Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 14:25:34
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الرسالة سورية والتوقيت روسي: ممنوع دخول ‘‘الباب‘‘

دام برس :

علي حسون
لم يكن من قبيل المصادفة غالباً أن يستهدف سلاح الجو السوري موقعاً تركيّاً شمال مدينة الباب السورية في 24 تشرين الثاني، الذي يوافق نفس اليوم الذي أسقطت فيه أنقرة طائرة "سو 24" الروسية فوق الريف الشمالي للاذقية قبل عامين، ففي صراع الإرادات المحتدم فوق الأراضي السورية منذ أكثر من خمس سنوات، لا شيء يحدث اعتباطياً، وقلما يمر أي حدث وخاصة بهذا الحجم من دون الإلتفات إلى مدلولاته والرسائل التي يحملها على أكثر من صعيد.
ماهي الرسالة التي تم توجيهها مع الضربة السورية التي قتلت ثلاثة من جنود الاحتلال التركي وجرح عشرة آخرين كما أعلنت أنقرة بنفسها؟
كانت رسالة الغارة الجوية، المرسومة بالدم التركي، تقول بما لا لبس فيه إن حدود وقواعد الاشتباك قد تتغير في أي وقت، وإنه ممنوع تجاوز الحدود "المسموح" بها وإنّ "الباب" ممنوعة على أي قوة غير الجيش السوري.
إذاً، جاءت الضربة الجوية السورية بالقرب من مدينة الباب، وما سبقها من قول وفعل سوريين، لتضع سدّاً أمام المياه التركية الجارفة في سورية لتمنع انجرافها نحو الأعمق.
فالسوريون ومعهم الروس يعرفون أن أردوغان الذي استغل في لحظة ما، أولويات وانشغال الحلفاء في مكان آخر، لا يمكن المراهنة على عقلانيته التي أثبتت الحرب السورية أنها ضرب من الخيال.
ورغم الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي حاولت دمشق وموسكو إيصالها إليه في أكثر من موقف ومناسبة بخطورة توجهاته، إلا أنه كان في كل مرة يثبت بأن ما يقوده هو الوهم والأطماع لا الواقع والإمكانيات وأنه لا يقيم وزناً للتعهدات إلّا إذا أجبر على ذلك.
الرسالة الأولى المباشرة جاءت إثر قصف جويّ تركي لقرية حساجك الواقعة تحت سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" وسقوط عدد من المدنيين فيها. يومها "20 تشرين الأول" حذّر الجيش السوري في بيان الطائرات التركية في حال تكرار الاختراقات، ليتبع ذلك بيان آخر بعد يومين يُحمّل أنقرة "المسؤولية الكاملة عن التداعيات الخطيرة التي قد تترتب على أمن المنطقة"، على خلفية دخول قوات ومدرعات تركية إلى الأراضي السورية.
المزيد من الرسائل من دمشق وحلفائها وصلت بعد أيام حين أغارت مروحية سورية على نقطة لـذراع تركيا العميل "درع الفرات" في قرية تل جيجان، ما أدى الى مقتل 3 عناصر منه.
لحقت هذه الغارة في 24 تشرين الأول تحذير عالي النبرة من "قائد العمليات الميدانية لقوات الحلفاء للجيش السوري" إلى أنقرة، بعدم الاقتراب من نقاط الدفاع في ريف حلب الشمالي والشرقي، متوعّداً بردّ "قوي وحازم في حال تخطّي الخطوط الحمراء".
لكن تركيا بدت مصمّمة على "الزحف" وغزو المدينة واضعة نصب عينيها استكمال مسافة الـ5 آلاف كم التي يهدس بها أردوغان منذ خمسة أعوام، وهي كرّرت مراراً عزمها على السيطرة على المدينة. وأردوغان كان واضحاً في التعبير عن هذه النية في أكثر من مناسبة: "الهدف المقبل" للعمليات هو مدينة الباب، ثم "الهدف الثاني هو مدينة منبج".
ويعتبر هذا أول تماس مباشر بين الجيش السوري والقوات التركية "المحتلة" منذ بدء عملية "درع الفرات" لكنه ليس الأول منذ انطلاق الأزمة السورية، ذلك أن دمشق أسقطت في العام 2012 طائرة إف 16 تركية على خلفية اختراقها للحدود السورية فوق اللاذقية.
ويعني هذا التماس الجديد أن دمشق كانت جادّة في التهديدات التي أطلقتها قبل أسابيع حول إسقاط أي طائرة تركية تخترق الأجواء السورية، أو تتجاوز "الخطوط الحمر"، وهو ما توعّد به الرئيس بشار الأسد في أكثر من مقابلة، كما يعني من جهة ثانية، أن الأوضاع في محيط مدينة الباب على وشك أن تشهد تصعيداً جديداً، فرئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم هدّد بالرد على مقتل جنوده.
وأنقرة باتت تشعر أنه جرى استدراجها إلى فخّ مُحكم في المنطقة، وهي لن تكون قادرة على الخروج منه إلّا عبر تفاهمات كبرى مع مختلف الأطراف المؤثرة في الحرب السورية، وعلى رأسها روسيا، وبالتالي ستكون مضطرة لدفع أثمان هذه التفاهمات سواء في حلب المدينة أو في منطقة أخرى، كالرقة. وفي حال عدم الوصول إلى هذه التفاهمات، فلن يكون البديل سوى التصعيد العسكري مع هذا الطرف أو ذاك.
ما من شك أن الروس غطّوا بداية الدخول التركي إلى الأراضي السورية، لكن ذلك كان لهدفين رئيسيين: الأول هو لضرب إسفين بين تركيا والولايات المتحدة التي كانت تحاول الموازنة بين حليفيها التركي والكردي في لعبة لا يمكن الموازنة فيها، وهنا جاء الروسي ليفتح الطريق للتركي بالدخول ومنع الأكراد من الذهاب كلياً في مشروعهم التقسيمي بدعم أميركي وغربي، في ضوء انشغال الجيش السوري وحلفائه بمعركتهم الأهم في حلب.
أما الهدف الآخر فهو إدخال تركيا في حلبة الصراع كلاعب على الأرض وليس كمحرك من الخلف، ما يعني انغماس التركي في المستنقع ودفع الثمن مباشرة، وهو ما حصل بالفعل، وما يمكن أن يتكرر في كل وقت ما دامت أنقرة مصرّة على عدم فهم التوازنات والمضي في مخططاتها وأطماعها.
اليوم، يقف الأتراك على مفترق طرق صعب وخطير: فإما عدم استخلاص العبر من الرسالة السورية الروسية الأخيرة والمجازفة بدخول الباب مهما كلفت من أثمان، وهو ما لا طاقة لأردوغان على تحمّله في ظل انشغالاته الداخلية والضغوط الأوروبية على نظامه. والأهم من كل ذلك أن عدم سماع رسالة الغارة الجوية، ومواصلة العمل لتحقيق ما حذرت منه قد يستتبع، على الأرجح، تدحرجاً نحو مواجهة مع الجيش السوري قد تدفع بدورها إلى مواجهة مع روسيا.
فموسكو، التي كادت أن تصطدم مباشرة بالولايات المتحدة بعد التهديد الأميركي باستهداف الجيش السوري، لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الجيش التركي ولديها كل الوسائل لزجره.
أما إذا ما قرر أردوغان التصرف بواقعية والامتناع عن غزو المدينة، فهذا معناه أن عملية "درع الفرات" ستفقد قيمتها وهدفها من دون السيطرة على المدينة التي تكفل قطع الطريق أمام الأكراد لوصل كانتونات إدارتهم الذاتية.
أمام هذين الخيارين السيئين قد يلجأ أردوغان إلى سلوك طريق ثالث في حال تحققت ظروفه، بالاتجاه شرقاً، نحو الكرد، وأن تحل منبج مكان الباب.. الأمر الذي ينذر بمزيد من المواجهات المباشرة مع الكرد.
لكن، وبما أن أردوغان أثبت أن ما يسيره هو الأوهام والمطامع فإنه من غير المستبعد أن يقدم على ما يمكن أن يكون "خيارات متطرفة" عبر المراهنة على القوة، من دون الالتفات إلى قدرة الآخرين وإرادتهم وقوتهم، عندها قد يتحول المشهد إلى ما يحذّر منه كثيرون: صراع عسكري إقليمي وحرب لن تقتصر على الإقليم!.
عاجل الاخبارية

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz