أمام هيئة المحكمة العسكرية برئاسة رئيسها العميد الركن الطيّار خليل ابراهيم، وقف السوري عامر محمود حمدان لاستجوابه بتهمة الانخراط في عصابة مسلّحة تهدف إلى ارتكاب الجنايات والقيام بأعمال إرهابيّة والتدرّب والتزوّد بالأسلحة والمتفّجرات وتحضيرها ثمّ تفجيرها وحيازة أسلحة حربيّة غير مرخصة واستعمالها وتداولها.
وإلى جانب حمدان، وقف أكثر من 9 مدّعى عليهم في القضيّة نفسها المتّهم فيها (بعضهم صدر بحقّه مذكرات توقيف غيابيّة) وهم من السوريين: أسامة حمدان، حسام أبو حلق، معتصم أسامة حمدان، ومن اللبنانيين: حسن حسين رايد، عبد القادر عبد الفتاح، عصام عبد الحميد الأطرش، سامي أحمد الأطرش، أيمن عبد الحميد المجذوب، حسن صالح الحجيري، أحمد عبد الكريم حميد، عماد محي الدين حمدان، أنس خالد المجذوب، وفراس فايز زيتون. تهمّة هؤلاء هي التحضير لأعمال إرهابيّة، وتحديداً استهداف صهاريج المازوت على طريق المصنع ومواكب لـ «حزب الله» متجهة إلى سوريا عبر زرع متفجرات.
في البداية حاول حمدان (مواليد الزبداني) أن يتهرّب من الاستجواب، مطالباً بجلسة سريّة لا يكون فيها باقي المتهمين «الذين سرعان ما سيبلغون المعارضة السوريّة عندما أدلي بأي معلومات أنني متعاون مع مخابرات الجيش حتى أصير مطلوباً للمعارضة».
كان يفترض أن يقرّ حمدان ببعض ما لديه بشأن التحضير لهذه التفجيرات، إلّا أنّه نفى علاقته بالأمر وذهب في اتجاه آخر باعترافاته ليتبيّن بأنّه من أهمّ تجّار السلاح العاملين على خطّ لبنان – سوريا عبر أكثر من معبر حدوديّ غير شرعيّ. وليست عمليّة التهريب الأخيرة إلى سوريا (قبل توقيفه) لكميّة كبيرة من السلاح وصلت إلى مبلغ 200 ألف دولار أميركي تتضمن أسلحة خفيفة وثقيلة وذخائر (أكثر من 5000 طلقة سلاح)، إلّا دليلاً على تورّط ابن الزبداني بعمليات التهريب.
كان حمدان، المتزوّج من لبنانية (مجدل عنجر) يهرّب الأسلحة على أنواعها من دوشكا وأر. بي. جي وبنادق وذخيرة وغيرها، عبر بلدة معربون، حيث يسلّمها إلى أحد المهربين العاملين معه ويدعى أبو علي كرم لتوصيلها إلى أحد السماسرة في سرغايا الذي يوصلها بدوره إلى الزبداني. ولكن وبعد محاصرة الزبداني وطلب المسلحين كميّة كبيرة من الأسلحة اضطر الموقوف السوري إلى تغيير مكان التهريب، إذ قام بتسليمها إلى أبو علي كرم الذي ذهب بها إلى شبعا، فيما كان دور حمدان «كشّاف طريق»، إذ قاد سيارة سبقت كرم للتأكّد أن «الطريق آمنة»، وأوصله إلى راشيا، وهناك أكمل كرم طريقه نحو شبعا وسلّم الأسلحة إلى أحد السماسرة الذي نقل الأسلحة إلى بيت جنّ، ومن هناك تمّ إدخالها خلسةً إلى الزبداني المحاصرة.
وكان حمدان على علاقة مع عدد من تجّار الأسلحة، الذين أوقف بعضهم ومنهم نادر السيّد وخالد زحلان وأحد العسكريين (كان على حاجز عرسال) الذي كان يساعدهم على التهريب ويلقّب بـ «الكرومبي». في حين كشف أن الأسلحة كان يرسلها إجمالاً إلى «كتيبة حمزة بن عبد المطلب» في الزبداني، إذ كان على علاقة مع نائب زعيمها عبد الرحيم خليفة.
ولم يكتف حمدان بتهريب السلاح بل قام بتهريب جرحى من سرغايا وبيت القاق عبر عرسال، و «كنت آخذ على الراس حوالي 300 دولار»، لنقلهم إلى مستشفيات المنطقة. في حين نفى الموقوف أن يكون على علاقة بما كان ينوي تحضيره ابن عمّته وصهره الموقوف أسامة حمدان وابن شقيقته عماد حمدان، الذي وصفه بأنّه سلفيّ وكان يشاهده يحمل الأسلحة وقال عنه في استجوابه الأوّل أنّه خبير متفجّرات، مشيراً إلى أنّه علم أنّ الأخيرين كانا يحضّران لـ «عمل أمني مجهول» إلا أنّه نهاهما عن القيام به. أمّا الموقوف أسامة حمدان، فنكر إفادته الأوليّة واعترافات عدد من الموقوفين بأنّه كان يعمل على تأمين مواد للمتفجّرات طلبها الموقوف حسام أبو حلق المعروف بـ «أبو دياب» لإيصالها إلى قائد المجلس العسكريّ لـ «الجيش السوري الحرّ» في الزبداني عمار البيلاني المعروف بـ «أبو الطيّب». وفي التفاصيل، فقد أعطى أبو حلق ورقة مكتوبة بيده إلى حمدان المعروف بـ «أبو محمّد» و «أبو زيد» لتأمين: 300 صاعق كهربائي، 4 ربطات فتائل سريعة وبطيئة و1000 كبسولة صيد ولوحات نحاس.
وبالفعل، ووفق اعترافات الموقوفين و «داتا» الاتصالات، فقد أمّن «أبو زيد» المطلوب لإرساله إلى «أبو الطيّب» لكنّه لم يستطع تأمين لوحات النحاس، وقبض سعر «الطلبيّة» 2400 دولار أميركي من «أبو الطيّب» عبر أحد العاملين معه، فيما أشار في إفادته الأوليّة (التي نكرها) أنّ عامر حمدان هو من ساعد على تأمين هذه الطلبات.
في حين نفى «أبو زيد» الأمر وتراجع عن إفادته الأوليّة، ولفت الانتباه إلى أنّه يعرف «أبو الطيّب» بأنّه دكتور في الزبداني وليس عسكرياً، وهو توجّه إلى «أبو دياب» لمساعدته مادياً، مضيفاً إنّه قصد لبنان لإجراء عمليّة في عينيه. كما أنكر «أبو زيد» أن يكون ابنه مسؤولاً في المعارضة السوريّة ومقاتلاً في الزبداني وأنه طلب منه تأمين مواد أوّلية للمتفجّرات لا سيّما البارود الخشن الذي لم يستطع تأمينه لأن سعر الكيلو يفوق الـ30 ألف دولار. ونفى أيضاً أن يكون قد تحدّث مع عدد من الأشخاص في منزل عصام الأطرش، حيث قرروا أن يزرعوا عبوات ناسفة «لنصرة الثوار».
وبعد الاستماع إلى الموقوفَين الاثنين، رفع العميد خليل ابراهيم الجلسة لاستكمال الاستجواب إلى 22 نيسان المقبل.