Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 00:10:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
حلب ام المعارك العسكرية وبوابة الحل السياسي

دام برس :

بعد المنحى الايجابي الذي خيم على الملف السوري ميدانيا وسياسياً، برزت مؤخرا  حالات مقلقة . المفاوضات في جنيف تعثرت والوفد الرئيسي للمعارضة علّق مشاركته، الھدنة انھارت أيضا بطريقة دراماتيكية في حلب وريفھا، تركيا رفعت حجم ومستوى دعمھا لفصائل المعارضة. إيران دفعت بتعزيزات الى الميدان السوري . في المقابل شككت أميركا في نوايا بوتين وما إذا كان يستخدم المفاوضات لإخفاء دعم عسكري جديد للنظام السوري، وروسيا ارتابت أيضا من أوباما بسبب التفاھم الجانبي الذي أبرمه مع أردوغان.

هذا التغيير من جانب الأميركيين أرجعه مراقبون إلى حسابات وأسباب مرتبطة بالوضع الأميركي الداخلي والانتخابات الرئاسية، الأمر الذي أدى الى التزام غير كامل بالتفاھمات المبرمة مع الروس الذين يدرسون كيفية التعامل مع الوضع المستجد ويتشاورون مع الإيرانيين الذين  ارسلوا وفدا عسكريا الى موسكو برئاسة وزير الدفاع. كما بدأ الروس يبدون تشدداً في موضوع المفاوضات وإدخال تعديل على وفد المعارضة المفاوض وإلحاق جيش الإسلام وأحرار الشام بـ"داعش" و"النصرة" كتنظيمين إرھابيين، والتشدد أيضا على الأرض من خلال العودة الى التفكير بالخيارات العسكرية .  

هذا التدهور بالملف السوري جاء بعد تطورات أوحت بإمكانية الانتقال من المسار العسكري الى المسار السياسي، وأن ظروف الحل السياسي قد نضجت بعد قيام تفاھمات أميركية - روسية (كيري-  لافروف) متكئة على أول قرار دولي يصدر في شأن سوريا (قرار مجلس الأمن رقم 2254 )،  أعلنت وقتها روسيا انسحابا جزئيا وتقليصا لقواتھا الجوية، متزامناً مع  انطلاق مفاوضات "جنيف 3". كما أعلنت ھدنة شاملة تحت عنوان وقف العمليات العسكرية، وجرى تطبيق ھذه الھدنة على نطاق واسع ومعقول وصمدت لأسابيع، مما أتاح إدخال مساعدات إنسانية من جھة وتعزيز فرص العملية السياسية من جھة ثانية...
هنا، نتساءل عن أسباب هذا التغيير، ماذا حصل كي يحدث ھذا التحول في الأجواء ويتم "استئناف الحرب" في سوريا؟!
مصادر مطلعة تحدثت عن حدوث اختلاف  بين القوى الفاعلة :  الروس تقدمت لديهم الحسابات السياسية على "العسكرية". وأعطوا أولوية للعملية السياسية في جنيف معتبرين أن تدخلھم العسكري حقق ما يكفي على الأرض من أوضاع داعمة لرؤيتھم وخطتھم للحل السياسي، وأنھم نجحوا في استقدام الأميركيين الى "سقفھم السياسي"، ولابأس إن سايروھم في مطلبھم الداعي الى تھدئة اللعبة مع تركيا وعدم الوصول معھا الى تصادم. وھذا ما فرض عليھم تحويل مسرح العمليات من حلب الى تدمر حيث القتال ضد "داعش" ، الأمر الذي لا يعد انتھاكا للھدنة ومتفق عليه مع الأميركيين...

فسقوط تدمر لم يشكل تطورا استراتيجيا وإنما كانت له قيمة رمزية ومعنوية. وقد أدى الى إنعاش معنويات الجيش السوري والى حصول ترحيب دولي بھذا الإنجاز الذي استعاد مدينة تاريخية أثرية وكان خطوة في الاتجاه الصحيح "ضد داعش،  كما أدى سقوط "القريتين" في ريف حمص الشرقي، الى تعزيز الموقع التفاوضي للنظام على طاولة جنيف، وتحديدا ما يتعلق بطبيعة المرحلة الانتقالية وإبقاء مسألة الرئيس الأسد خارج التفاوض. لذلك أراد الجيش السوري مع حلفائه تثمير معركة تدمر ومواصلة الھجوم في اتجاه دير الزور القريبة من الحدود العراقية، لكن الروس لم يجاروا ھذا التوجه انسجاما مع توجه أميركي غير راغب في فتح ملف الحدود السورية  العراقية في ھذه المرحلة، وفي إعطاء النظام السوري مكاسب إضافية...
في المقابل استفادت المعارضة من الھدنة لإعادة تنظيم صفوفھا والحصول على أسلحة نوعية وشن ھجوم مضاد لاستعادة ما فقدته بعد التدخل الروسي، ومن جھة ثانية، كانت واشنطن تفتح خطا جانبيا مع أنقرة وتتفق معھا على الحد من دور الأكراد العسكري وعلى منعھم من ربط منطقتھم الحدودية مقابل أن تتولى تركيا دورا فاعلاً في محاربة "داعش" عبر فصائل إسلامية وتركمانية موالية لھا، ولهذا فإن معركة أردوغان  ضد "الكردستاني" في رأيه لا تنفصل عن موقف تركيا من "حزب الاتحاد الديموقراطي" في سوريا. فإعطاء دورأساسي لأكراد سوريا ضد "داعش" يعزز "حزب العمال الكردستاني"، وھو ما لا تريده تركيا.

لذلك حاولت أنقرة استغلال الوضع لصالحها، وكان ذلك واضحاً عبر تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الذي أعلن أن:" تركيا اتفقت مع الولايات المتحدة على نشر بطاريات صواريخ أميركية مضادة للصواريخ على حدودھا مع سوريا خلال شھر أيار المقبل، لمواجھة عمليات القصف المتكررة التي يقوم بھا تنظيم "داعش" وتستھدف الأراضي التركية." كما أكد على ضرورة دعم المعارضة المعتدلة للقضاء على "داعش" من خلال تقديم دعم جوي وبري عبر الحدود التركية للمعارضة السورية المعتدلة". وفيما يخص المنطقة الآمنة قال:"إن أوباما صرح أخيراً بأنه لا يعارض فكرة المنطقة الآمنة، وألمانيا توافقنا الرأي في ھذا الإطار، بات ھناك تفھم أن تركيا على حق في ما يخص المنطقة الآمنة والموضوع السوري، لكن لم يفھموا ذلك إلا أخيرا".

من هنا يبدو واضحا أن واشنطن تريد إقامة توازن جديد على الأرض يكبح جماح الرئيس الأسد ويحد من الشروط الروسية في التسوية، فأوباما يريد قبل مغادرته البيت الأبيض أن يجمد الوضع في سوريا على قاعدة مقبولة، أكثر مراعاة لمصالح واشنطن وحلفائھا وأقل خضوعا للشروط الروسية، بعدما تأكد له أن التوصل الى حل سياسي في الفترة المتبقية من عھده لم يعد ممكنا...
هذا الانطباع السلبي الذي خيم على الأزمة السورية دفع  مسؤولين غربيين إلى الاعلان، عن "تلاشي التفاؤل الذي كان سائداً في بداية العام على الجبھات الثلاث: الإنسانية، العسكرية، السياسية" بسبب تراجع ادخال المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة وخروق الھدنة وتصعيد العمليات العسكرية وإعلان مسؤولين سوريين بدعم روسي نية "تحرير حلب"، اضافة الى انسداد مفاوضات السلام وانسحاب تدريجي لوفد "الھيئة التفاوضية" من جنيف.

لذلك سعت باريس إلى محاولة العمل على إقناع المنسق العام للھيئة العليا للمفاوضات بالعودة إلى طاولة المحادثات، لأن غيابھا يستغله النظام وتستغله المجموعات الأخرى الموجودة في جنيف".
من جهة اخرى يتجه التركيز الغربي – الإقليمي العام نحو انتظار الإدارة الأميركية الجديدة خصوصاً أن بعض ھذه الدول "فقد الأمل" من أوباما، على عقد مؤتمر "المجموعة الدولية" لإعادة الروح الى الھدنة واستعادة التسھيلات امام ادخال المساعدات الى المناطق المحاصرة، اضافة الى الاتفاق على مبادئ سياسية و"نماذج للانتقال السياسي" بحيث توضع على طاولة المفاوضين السوريين في جنيف في النصف الثاني من أيار المقبل.

وحسب أوساط متابعة  للوضع الميداني في سوريا، فإن الاستعدادات الھائلة التي قامت بھا الأطراف الحليفة للجيش السوري من قوات إيرانية وحزب الله وعراقيين، والمدعومة بالطائرات والسلاح الجديد والدقيق من روسيا، توحي بأن ھذه الأطراف تستعد لمعركة كسر عظم في المرحلة المقبلة. فالروسي لم  يكن مستعجلا استئناف الحرب. لأنه خلال الفترة الماضية حاول  جذب دول خليجية وجماعات سنية والكرد الى جانبه لكن الوضع بات ملحاً الآن.  لأن موسكو وحلفاءھا شعروا بأن ثمة فخاً كان يراد نصبه لھم. وذلك وفق معلومات دقيقة وردت إليهم  بأن الھدف الغربي والخليجي كان تحرير الموصل ورمي كل الإرھابيين في المناطق السورية المحاذية.  فيجد الروسي نفسه متورطا في حرب تقارب أتون أفغانستان بالنسبة للسوفيات.
 في النهاية الوضع في سوريا يزداد صعوبةً وتعقيداً، وعاد مجدداً الى أتون الحرب، بعد انھيار الھدنة التي باتت واقعا على الأرض، فكل شيء يوحي بأن العمليات العسكرية القادمة ستكون أكثر عنفا وشراسة من السابق، وستكون حلب "أم المعارك". فلقد تغيرت الآن الاستراتيجيات، ولعل اللقاءات الإيرانية –الروسية- السورية ھذه الأيام تحضر لشيء ما.  خصوصا إذا ما فشل التفاوض نھائيا قبل رحيل أوباما.
العهد - سركيس ابو زيد

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz