها الأميركية المرتبطة بمشروع الشرق الأوسط الجديد، وعماده "الفوضى الخلّاقة"، وهو ما يتماهى مع نظرية "إدارة التوحش" التي تعتمدها الجماعات الإرهابية لتحقيق السيطرة.
بمعزل عن تبعية الجماعات الإرهابية للمخابرات الأميركية، وهو أمر يحتاج الى الكثير من التفنيد والإيضاح، ولكنه يشكل بالنسبة لنا منطلقًا نبني عليه المواقف بفارق أننا في قلب الصراع كمستهدفين دولًا ومواطنين، ومن يستهدفنا هو الذي اطلق إعادة تجديد آليات وأدوات الهيمنة.

السؤال المطروح الآن وبجدية: هل استكملت أميركا من خلال "داعش" في العراق وسوريا الخطوات الأولى لمشروع التفكيك والتقسيم؟
الجواب: نعم تسير أميركا بخطى مدروسة وبأدوات طيّعة، فـ"داعش" أدّت دورها في تعميم الفوضى، والإنفصاليون الأكراد يدغدغهم حلمهم في إقامة كردستان الكبرى أو العظمى بحسب البعض والتي ستشمل في المرحلة الأولى كردستان العراق والأجزاء التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" في الشمال السوري.

حتى اللحظة، استطاعت اميركا أن ترسم خطوط صدّ بمواجهة الجيش السوري وحصلت على قاعدة الطبقة الجوية، وهي من أكبر القواعد الجوية في سوريا كبديل محتمل عن قاعدة انجرليك التركية حيث تسير الأمور بين أميركا وتركيا من سيء الى أسوأ.
وفي خيارات داعش وانطلاقًا من التطورات، بات مؤكدًا أنّ انتشار "داعش" الّلاحق باسمه أو أسمائه سيكون حيث يخدم مشروع التفتيت والتقسيم الأميركي، وهنا لا بد من التذكّر أنّ الهدف الأخير لـ"داعش" هو بحسب المخطط الأميركي "الأرض المقدسة" في المملكة السعودية، حيث الخزّان الهائل للنفط، ولكن الوصول الى الهدف يجب أن يمرّ بتفكيك كل الجوار ومن ضمنه الأهداف اللاحقة المباشرة في تركيا ولبنان والأردن.

الملفت للنظر هو ما نشره موقع "ديبكا" حول توجيه رسائل تحذير أميركية لرئيس الجمهورية اللبنانية حول مخاطر جديّة تنتظر لبنان، وهو أمر لم يتم التصريح عنه ويبقى برأينا مرتبطًا بالتمنيات الصهيونية حيث يلتقي القادة الصهاينة والأميركيين في النظرة والموقف باعتبار حزب الله خطرًا كبيرًا على استقرار الكيان الصهيوني ووجوده والدور الذي يلعبه الحزب في سوريا لناحية عرقلة المشروع الصهيو – أميركي، وهو ما يمكن أن يدفع اكثر من اي وقت الأمور باتجاه خلق صراع في لبنان تتوفر ظروفه بقدر كبير حيث التجاذب المذهبي، وحيث البؤر المحتملة المُحضّرة نفسيًا ولا ينقصها إلّا المال والسلاح اللذَين يمكن توفيرهما بسرعة في حال توفر حملة السلاح.

موقع "ديبكا" أشار الى الشمال اللبناني ومنطقة صيدا حيث يمكن توفير بيئة ملائمة لحركة الإرهاب قد تكون كامنة في المراحل الأولى ولكنها ستكون بغاية الخطر اذا ما توفّر لها جسم قيادي وحالة تنظيمية، وهو ما سيشكل حالة خطرة خصوصًا أنّ الرسالة التي أرسلها ميشال سليمان وامين الجميل وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام الى القمة العربية هي خطوة خطيرة جدًا تضع لبنان في حالة الإنقسام، حيث ركّزت الرسالة على رفض المرسلين وجود حزب الله في سوريا وسلاح المقاومة متناسين احتلال "داعش" و"النصرة" لجزء من الأرض اللبنانية وكذلك "إسرائيل".

في الأردن القريبة من المملكة السعودية، لا تحتاج الجماعات الإرهابية كبير عناء في تشكيل قوتها حيث الكثير من الظروف الملائمة وحيث يمكن دفع الأمور نحو الصراع ضمن التوقيت المناسب، إضافةً الى أنّ الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين بحسب المخطط الأميركي.
وكذلك الأمر في تركيا وسيناء حيث الكثير من التناقضات التي يمكن استثمارها ودفع الأمور فيها نحو الهاوية.
هذه القضايا لا بدّ من مقاربتها تباعًا في بعدها التقني المرتبط بالمتغيرات، وهو ما سنركز عليه في المقالات اللاحقة.

إنّ كل ما تقدّم يرتبط بما ترغب به أميركا وهو لا يعني انه سيحصل، وإن حصل فإنه سيستقر ويثبُت فنحن تكلمنا عن عنصر من عناصر الصراع وهي أميركا وأدواتها، ولم نتكلم عمّا يقوم به المحور المقاوِم للهجمة وهو ما سنخصص له مقالة منفصلة.

عمر معربوني

 - ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
بيروت برس

 

 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2017-03-29 18:48:37   دورة عبو اليسي
هذه الدورة تقع في الموصل وقد أسسها جدي نايف عبو اليسي وقد قام ببناء أول كنيسة للسريان (التابعة للبطريك في سوريا) في منطقة موصل الجديدة وبناء بيوت وإعمارها. وقبل أيام تعرضت هذه المنطقة لأبشع أنواع القصف بالطائرات من التحالف وبالهاونات من داعش وراح المئات صحية هذا الإجرام ولكن بقيت الدورة محافظة على أشجارها الخضراء ولم تتأذى بشيء. وكل ما أقوله هو وين أيام زمان؟ الله يلعن أمريكا وأبو أمريكا واللي يتعامل مع أمريكا.
نوفل  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz