Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 15:51:17
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
حدود الممكن بالنسبة لـ’’داعش’’

دام برس :

لعل احتلال "داعش" لمساحات شاسعة من العراق وسوريا، والسهولة النسبية التي تم بها، هو أكثر ما يثير الريبة ويعزز التساؤلات التي يطرحها الجميع، والتي أربكت المواطنين والصحافيين والساسة على حد سواء، حتى بات البعض قابلاً لتصديق أن تنظيماً مرفوضاً من قبل الأغلبية الساحقة من السكان، يحارب جيشين ويتعرض لقصف من قبل تحالفٍ دولي تقوده الولايات المتحدة، يمكن له أن يصمد، بل يتوسع، من دون دعمٍ مستمرٍ عسكرياً ومخابراتياً ومالياً.فمن الذي يغذي "داعش"؟ ومن الذي يحاربه فعلياً؟ وما هدف هذا وذاك؟ هل كل ما يجري يندرج في إطار "خطة" أميركية لتقسيم المنطقة والسيطرة عليها؟ وبالتالي هل الفوضى الحالية محسوبة النتائج، أم أن ما يحدث هو شيء آخر؟ وأنه ليس بالضرورة أن تكون الأحداث والمواقف تسير وفق خطة دقيقة الإحكام؟وخلافاً لما قد يبدو لكثيرين بحكم الأمر الواقع من قدرة كبيرة للتنظيم على الانتصار في المعارك وكسب مزيدٍ من الجغرافيا، لا يمكن لتنظيم "داعش" المحافظة على بقاء "دولته" بالصيغة الحالية التي تحكم مدناً كبرى ومناطق كبيرة، وسكاناً كثيرين.وتعود استحالة بقاء دولة "داعش" إلى عدة عوامل، ترتبط في أولها وفي آخرها بطبيعة العقيدة الدينية الإلغائية التي يحملها التنظيم، والتي لا ترفض حقوق الآخر فحسب، بل إنها ترفض وجود الآخر وحقه الأول بالحياة.
وعليه، فإن ما يبدو من تراخٍ للقوى الدولية القادرة على هزيمة التنظيم، وما بدا لفترةٍ طويلة من استرخاء للقوى الإقليمية التي تغذيه، لا يعدو كونه إدراكا لحقيقة فرص "داعش" الضئيلة في الحياة تحت شمس هذه المنطقة.إن طبيعة المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو البغدادي، بمعظمها صحراوية أو مدينية، تغيب عنها التضاريس الصعبة، وباستثناء بعض المدن، فإن الكثافة السكانية غير عالية في مناطقه تجعل القيمة السياسية لسيطرته في حدود قليلة الأهمية.إن مقومات الدولة القابلة للحياة في هذا العصر غير متوافرة في حال دولة "داعش".
 وإذا ما تجاوزنا وجود المساحة الجغرافية، وسيطرته على مساحات وفيرة منها، والقدرات العسكرية والأمنية، إضافةً إلى العقيدة الدينية التي تدفع بمقاتليه إلى الجبهات بغزارة وتصميم؛ والمساعدة اللوجستية التي يتلقاها من الدول المستفيدة من وجوده في المنطقة اليوم، يمكن القول إن كل المقومات الأخرى لاستمرارية التنظيم غير موجودة. حتى أن التنظيم لا يتلقى دعماً سياسياً معلناً من أي من القوى الإقليمية، وممارساته مدانة من قبل الجميع، بمن فيهم الدول التي تسهل لمسلحيه الانتقال إلى مناطق الاشتباك في العراق وسوريا.
وعليه، فإن إقفال الحدود السعودية-العراقية، والتركية-السورية، بجدية ومسؤولية، يطلق العداد الزمني لزوال "داعش" بما لا ريب فيه، ويلغي قيمة العاملَيْن الأكثر حسماً في تمدده، وهما: البروباغندا الإعلامية لوحشيته والتي تساهم في كسبه لمعارك من دون قتال، والعقيدة المتطرفة والإلغائية التي تدفع بمقاتليه إلى الجبهات طمعاً بتحقق وعود المعبّئين الدينيين في التنظيم بمكاسب أخروية، هي عبارة عن ممنوعات الدنيا بالنسبة لهم.ويستند هذا الرأي إلى عدم قدرة التنظيم على دخول المدن الأكثر أهمية من الناحيتين السياسية والسكانية، وخسارته لمعارك عديدة حول هذه المدن.
ففي سوريا، لم تتمكن أي من التنظيمات المتطرفة دخول العاصمة دمشق، ومدينة حمص ذات الأهمية الفائقة وسط البلاد، بالإضافة إلى عدم قدرتها جميعاً على بسط سيطرتها على حلب، بالرغم من قرب هذه المدينة من الحدود التركية، وسعي حكومة العدالة والتنمية بإصرارٍ لإسقاط حلب. وبالتالي، فإن بقاء داعش – في أحد أهم أسبابه - مرتبط بقراءة العقل السياسي والعسكري في دمشق وبغداد وطهران للأفق الزمني للمعركة من جهة، وانتخابهم للطريقة الأمثل لتخفيف الأكلاف المترتبة على المعركة النهائية مع التنظيم؛ مع حسم مسألة زواله.

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz